الشهيد محمد سعيد دبابو

كل أخ من الإخوان له شخصية ونكهة خاصة به ، فمنهم القوي الحازم ، ومنهم من له روح الفكاهة والمرح وسرعة البديهة ،

ومنهم من يملك العزيمة والإصرار، ومنهم من يملك الهدوء والوداعة. شهيدنا الذي نكتب عنه يملك أغلب تلك الميزات ، 

من قوة حازمة وعزيمة وإصرار وهدوء ، 

لكن نظرات عينيه تخفي في طياتها رغم هدوئه ووداعته ، 

قوة الإنسان المسلم الذي لا يرضى بالذل والهوان . 

فبالرغم من أن معرفتي بالشهيد كانت قصيرة ، قبل استشهاده حوالي السنتين، إلا أن تواضعه وهدوءه وقوة إيمانه تجعل محبته تنسل إلى قلبك ،

وأعتقد أن شهيدنا نشأ في أسرة ملتزمة بالدين، كما كانت أغلب عوائل شهداء الإخوان . فهل عرفتم من هو شهيدنا ؟! 

إنه الشهيد محمد سعيد دبابو (أبو سعيد) .

ولد شهيدنا أبو سعيد في مدينة حلب الشهباء وتدرج فيها إلى أن رزق بالشهادة . 

فوالده كان يملك محلاً تجارياً يبيع فيه الجلديات في منطقة باب الفرج بالقرب من المكتبة الوطنية ، وكعادة الإنسان المسلم الملتزم كان متفوقاً في دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية ،

حتى أهلّه هذا التفوق لدخول الجامعة ودراسة الهندسة ، 

ولم يكتفِ بالدراسة الجامعية ، فبدأ ينهل العلم الشرعي في مساجد حلب التي كانت عامرة بالعلماء والمشايخ الأجلاء ،

فالتزم ودرس الفقه في جامع العكش على يد الشيخ عبد الوهاب طويلة

. ولكن في ظل الحكم البعثي النصيري الحاقد لم تهنأ سوريا بالعيش الكريم ، وبدأت أحداث عام 1979م بعد أن قامت مجموعة من الشباب المسلم بعملية المدفعية ، وبعدها بدأت السلطات الحاقدة بملاحقة شباب الإخوان ،

وكان شهيدنا من أوائل الملاحقين ، لكنه لم يرضَ أن يستسلم للجلاد والجزار ليعذبه ويذله ، 

فآثر الالتحاق بالمجاهدين وحمل السلاح والدفاع عن دينه ونفسه واضعاً نصب عينيه النصر أو الشهادة ، فكان اسمه يرعب العصابة الأسدية ،

وقد قام بعدة عمليات تكللت كلها بالنجاح وأثخن في العدو. 

لكن لكل أجل كتاب ، ففي ليلة الإثنين الموافق 9/12/1979م كان على موعد مع الشهادة ، فبعد يوم واحد من قدوم عناصر الوحدات الخاصة إلى مدينة حلب الشهباء وقيامهم بعمليات إهانة الأهالي والاعتداء على حرماتهم وهتك أعراضهم ، كان شهيدنا أبو سعيد من مجموعة من إخوانه المجاهدين لهم بالمرصاد ، حيث نصبوا لهم كميناً مسلحاً في منطقة "حاووظ باب النيرب" ثم قاموا بإطلاق النار على رتل السيارات الذي كان يتحرك على طريق سوق الجمعة ، فأحرقوا سيارتين بعناصرهما وفتحوا النار على الباقي ، وكان شهيدنا يحمي ظهر إخوانه مع مجموعة الحماية ، أصيب بطلقة أسلم بعدها الروح إلى بارئها وهو مقبل غير مدبر. 

ومن شدة الشبه بين شهيدنا وبين الشهيد أحمد حاووط رحمهما الله وبعد أن أخذوا جثته ظن المجرمون أنهم قد قتلوا أحمد ، لكن عندنا لا فرق بينهما فكل الشهداء واحد ، وكلاهما قد أثخن العدو بالجراح. وهكذا طويت صفحة شهيدنا أبي سعيد في الأرض ، لكنه خالد في جنان الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء. 

فرحمة الله عليك يا أبا سعيد وعلى جميع شهدائنا ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم ، وأسكنك فسيح جناته ، وجمعنا وإياك في مستقر رحمته.