الشهيد ضرار عطار تقبله الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد

 

قال الله  تعالى: (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد)

 

لقد  عملت آلة الإجرام العلوية الحاقدة الباطنية العلوية على تقتيل المسلمين بمباركة وتأييد عالمي من حين آلت  السلطة إليهم  مروراً بأحداث حلب وحماة التي شاء طواغيت العرب أن يسكبوا عليها النسيان وإلى يومنا هذا! فما من يوم إلا وتسمع بمجزرة جديدة على مرأى ومسمع العالم الذي لا ينظر  متفرّجاً بل ينظر مصفّقاً مؤيّداً.

 

 ومن تلك المجازر: مجزرة قرية ( آفس ) القريبة من بلدة سراقب في الريف الإدلبي التي وقعت في 25-2-2012م، وقتل فيها عشرة أشخاص من ابناء تلك القرية وفي مقدمتهم الشهيد ضرار عطار ووالداه أحمد ومحمد الذي كان يدرس في كلية طب الأسنان السنة الخامسة تقبلهم الله تعالى  في جنانه ورضوانه.

 

الشهيد ضرار عطار

 

ضرار عطار رجل طيب هادئ، عليه سمت الوقار، لحيته بيضاء، قليل الكلام يحسب أبعاد الكلمة، كثير العبادة والذكر ملتزم بالنوافل يصوم الإثنين والخميس وبقية النوافل، يكثر من تلاوة القرآن الكريم، ويحافظ على الصلاة في المسجد، ويعامل الآخرين بخلق إسلامي كريم.

 

 ولد الشهيد ضرار في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لأبوين كريمين في قرية آفس، ورباه أبوه على الدين والفضيلة ومكارم الأخلاق، وانتسب لكلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة دمشق وقبل التخرج زجَّت به قوات الأمن السورية في غياهب سجون تدمر، لاقى فيها الشدائد والمتاعب من أذى المجرمين ، وكان اسمه كذلك وبالاً عليه كون اسمه (ضرار عطار) ظناً من المجرمين أن له صلة بالداعية الشهيد وليد عطار رحمه الله  أو الداعية الخطيب الأستاذ عصام عطار حفظه الله, لكن السجن لم يؤثر على همته وإيمانه ويقينه بل كانت سنوات السجن بمثابة جامعة علمية تخرج فيها شهيدنا بامتياز مع رتبة الشرف بحفظه لكتاب الله عزّ وجل واستفادته من العلماء والمخلصين, وحفظ ألفية ابن مالك مع شرحها, والكثير من العلوم الشرعية، واستفاد من السلوك التربوي إلى أن منّ الله عليه بالإفراج مع الدفعات الأولى التي أطلق سراحها من السجن، ولم يفتّ السجن من عضده ولم يثنه عن دعوته ورسالته، بل داوم على ما كان عليه من الأعمال الدعوية فكان يدعو الشباب للالتزام، ويقدم لهم الهدايا, وهي كتيبات وأشرطة دعوية ونشط في مجال الدعوة مع صديقه وصاحبه في السجن الشيخ الشهيد أسعد هلال تقبله الله ، وكان مشغله مقابل مكتبة الشيخ أسعد، وكذلك كان على صلة بالمجاهد مازن زيدان أحد مؤسسي حركة أحرار الشام الإسلامية وكان بينهما تعاون في المجال الدعوي.

 

كان عنده مشغل لخياطة الثياب فكان يجيد هذه المهنة، وكان طلاب العلم يقصدونه لخياطة ثيابهم، وأنا كنت أقصده لأخيط ثيابي عنده لصدقه وإتقانه لعمله، وقد جعل من مكان عمله هذا مركزاً للدعوة الى الله عز وجل، فكان يحض عماله على الالتزام الديني، وافتتح عدة دورات لتعليم الخياطة مجاناً ليستقطب الشباب, وليدعوهم إلى الله عز وجل، فيأتي بعض الفتية غير الملتزمين لتعلم مهنة الخياطة, وبفضل الله قبل انتهاء الدورة يلتزمون بدينهم لتأثرهم بالشهيد ضرار تقبله الله، وكان يدعو الزبائن كذلك حتى إن المخابرات أرسلت له شخصاً ليتعلم عنده وليراقب ما يحصل عنده فكان كل داخل لمحله يحسب حساب تسجيل اسمه عند المخابرات، وكم عانى من كثرة الاستدعاء للأفرع الأمنية لا سيما وقت أحداث العراق!!

 

لم يكتف الشهيد ضرار بالنشاط الدعوي فقط بل نشط أيضاً في خدمة الجهاد، ومتابعة أخبار المسلمين وجهادهم في أفغانستان والشيشان والبوسنة وفلسطين ولا سيما أثناء الغزو الأمريكي للعراق، وكان على صلة قوية بالمجاهدين ويرسل المجاهدين للعراق، ويحض الشباب على الجهاد، وكان يتمنى أن يحدث تغييرا  في سورية، ولكنه لم يكن يرغب بالعمل في سورية لعدم وجود مناخ مناسب للجهاد في ذلك الوقت، وعندما انطلقت الثورة السورية كان هو وأولاده من أوائل المنخرطين فيها، ونشط فيها إلى حين استشهاده حينما حاصرهم المجرمون في أحد بساتين (آفس)، وأعدموهم ميدانياً، تقبلهم الله عز وجل في جنانه، ورفع من مقامهم، وخذل أعداءهم الذين هم إلى زوال بإذن الله لأنه مهما تعالى المجرمون وتباهوا بقوتهم وعتادهم وأسلحتهم فإن الله أكبر من الطواغيت وأكبر من جندهم وجمعهم.

ضرار محمد عطار

محمد ضرار عطار

أحمد ضرار عطار