الشهيد أبو إسلام عبد المجيد قناعة

 

 

فتية من شباب الإسلام في بلاد الشام حركوا عجلة التاريخ، وسخرهم الله عز وجل لدحر الطغاة, وقد خفقت بهم رايات الإسلام، وقد رأى الحاقد  من أسود الله عزة الإسلام وكبرياء الموحدين وشجاعة قوم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، من أمثال شهيدنا البطل أبي إسلام- تقبله الله- الذي سمع نداء الحرية فلبى لها، وهبَّ لنصرتها، وسمع آهات الأيامى وعويل الثكالى وبكاء اليتامى فمضى مع إخوانه لنصر تهم يشد العزم ويرفع  الهمة، ويقوي الشوكة ويهدد العدو ويمني الصديق، عليه وعلى إخوانه الشهداء من الله الرحمة والرضوان. 

 

الولادة والنشأة

ولد الشهيد أبو إسلام عبد المجيد قناعة في مدينة السفيرة في الريف الجنوبي من مدينة حلب عام 1988م وترعرع في هذه المدينة التي عرف أهلها بالطيب والبساطة والكرم، ودرس في مدارسها الابتدائية والاعدادية ، وكان متفوقاً في دراسته وسعى لإكمال تحصيله العلمي في الثانوية الصناعية لكن الظروف المادية قد منعته من متابعته الدراسة.

 وللشهيد ثلاثة إخوة من الذكور وأربع إناث, وهو أصغر أفراد الأسرة، وأحد أصهاره نال وسام الشهادة أثناء صد رتل خناصر في 6-2-2013

تميز أبو إسلام برفعة أخلاقه وجميل أدبه وحياءه خاصة مع الكبير لا سيما أعمامه وأخواله وأقاربه، وكان قليل الكلام، كثير الخدمة لمن هو أكبر منه وأشقاءه، ولا يتأفف من خدمتهم.

مشاركته بالثورة السورية

ابتلي المسلمون في سورية بالبعثية المجرمة والطائفية النصيرية الحاقدة منذ أربعة عقود ولا زالت، وتسلّطت هذه العصابة على أهل السنة, فسامتهم سوء العذاب, لا لشيء إلا لأنهم من أهل السنة والجماعة, فقتلت النفوس, وانتهكت الأعراض, وزجّت بالكثير منهم في السجون ومعتقلات التعذيب فلذك ثار أهل سورية على هذا الفئة الطاغية، وزج أبو إسلام نفسه في هذه الثورة الباركة، والتصق بالأعمال الثورية منذ بدء الثورة العظيمة، وهو من أوائل المتظاهرين في بلدته في المظاهرات الليلية على الدراجات النارية، ثم غدا بعد ذلك أحد المنسقين للأعمال الثورية السلمية، ولم يتخلف عن أي مظاهرة.

التحاقه بركب الجهاد

 

أعد أبو إسلام العدة وانتظم مع مجموعة من الفتية المؤمنين وأعلنوا عن تشكيل كتيبة شهداء السفيرة والتي كانت ترابط في حي صلاح الدين في حلب، وتعرف أبو إسلام على مجموعة من المجاهدين من الجيش الحر في الريف الشمالي، وزراهم في أماكنهم ومقراتهم للتنسيق معهم والتعاون على الجهاد، ولما دخل الجيش الحر إلى مدينة السفيرة كان هو في مقدمتهم، وقد أصيب ذات مرة بانفجار عبوة بيده عندما استهدف أحد الشبيحة المجرمين، وقد منّ الله عليه بالشفاء وتعافى من جراحه، وكانت له مشاركة في صدر أول رتل يخرج من معامل الدفاع إلى حلب والذي عرف حينها برتل تل عابور.

انضمامه الى كتيبة أنصار الشام

تأسست هذه الكتيبة بجهود بعض الشباب المؤمنين من صفوة مدينة سفيرة وهؤلاء الشباب هم فتية آمنوا بربهم وعرفوا بالتزامهم وخلقهم الكريم وأدبهم الرزين وهم من الشاب المثقفين في السفيرة، فكانوا يجتمعون في الله ويفترقون عليه، فزج بهم النظام الفاسد في سجونه ثلاثة سنوات ونصف  لا لشيء إلا لأنهم آمنوا بربهم، ونسب لهم تهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، ومع بداية العمل العسكرية شكلوا هذه الكتيبة بقيادة الأخ المجاهد أبو لامع ، والأخ حسام شقيق الشهيد أبي إسلام، والأخ أبو حسن اللطفو وأبو محمود رحيم وأبو سليم  ومجموعة من الشباب الملتزمين وانضمت هذه الكتيبة لحركة أحرار الشام الإسلامية، وكان الأخ أبو إسلام أحد القادة العسكرين في هذه الكتيبة، وشارك في عدة معارك في خناصر ومعامل الدفاع وتحرير قرية القبتين على طريق خناصر في 22-8-2012م وتل عرن, وكان شجاعاً مقبلاً غير مدبر ولا يخاف في الله لومة لائم وقد أصيب عدة مرات وآخر إصابة كانت سبباً في استشهاده في معركة تل عرن فأجريت له عملية إسعافية في حلب ثم نقل الى إحدى مشافى مدينة كلس التركية فبقي في العناية المشددة قرابة شهرين يعاني معاناة شديدة من ألم الجراح  إلى أن أكرمه الله بنيل وسام الشهادة في 6-1-2014م وصعدت روحه الطيبة لتحلق بإذن الله في الفردوس الأعلى مع الشهداء والصالحين مستبشراً بما اعده الله للشهداء ومبشراً لإخوانه من بعده منتظراً لقاءهم الخالد في جنات عرضها السموات والأرض تاركاً وراءه زوجة لم يقض معها في عش الزوجية إلا شهراً وبضعة أيام وزوجته شقيقة ابن عمه الأخ الشيخ معاذ قناعة حفظهما الله، ووري ثراه في مدينة أعزاز لتتضوع تربتها بطيب جسد هذا الشهيد المبارك، وكان قد سبقه الى هذا الوسام الرفيع ثلاثة شهداء من أولاد عمه وابن خاله وابن خالته وصهره، وأثناء إصابته أدرك والداه أن ابنهما سيموت لإصابته البليغة فكان والده كثير الحوقلة والاسترجاع، وألهم الله الوالدين الصبر والثبات غير أنهما تأثر لوضع زوجته التي لم يقض معها إلا أياماً يسيرة فأسأل الله أن ينتقم من قاتليه وأن يبارك بعمر من بقي من آله وإخوانه.

هذا كان نزراً يسيراً من حياة هذا الشهيد البطل الذي قدّم حياته ووهب نفسه لدين الله  وإن دماء الشهداء لن تضيع سدى بإذن الله وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته : (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ), هذه سنّة الله في الجبابرة والطغاة, فالذي أغرق فرعون وهامان, وخسف بقارون, سينتقم من طغاة الشام ومصر والعراق  هذه سُنة الله التي لا تتغير ولا تتبدل, ومن أنكرها فقد أنكر التاريخ البيّن الواضح