الشيخ عبد الجواد الشرقاط

( مكانك في الصفّ فارغ )

 

داعية فقدناه

2015 - 1934

فجعت لفرط فراقك الإخوان 

وتأججت بقلوبهم نيران 

خلٌّ وفيٌّ ساكن متواضع 

بمكارم وفضائل مزدان

خُلقا وخَلقا كنت فينا آية

كالشمس ليس يعوزها برهان

في كل قلب من فراقك لوعة

وبكل عين مدمع هتان

ماشيعوك وإنما قد شيعوا

فيك النزاهة أيها الإنسان

صف الصلاة به مكانك فارغ 

تبدو عليه ضراعة وحنان 

كلمات قالها الشاعر العراقي وليد الاعظمي

والفقيد أصله من العراق من بلده شرقاط.

كنت مريضا يزورني الأحباب وافتقدته قالوا مريض فذهب المريض ليزور مريضا فتلقانا ببشره المعروف وهش وبش

كان في ذهني أن أدعوه لجلسة القرآن الكريم وقد اقترب موعدها 

وإذ يدخل عليّ فجأة أخوة أحباب من كليس جاءوا للتعزية بوفاة اخ عزيز كريم

والشكر موصول لهم على حضورهم .

هزّ كياني وأنار وجداني وكاد الدمع يفضح مابي .. هيا إلى مكان التعزية.. حملت نفسي حملا ورجلاي تكاد لا تحملني منذ أيام جئته زائرا

واليوم أتي به معزيا ؟؟؟؟

ياللهول ويا للمصاب الجلل ؟؟؟

بناء الدعوة بموته تصدع 

والشمعة التي كانت تضيء درب الدعوة انطفأت !!!

وإنطوت صفحة أمجاد وعمل لهذا الدين في زمن قل الدعاة وتكاثرت عليهم سهام البغي والظلام 

فأخرج من التعليم مع من فصل من ملاك التربية والتعليم فأفكاره رجعية تفسد جيل الشبية والطلائع ؟؟؟

فكان نصيبه موظفا في المالية !!!

وهاهم أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله .

في آخر لقاء لي مع الفقيد شكا إليّ هموم العيش وقسوة الغربة وحنينه إلى ميدان الدعوة..

ذكر لي أيام العز والقوة يوم كان يخرج على دراجة صغيرة أو ماشيا على قدميه إلى قرى الشمال من مدينتنا يدعو إلى الله على بصيرة .. 

يرشد الحيارى وينير الدرب .

لم يكن ذا عمامة كبيرة ولكن ذا إيمان عظيم بدعوة عظيمة اعتقل لأجلها مرات

يدعو إلى الله على بصيرة وإلى التوحيد على يقين.

كيف لا وهو خريج الخسروية

قلعة حلب في العلوم الشرعية فاستنار ذهنه وتغذى قلبه بعلوم الأعلام في الفقه والحديث والتفسير وعاد إلى بلده يحمل همّ الدعوة إلى ما آمن به وتغذى منه .

ثم تابع في معهد إعداد المعلمين والتحق بعدها في الجامعة كلية الحقوق 55 

غادرنا للسعودية مدرسا من 74 حتى 79

ثم عاد إلى مدينته مدينة الباب مدرسا في مدرسة قتيبة الباهلي .

على صغره ونحافة جسمه كان يعلو منبر الجامع الكبير في الباب صارخا قال الله 

وقال رسول الله صلى مولانا عليه يتناوب هو والأخ محمد حسني الحاج عبد الله .

واستغرب أهالي البلدة أن يعظهم شباب 

أيفاع يجيدون عرض دينهم ويقدمونه للحيارى غذاء قلب ورفد عقل .

كل الاحتفالات الدينية الموسمية كان هو من منظميها والداعين لها .

كان رحمه الله إسلاما متحركا وعقيدة بخدمة هذا الدين وايصاله للقلوب بعزم ويقين .

يكثر رحمه سواد القوم عند الفزع فكان في مقدمة المستقبلين لحسن الهضيبي رحمه الله عندما زار مدينة الباب 

ولكنه يقل عند الطمع.

كان يعطي ولا يأخذ 

يقتطع من لقمة عيشه مددا لدعوة رب العزة والجلال دون منّ ولا أذى .

كان رحمه الله شعلة ضياء في ليل حالك

يحترق لينير الدرب دون تعال ولا حب ظهور .. 

يبتعد عن الأضواء ويعمل صامتا

واذا قال بزّ القائلين .

رحمه الله فقد أشجاني وغيابه أبكاني

اجل والله أبكاني ..

نحن في غربة قاسية كان يخفف وطأتها لقيا الأحبة وهو في هذا المجال قمة عالية رحمه الله.

ولده زاهر الداعية المجاهد فارس السيف والكلمة خريج الشريعة ومن قادة المجاهدين والثوار في مدينة الباب حفظه المولى ..

وهذا الشبل من ذاك الأسد .

لانقول لزاهر وأحمد وأخوته ولاخيه صالح إلا مايرضى ربنا :

إن القلب ليحزن والنفس لتجزع والعين لتدمع وإنا على فراقك ياعبد الحواد لمحزونون .

ياأخا الدعوة ..

يامن حملت مشعل دعوة الحق والقوة والحرية ..

دعوة الله أكبر ولله الحمد .. 

دعوة علمها أخضر كروض الربيع 

يعلوها سيفان ومصحف.

منذ أسبوع مررت بالمقبرة العثمانية فقلت في نفسي من منا نحن المغتربين سيكون هنا مقره وفندقه ومثواه ؟؟؟

فكان أخونا أول ضيف سبقنا إليها 

وتحرك لساني يقول :

يامن بدنياه اشتغل 

وغره طول الأمل 

الموت يأتي بغتة 

والقبر صندوق العمل

يارب ..

ياذا المن والجود أكرم ضيفك 

وأنت ياالهنا اسمك الجواد فأكرم عبد الجواد.

جاءك أخونا ضيفا فآنس وحشته 

وأحسن يامولانا ضيافته 

نور قبره .. ونقه من الخطايا والذنوب 

كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .

يارب ..

كان لكتابك تاليا ولبيتك ملازما 

يارب .. 

إن نبيك محمد عليه السلام شفيع الإنسان أخبرنا وهو الصادق المصدوق :

( إن الرجل إذا مات في غير مولده 

قيس بين مولده إلى منقطع أثره في الجنة )كما روى النسائي وابن ماجة .

يارب ..

لانقول إلا أنه ضيفك فأمطر قبره برحمتك ونور وحشته بملائكتك..

يارحمن ياذا المن والجود

اللهم لاتحرمنا أجره ولا تفتنا بعده 

أمين أمين ..

وأنتم ياأنصار الله قولوها من أعماقكم

الأخوة الأفاضل آل شرقاط الكرام 

أعظم الله أجركم

والله أكبر .. ولله الحمد

ملاحظة ( تولى موظفوا البلدية غسل الفقيد وتكفينه ودفنه فجزاهم الله خيرا من المهاجرين الغرباء عن وطنهم .

وإلى رئيس البلدية كل احترامنا وشكرنا على صالة التعزية وفقهم الله )