الشيخ محمد مجاهد شعبان - العالم الداعية المجاهد
محمد مجاهد شعبان



بقلم زوجته:عائشة سحر بنت عمر خياطة.

هو الأستاذ العالم الداعية الأديب الخطيب الشيخ محمد مجاهد شعبان الشافعي الحلبي، ولد سنة 1368هـ،1949م، ودرس في الثانوية الشرعية بحلب، ثم تخرج من كلية الشريعة بدمشق سنة 1394هـ، وفي أثناء دراسته، كان يدرّس في أرياف حلب، فينتقل من قرية إلى قرية، يخطب الجمعة ويدعو إلى الله عز وجل.

ثم شغل إدارة الأيتام بحلب مدَّة طويلة حتى وفاته، وأثناء ذلك درَّس في ثانويات حلب الخاصَّة، وفي "الثانوية الشرعية"، وكانت له خطبة جمعة في جامع"التقوى"في حيِّ الأنصاري، وعدة دروس في جوامع حلب عامة، وله دروس خاصَّة بطلبة العلم في منزله.

وكما قيل عنه، فقد عُرف معلماً وداعياً ومرشداً أكثر من أن يُعرف كاتباً ومؤلفاً، فقد كانت له مقالات وشذرات هنا وهناك، وكانت له محاضرات هنا وهناك متى سنحت الفرصة، ولذلك لم تكن آثاره كثيرة...

فقد كان باشر بطبع كتاب:"المنهج السديد في شرح جوهرة التوحيد"للعلامة الشيخ محمد الحنيفي(1292ـ 1342) بعد اعتنائه به، وقام الأستاذ الفاضل مجد مكي وفقه الله بمراجعته وتصحيحه، وصدرت الطبعة الأولى ببيروت عن دار ابن حزم سنة (1424ـ2003). كذلك اعتنى بشرح "المنظومة البيقونية" للشيخ"أحمد الترمانيني"، وأعدَّها لإرسالها للطبع، وأنهى كذلك رسالته الماجستير في موضوع:"معاول الهدم الحديثة في اللغة العربية"، وكان قد أعدَّها لمناقشتها في كلية" الإمام الأزواعي" في بيروت، ولم يبق لها إلا المناقشة الأخيرة حين قضى أجله ـ رحمه الله تعالى ـ.

وقد بدأ بالاعتناء بكتاب:"الإفصاح عن معاني الصحاح"،وأنهى حوالي نصفه، ولكن إرادة الله شاءت أن يختاره إلى جواره، وهو في قمّة نشاطه، وفي أحسن أحواله، وأفضل أوضاعه.

كان اسمه" مجاهداً"، وكان مجاهداً بحق، كان ـ رحمه الله تعالى ـ داعياً نشطاً عالماً عاملاً مخلصاً فقيهاً، طالباً للعلم، لا يعرف كللاً ولا مللاً في ذلك، كان مُحباً للحكمة، حريصاً على مشافهة العلماء والتلقي من أفواههم، متأثراً بأحوالهم، لازم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله ملازمة شديدة في أيامه الأخيرة في سورية، وصحبه في رحلات ونزهات طويلة، يستفيد منه، ويقرأ عليه.

ولازم الشيخ "عبد الرحمن زين العابدين" رحمه الله، في حياته كلها، وخاصَّة في مرضه الأخير ملازمة الولد لأبيه.

كان صابراً على البحث والتنقيب في بطون الكتب،يُؤثره على الطعام والراحة، وكان يحرص على الفائدة العلمية من أيِّ مصدر جاءت، ومن أيِّ جهة كانت. ولا يُعنى فقط بالعلوم الشرعية التي كانت اختصاص دراسته، فقد عرف عنه اهتمامه بالصناعات والميكانيكا وبالناحية العلمية عند العرب قديماً، متأسّياً بذلك بشيخه الشيخ"عبد الرحمن"رحمه الله، وقد تعلَّم منه الكثير في ذلك، كذلك عُرف عنه اهتمامه باللغة العربية اهتماماً يفوق الوصف، وخاصَّة علوم الصرف والبلاغة والنحو والاشتقاق، متأسياً بشيخه أيضاً.

