سامح الله العلاونة

 

 
محمد زاهد بن عبد الفتاح أبو غدة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وبعد:
قرأت مقالة الأستاذ أحمد العلاونة في رثاء الأستاذ زهير الشاويش رحمه الله، وفوجئت أنه بعيداً عن أي مناسبة أو سبب قد أشار إلى والدي الشيخ عبد الفتاح أبوغدة بإشارة غمز لا تخفى على معظم - بل جلِّ - المشايخ وطلبة العلم من قراء موقعكم، وإن من حق الحقيقة والقارئ، وحفاظاً على مكانة ورثة الأنبياء، ومن واجبي تجاه والدي رحمه الله أن أرد على ما ذكر باختصار وإيجاز.
كنت أظن الأستاذ العلاونة، لخبرته وأبحاثه في التراجم ونظره في الأعلام، سيكون من خريجي مدرسة الإمام الذهبي والأستاذ خير الدين الزركلي، في ذكر محاسن الموتى، والإعراض عما ثبت من أخطائهم وهفواته، فإذا دعت الضرورة لذكر شيء من ذلك، ذكره مع التماس العذر ورجاء المغفرة والأجر.
ولكن الأستاذ العلاونة ينتمي في مقالته وغمزه من الوالد رحمه الله إلى مدرسة يحدِّث المرء فيها بكل ما سمع، ويصنع ما يشاء، بعيداً عن التثبت والتحقق، ولا أجد لذلك تفسيراً إلا قول البحتري:
ما أطاقوا كتم الذي أظهروه ... كبُرَ الحقد أن يظل دفينا
قال الأستاذ العلاونة في معرض المقارنة والتمييز مشيراً للوالد: (وأين منه بعضُ المشايخ الذين ساوَموا وتنازلوا لأجل سلامتهم، أو سلامة أحد أولادهم، أو لإدخال مكتباتهم الخاصَّة إلى سورية؟!)
وهذه فِرية كبيرة تكذبها القيادات الإسلامية التي دخل الوالد سورية باطلاعها وعلمها وبالتنسيق معها، وما كان هدفه سلامته الشخصية أو سلامة أحد أولاده، فقد كانوا سالمين لإقامتهم أصلاً خارج سورية، ولا إدخال مكتبته الخاصة إلى سورية، فهي لا تزال إلى يومنا هذا في الرياض كاملة قائمة.
وهي فرية تكذبها - من قبل - أخلاق الوالد وشيمه التي عرفها كل من دنا منه وتعامل معه، فقد عاد الوالد إلى سورية ونصب عينيه أنّات المساجين وآهات المشردين، ومعاناة أهل المفقودين، تؤرق عليه مضجعه، وتسيل من أجلها عبرته في الليل والنهار، فالوالد رحمه الله كان غارماً لا غانماً، وكثيراً ما كان يتمثل:
وإذا تكون كريهة أدعى لها ... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
والأستاذ العلاونة في هذا يتابع ما ادعاه عن والدي الأستاذ الشاويش رحمه الله وغفر له، قبل سنة من وفاته، في الحلقة الرابعة من سلسلة مقابلات أجرتها معه قناة الحوار، وتناولت فيما تناولت أحداث حماة عام 1982وملابساتها في سورية، وقال في إحداها عن والدي رحمه الله تعالى، ما معناه: إنه أرسل ولديه لأمريكا في منأى عن الأحداث، ثم حرك وضحّى بأولاد الناس بإرسالهم من العراق إلى سورية.
وهذا زعم لا يمت للواقع بصلة، فللوالد ثلاثة أبناء من الذكور، كاتب هذه السطور أكبرهم، وكنت مقيماً في السعودية أثناء أحداث سورية في الثمانينات مساعداً للوالد، وزرت أمريكا لأول مرة في حياتي سنة 1984، والابن الثاني الدكتور أيمن كان في بغداد أثناء الأزمة، وكان مع غيره من "أولاد الناس" ضمن الفريق المقرر نزوله إلى سورية، والابن الثالث الشيخ سلمان كان طفلاً في تلك المرحلة.
وكل من يعرف الوالد - والأستاذ الشاويش، غفر الله له،  يعرفه حق المعرفة- يعلم أنه أبعد الناس أن يقول ما لا يفعل، أو أن يميز نفسه أو أهله عن غيرهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وأعظم الله أجر المسلمين في الإنصاف.
ولا يفوتني أن ألاحظ أن الأستاذ العلاونة ذكر بعض من نشر المكتب الإسلامي كتبهم أو حققوا هم لحسابه بعض الكتب، وقال في هذا السياق إن المكتب الإسلامي (مدرسة خرَّجت نخبة من أعلام المؤلفين والمحققين الذين يشار إليهم بالبَنان، أمثال: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ شعيب الأرنؤوط....)
فهذه نُجعة بعيدة على مائدة علم هؤلاء أترك لغيري تناولها، ولكن بين الأستاذ زهير رحمه الله وبين من ذكر خصومات وقضايا اختار الأستاذ العلاونة أن لا يشير إليها أو يذكرها، وكان من حق القارئ والحقيقة عليه أن يتناولها، إذ هي أهم بكثير في مسيرة حياة الأستاذ الشاويش من خصومته مع الوالد، والتي لا نريد الخوض في أسبابها الحقيقية، فقد ربانا الوالد رحمه الله تعالى على نهج النبوة في ألا نقول إلا الخير، وبخاصة وقد صار أغلب أطراف الخصومة في رحاب علام الغيوب:
إلى ديّان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم
أسأل الله لي وللأستاذ العلاونة ولكافة المسلمين الرشاد والتوفيق، وأن يهدينا إلى تجنب الغيبة لنكون من الذين هُدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد.
 
وتجدون هنا رابط مقالة الأستاذ العلاونة
 

وقد تعقب هذه المقالة الأستاذ العلاونة في رسالة ارسلها للأخ الكريم الأستاذ محمد زاهد أبوغدة، وبين أنه لا يريد بلمزه في مقالته الرثائية فضيلة العلامة الشيخ عبد الفتاح ، وأنه يحمل لفضيلة الشيخ كل محبة وتقدير،  وقد نشرنا تعقيبه مع مقالته في رثاء الشيخ الشاويش .
وقد كتب الأستاذ محمد زاهد  إلى المشرف على الموقع الرسالة التالية: 
فضيلة الشيخ مجد مكي المشرف على موقع رابطة علماء سورية:
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
 
تلقيت من الأستاذ الكريم أحمد العلاونة رسالة تبين أن المقصود من كلامه لم يكن والدي رحمه الله تعالى، وقد بينت له في رسالة خاصة سبب اعتقادي أن المقصود بكلامه هو الوالد رحمه الله، وأنا أشكر له توضيحه، وأسأل الله أن يجزيه خيراً ويغفر لي وله، ولعلكم إن رأيتم ترفعوا تعليقي من الموقع.
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته