رائد الاقتصاد الإسلامي بالكويت.. الشيخ أحمد بزيع الياسين يرحمه الله

كتب: جمال الشرقاوي

أول رئيس لـ«بيت التمويل الكويتي» خلال الفترة من 1977 حتى 1993م توفي الخميس 8 سبتمبر 2011م أحد رجالات الكويت الأبرار، وأحد رعاة نهضتها الاقتصادية، وأبرز خبرائها في مجال الاقتصاد الإسلامي الشيخ أحمد بزيع الياسين (أبو مجبل) عن عمر يناهز الـ83 عاماً، والذي يعد بحق رائد الاقتصاد الإسلامي بالكويت، وأحد رموز العمل المالي الإسلامي المصرفي ليس على المستوى المحلي وحسب، بل على المستويين العربي بعامة والخليجي بخاصة. كانت له إسهاماته الواضحة في توجيه التجربة نحو الطريق الصحيح، وظل مع أقرانه من العلماء والمعنيين بالاقتصاد الإسلامي في جهد مستمر، لتوفيق الأدوات المالية المصرفية مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإرساء قواعد التجربة وغرس جذورها حتى وافته المنية. كان مدرسة يتعلم منها الجميع مفاهيم الصيرفة الإسلامية بل ومفاهيم الاقتصاد السليم التي تنطلق من أسس شرعية متينة، أسس من خلالها مؤسسات مالية ومصرفية قوية، خدمت الاقتصاد الكويتي وأسهمت في تكريس الدور المحوري للاقتصاد الإسلامي في الكويت. دعا إلى إلغاء الفائدة الربوية في جميع المصارف باعتبارها ضرورة شرعية، لكونها من أسباب تخلف الأمة الإسلامية، ووصولها إلى هذا الدرك الأسفل من الذل والهوان. وخاض الشيخ أحمد حرباً ضروساً على الربا بجميع أشكاله، ولم تكن تمر مناسبة إلا ويعلن رفضه العمل في أي مجال فيه ربا أو يقود إليه، حتى أنه أبى العمل في مجالات كثيرة في مستهل حياته العملية كان يرى فيها مجالاً من مجالات الربا. ولم تكن حربه على غير هدى، بل إن سعيه المتواصل لتحقيق حلمه في تعبيد الطريق أمام نشأة المصارف الإسلامية جعله يتعمق في دراسة كل ما يمت إليها من علم ديني، فأصبح عالماً في مجاله. ولد الشيخ أحمد بزيع الياسين في 6شوال 1346هـ، الموافق 28 مارس 1928م. التحق بالمدرسة «المباركية» عام 1937م، فكان من الأجيال المتقدمة فيها، وكان من بين زملائه في المدرسة المباركية الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح يرحمه الله، وغيره كثيرون من الشخصيات المؤثرة في تاريخ الكويت المعاصر. من أقواله: يقول عن نفسه في حلقات نشرت على الموقع الاقتصادي العالمي الإسلامي: «دخلت الكتاتيب وعمري أربع سنوات، وتخرجت في التاسعة من عمري، ودخلت المدرسة المباركية عام 1937م، حيث كان لدي حصيلة جيدة من التعليم الابتدائي استقيتها من مدرسة الكُتَّاب، وعندما اختبرني ناظر المدرسة الأستاذ: أحمد أفندي - يرحمه الله - نقلني إلى الصف الرابع المتوسط مباشرة، حيث بدأت الدراسة في المدرسة المباركية في ذلك الصف، ومكثت فيها إلى عام 1942م حين تخرجت من الصف الثاني الثانوي، ولم يكن لدى المدرسة المباركية صف للثالث الثانوي آنذاك. وبعد تخرجي من المدرسة المباركية عام 1942م، عملت كاتب حسابات عند أحد الأعمام من التجار، واستفدت منه خبرة واسعة في التجارة والإدارة، وهو العم سليمان إبراهيم المسلم يرحمه الله، واكتسبت منه كيفية المراسلات التجارية، حيث عملت لديه مدة 4 سنوات حتى عام 1946م. وفي ذلك العام (1946م) كان سفري الأول إلى الحج وعمري 18 عاماً، كانت رحلتنا على الإبل واستغرقت الرحلة شهراً ونصف الشهر ذهاباً ومثل ذلك في الإياب. ويضيف: عملت في التجارة لحسابي الخاص، متنقلاً ما بين الكويت والهند لمدة سنتين، ثم عملت في عام 1948م مع العم عبدالعزيز علي المطوع - يرحمه الله - حتى عام 1972م متنقلاً في الوظيفة حتى صرت مديراً لأعماله في الكويت والمملكة العربية السعودية، وكان يعمل في التجارة العامة، فاكتسبت منه المزيد من الخبرة التجارية والإدارية بالإضافة إلى الخبرة السابقة التي نهلتها من العم سليمان المسلم. بعد ذلك قابلني العم يوسف عبدالعزيز الفليج عند مسجد «السوق» وقال لي: الآن عليك خدمة وطنك بعد هذه الغيبة خارج الكويت، وكان عمري 28 عاماً حينذاك. وقد كلفني ذات مرة بحمل التبرع الشعبي الكويتي إلى مصر العزيزة، وكنت قد انضممت إلى غرفة التجارة والصناعة عام 1970م، كما أصبحت عضواً في مجلس إدارة بنك الكويت المركزي منذ تأسيسه، حيث لم تكن الفائدة البنكية من اختصاصه في ذلك الوقت، وعندما أسند إليه تحديد سعر الفائدة البنكية اعتزلت العمل فيه. عملت في جمعيات النفع العام بعد ذلك، وكنت رئيساً في بعضها وعضواً في بعضها الآخر، وكنت قد حاولت في فترة السبعينيات تأسيس شركة أو بنك على المنهج الإسلامي، وكان دافعي لهذا الاستجابة لأمر الله تعالى بالابتعاد عن حرمة الربا في الأعمال التجارية. وفي بداية السبعينيات، زار الكويت الأستاذ د. عيسى عبده - يرحمه الله - فطرح فكرة تأسيس بيت تمويل إسلامي مع بعض الإخوة الأفاضل أمثال: عبدالله سليمان العقيل، ويوسف جاسم الحجي، وغيرهما، فاستحسن الفكرة عبدالرحمن العتيقي وزير المالية آنذاك، فتم تأسيس بيت التمويل الكويتي، وكلفت بالعمل فيه عقب مشاركة بعض الكويتيين ووزارة المالية في تأسيس بنك دبي الإسلامي بالتعاون مع الشيخ سعيد أحمد آل لوتاه. ويضيف الشيخ الياسين قائلاً: تم تأسيس بيت التمويل الكويتي عام 1977م، وبدأنا العمل يوم 28 أغسطس 1978م، وكان رأس مال البيت في ذلك الوقت 10 ملايين دينار بنسبة 49% للمؤسسات الرسمية، و51% للقطاع الخاص، بدأنا العمل بربع رأس المال، أي بمبلغ 2.5 مليون دينار، ثم دارت العجلة فكانت أول صفقة لبيت التمويل الكويتي شراء قسائم سكنية ثم بيعها، وربحنا في تلك الصفقة 30 ألف دينار، ثم توسع العمل بعد ذلك فاستدعينا كامل رأس المال وأخذنا نتوسع في القنوات الاستثمارية.
المصدر : مجلة المجتمع.