كذلك قرأ شيئاً من كتاب" الكامل" للمبرّد على الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله، وله حواشٍ كثيرة على نسخته من كلام الشيخ رحمه الله، وكان له تذوُّق خاص بالشعر، ويحفظ قصائد مطوَّلة بأكملها، وخاصة الشعر القديم الذي يُعتبر حجة في اللغة، واهتمَّ بعلم الفلك وأخذ شيئاً منه من الشيخ "عبد الرحمن" رحمه الله، ومن عمِّه والدي الدكتور "عمر خياطة" رحمه الله، واقتنى من كتب هذا العلم الحديث والقديم، حتى المخطوط.

وله مكتبة ضخمة في منزله تضم كتباً في كافة العلوم الشرعية خاصة والعلوم العربية والعلمية.

كان غايةً في حفظه، ومعرفته بالرجال عجيبة، وخاصَّة علم الرجال، و"مصطلح الحديث"، وله اهتمام بالوقائع والحوادث الهامَّة في تاريخ الإسلام القديم والحديث، ومعرفته برجاله فذّة غريبة.

كان حَسَنَ الخُلُق مع الناس جميعاً، ومع أهله خاصَّة، كان رؤوفاً رحيماً بهم، متسامحاً حليماً لطيفاً عفاً وفيّاً، مرح النفس دائماً، عفيف النفس رضيّها، شاكراً لأنعم الله، حييّاً، يخشى الله فيما بينه وبين نفسه خشية تقيٍّ ورع.

كان يعتبر طلب العلم عبادته الأولى ليل نهار، لا ينام الليل إلا قليلاً، وهو يبحث وينقب ويطالع، وكان حريصاً على الإجازة وطلبها، يطلب الإجازة ممّن يتعرَّف ويجلس معهم، ولو لساعةٍ من الزمن.

شيوخه وأساتذته:

كما ذكرت كان من مشايخه الشيخ عبد الرحمن زين العابدين، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وله صحبة طويلة في دمشق مع الشيخ عبد الغني الدقر رحمه الله.

ومن مشايخه في "الثانوية الشرعية": الشيخ أحمد القلاش، والشيخ محمد زين العابدين جذبة، والشيخ الدكتور إبراهيم بن محمد السلقيني حفظ الله من بقي منهم، والشيخ أبو الخير زين العابدين، والشيخ محمد السلقيني، والشيخ عبد الله سراج الدين، والشيخ محمد نجيب خياطة، والشيخ بكري رجب، والشيخ عبد الوهاب سكر، وغيرهم كثير رحمهم الله جميعاً.

كذلك من أساتذته في كلية الشريعة: محمد فوزي فيض الله، وهبة الزحيلي، نور الدين عتر، محمد أديب الصالح.. وغيرهم كثير حفظهم الله.

وإجازاته كثيرة، له إجازة من عمه الدكتور عمر خياطة، الذي أجازه عامة عن شيخه الشيخ محمد راغب الطباخ، بكافة مروياته وأثباته.

ومن علماء الموصل: الشيخ: إبراهيم المشهداني، والشيخ عبد الفتاح الجومرد، وغيرهم.

وله إجازة من الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله بمؤلفاته ومروياته، وأجازه بثبته عن الشيخ محمد زاهد الكوثري، رحمهم الله تعالى، وله إجازات أخرى عديدة.

وله إجازة من العلامة الأصولي الفقيه الشيخ أحمد فهمي أبو سنة،أستاذ الشيخ "عبد الفتاح"؛ إذ لقيه ببيته بمكة المكرمة أثناء حجه بصحبة الأخ الشيخ مجد مكي، وأخذ منه إجازة على طرف كتاب كان معه.

وممن استجاز له بناءً على طلبه الشيخ محمد بن عبد الله آل رشيد من عدد من علماء الحجاز والأحساء واليمن منهم: الشيخ الحبيب محمد بن أحمد الشاطري، والشيخ عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الله الملا الأحسائي،رحمهما الله تعالى، والشيخ عبد القادر بن عبد الله شرف الدين الحسني الصنعاني، وعبد الله بن عباس المُؤيَّد اليمني، وحمود بن عباس المُؤيَّد، وأحمد بن محمد زبارة مفتي اليمن، وأحمد بن علي الآنسي الصنعاني، ومحمد بن اسماعيل العمراني الصنعاني، وعبد الله المحفدي الصنعاني، ومحمد بن محمد بن منصور الحسني.

وفاته:

تُوفي رحمه الله تعالى في حادث سيارة أثناء عودته من مصيف "جبل الأربعين" القريب من حلب فجر يوم السبت19من جمادى الآخرى 1421هـ، الموافق19آب2000م. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام والمسلمين وعن العلم وعن الأيتام والأهل والأولاد خير الجزاء.

والحمد لله رب العالمين

قرينة الأستاذ: محمد مجاهد شعبان

عائشة سحر خياطة



الآثار العلمية والأدبية للأستاذ محمد مجاهد شعبان

بقلم عبد الرحمن الحاج إبراهيم

هذا بحث مفصل كتبه الأستاذ عبد الرحمن الحاج إبراهيم نقدم خلاصة عنه بمناسبة ترجمة الأستاذ الفاضل الشيخ: محمد مجاهد شعبان رحمه الله تعالى.

لم يعرف الشيخ مجاهد بالكتابة والتأليف بقدر ما عرف بالتعليم والدعوة، وتتوزع نتاجاته وآثاره العلمية والأدبية على حقول عدة:

أولاً الدراسات والبحوث:

1 ـ "معاول الهدم الحديثة في اللغة العربية الفصحى"، وهو الدراسة التي تعتبر أهم إنجاز علميٍّ خلفه، كانت معدة لنيل درجة الماجسيتر في كلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية في بيروت، ولم يكتب الله له مناقشتها.

وتتجاوز صفحاتها300 صفحة من القطع الكبير. وتتكون من خمسة فصول.

الفصل الأول: يتناول اللغة العربية الأم واللهجات في العصر الحديث.

الفصل الثاني: صلة اللغة العربية بالإسلام والتراث الإسلامي .

الفصل الثالث: الأعداء التقليديون للغة :دعاة العامية.

الفصل الرابع: الأعداء الجدد: الحداثيون.

درس فيه تاريخ الدعوة إلى التغريب ووسائلها، والتمرد على اللغة العربية، وعبث الشعر الحر، وقضية الشعر الجاهلي.

الفصل الخامس: دور الأمة وواجباتها في المحافظة على لغتها والنهوض بها.

2ـ "نحو فقه إسلامي ميسر"وهو بحث تمهيدي للماجستير بإشراف الدكتور: كامل موسى، قال في مقدمته:" منذ أمد بعيد وأنا أهتم بدراسة علم الفقه.. كنت يومها ألاحظ مدى صعوبة العبارة الفقهية، وكثرة الاستطرادات الخارجة عن الموضوع كلية، وكنت أسال نفسي: أليس من الممكن تيسير هذا العلم إلى ما هو أسهل عبارةً، وتهذيبه وحذف ما ليس فيه، وأن يكون هذا العلمُ بلغةٍ تتنزل إلى فهم أكبر مساحةٍ لفهم الأمة؟!.

وتناول في البحث جهود العلماء في تيسير الفقه، ثم درس الشيخ مبدأ التبسيط الفقهي، وتوصّل إلى خمسة عشر شرطاً مقترحاً لإنجازه، ثم ختم بحثه بقوله: إنَّ ما وضعته من شروط التبسيط ما هي إلا قواعد أراها من وجهة نظري مهمة، يستعين بها من رغب في كتابة فقهٍ ميسر في ألفاظه وأسلوبه لتعليم هذا العلم ليشمل أكبر مساحة من تعداد المسلمين.

3ـ "عناية المسلمين باليتيم قديماً وحديثاً في شمال سورية"، يهدف هذا البحث الذي كتبه سنة 1993 م، إلى تقديم رؤية عن تجربة دار الأيتام الإسلامية في حلب وغيرها من مدن الشمال السوري، لبيان أهمية الدور الذي قامت به ولا تزال في خدمة المجتمع المسلم، وهذا البحث هو بحث تمهيدي آخر للماجستير بإشراف الدكتور: إبراهيم كمال أدهم.

4ـ "الرخصة": بحث أصولي نشر في مجلة منار الإسلام الإماراتية عام 1998م.

5ـ "تاريخ التفسير": مشروع دراسة كتبها أيام تدريسه في الثانوية الشرعية في الثمانينات في القرن الماضي.

ثانياً: رسائل نادرة.

1ـ رسالة عن الشيخ عبد الرحمن زين العابدين رحمه الله تعالى،وهو أستاذه وله معه صحبة طويلة، جمع في هذه الرسالة أقوال الشيخ وآراءه وأورد الكثير من ذكرياته معه كما قدَّم له بترجمة نادرة لشيخه.

قال في مقدمته: معرفتي بالشيخ منذ سنة 1963م، وقد درسنا مادة الفقه الشافعي، واللغة العربية، ثم توطدت المعرفة أكثر بعد سنة 1968م، حتى وفاة الشيخ سنة 1992م.

2ـ رسالة عن الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى، نحا فيها منحى الرسالة السابقة، وختمها بذكرياته مع الشيخ في زيارته الأخيرة لحلب.

هاتان الرسالتان نادرتان ، وعدم نشرهما وتعرضهما للضياع خسارة حقيقية للتاريخ العلمي لمدينة حلب.

ثالثاً: كتب لم تكتمل:

أـ أحاديث مشتهرة على ألسنة الناس اليوم.جمعها ولم يتم له إكمالها.

ب ـ تحقيق لرسالة إسماعيل كلنبوي في آداب البحث. حقق قسم من الرسالة ولم يتمها.

رابعاً: تحقيق كتب.

أ ـ تحقيق كتاب "المنهج السديد في شرح جوهرة التوحيد" للشيخ: محمد الحنيفي الحلبي، وقد صدر الكتاب بعد وفاة محققه، عن دار ابن حزم عام1424هـ، في 247صفحة.

ب ـ تحقيق كتاب"شرح المنظومة البيقونية" للعلامة الشيخ: أحمد الترمانيني، قدم له بدراسة عن شروح البيقونية القديمة والحديثة كما أورد ترجمة واسعة للشيخ الترمانيني.

ونرجو أن يصدر هذا الكتاب في وقت قريب بعون الله تعالى.

خامساً:المقالات والمحاضرات.

1ـ فلتكن نظرتنا إلى الكيف أولاً، بيَّن فيها أن العدد ليس دليلاً على الصحة، ونشرت في مجلة نهج الإسلام، في العدد30من السنة الثامنة(1408ـ1988 ).

2ـ ترجمة الدكتور الشيخ عمر خياطة بمناسبة وفاته عام 1988م. وهو غير منشور.

3ـ القرافي صاحب الفروق والدمى المتحركة، نشر هذا المقال في مجلة "نهج الإسلام" في العدد 34، من السنة التاسعة(1989ـ1409).

4ـ الزمخشري مفسراً، مقال مطبوع على الآلة الكاتبة، يتحدث فيه عن جهود الزمخشري في مجال التفسير.

5ـ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم مولدٌ للعقل من جديد. نشر في مجلة "نهج الإسلام" في العدد 41 من السنة الحادي عشر(1410ـ 1990).

6ـ الإسلام وبناء الشخصية الحضارية. نشر في مجلة "نهج الإسلام" في العدد 44 من السنة الثانية عشر(1411ـ1991).

7ـ ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام. ذكر فيه ملامح الشخصية الإسلامية التي يراها تتمثل في الطموح والتطلع نحو الأفضل، والعزة و الإلفة والمحبة، والثبات، والتكامل،نشر في مجلة "منار الإسلام" الإماراتية عام 1997م.

8ـ قل آمنت بالله ثم استقم... نشر في مجلة "نهج الإسلام" في العدد 53 من السنة الرابعة عشر(1414ـ 1993).

9ـ كيف وظف الإسلام الشعر. محاضرة ألقيت في نادي التمثيل العربي في حلب، عام 1996م.

10ـ مشكلات سلوكية للطفل. محاضرة ألقيت في دار الأيتام بحلب، تحدث فيها عن بعض المشكلات السلوكية ودوافعها وأسبابها، وقدم حلولاً لمعالجتها من وجهة نظر إسلامية.

11ـ الإمام مسلم. محاضرة ألقيت عن الإمام مسلم في الثانوية الشرعية بمناسبة مرور ثمانية قرون على وفاته، وهي غير منشورة.

12ـ بشائر النور. مقال يتحدث فيها عن ولادة النبي صلى الله عليه وسلم والمبشِّرات به في الكتب السماوية.

ا13ـ لرحمة المهداة. وهي آخر ما كتب قبل وفاته بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.

كما كتب الشيخ مجاهد عشرات المواد العلمية، في "الموسوعة الإسلامية الميسرة" الصادرة عن دار صحارى مشاركة مع دار فصلت بحلب،

أخيراً: فإنما ما قدمته هو أهم ما خلفه الشيخ من آثار علمية وأدبية، ونأمل أن يقوم موقعنا بنشرها وفاءً لجهده وجهاده.