الشيخ عبد الرحمن الباني

سـيرة العلامة المربي

عبد الرحمن الباني([1])

 

مختصرة مما كتبه تلميذه: أيمـن بن أحمد ذوالغـنى

 

هو عبد الرحمن بن محمد توفيق بن عبد الرحمن شيخ عثمان الباني الحسني أبو أسامة، ولد في حيِّ الدقَّاقين بدمشق بتاريخ (شعبان 1335هـ/ حَزيران 1917م): علامة ربَّاني، وداعية ناصح، ومربٍّ من طراز فريد، زاهد عابد، وإمام قدوة، سلفي معمَّر، من بركات العصر وبقية السلف الصالح، ونوادر الدهر في الورع والتقوى والاستقامة، ومن الأتقياء الأنقياء الأخفياء، الذين يؤثرون العمل بعيدًا عن الأضواء والشهرة، صادق اللهجة، لين العريكة، يألف ويؤلف، من الأمَّارين بالمعروف النهَّائين عن المنكر، بأسلوب يفيض رقة ولطفًا، قارئ نهم مدقِّق، واسع الاطلاع على التراث العربي والإسلامي المطبوع، يملك مكتبة ضخمة من أكبر المكتبات الخاصة، تحتوي نوادر البحوث والدراسات. كان يلقَّب بعبدالرحمن الباني الحفيد (بالنسبة إلى جدِّه عبد الرحمن)، وبالباني الصغير (بالنسبة إلى أخويه بشير وعبدالهادي)، وبعبدالرحمن المناهجي (لولوعه بوضع المناهج، واهتمامه بتعديلها وتصحيحها)، وبأحمد بن حنبل العصر (لحرصه على التزام السنة والتأسي برسول الله r، مع اللين والرفق في النصح والدعوة). من أعلام المربين، صاحب آراء إصلاحية غير مسبوقة في قضايا التربية الإسلامية، وهو يرى أن ما يسمى في المدارس مادة التربية الإسلامية لا يعدو أن يكون مقتطفات من العلوم الإسلامية، يصلح أن تسمى ثقافة إسلامية، أما التربية الإسلامية فيجب أن تكون منهجًا متكاملاً شاملاً يربَّى عليه أبناء المسلمين في المدرسة والبيت والمسجد والسوق وكل مكان. قضى أكثر من سبعين سنة في ميادين التربية طالبًا ومتعلِّمًا، ومدرِّسًا ومعلمًا، وموجهًا ومفتشًا، ومشرفًا ومنظِّرًا، وخبيرًا ومستشارًا. أستاذ جامعي مرموق، من الخيرين الذين يبذلون وسعهم في مد يد العون والمساعدة في كل ميدان من ميادين الإصلاح، ومن علماء العربية المعدودين. شديد الاهتمام بأمور المسلمين، يتألم ويحزن لما يصيب إخواننا في فلسطين والعراق، وكل بقعة من الأرض. يتميَّز بالتزام الفصحى في حديثه، وبجمال الخط وفق قواعد الرقعة.

درس المرحلة الابتدائية في المدرسة الجوهرية السفرجلانية، التي أسَّسها الشيخ المربي محمد عيد السفرجلاني. وتابع المرحلة الثانوية من الصف السابع إلى الأول الثانوي في مكتب عنبر، ثم أتمها في مدرسة التجهيز (جودة الهاشمي). ثم التحق بدار المعلمين، وتخرج الأول على دفعته، وحصل على شهادة أهلية التعليم سنة 1363هـ/ 1943م. ولزم في هذه المراحل دروس الشيخ المربي محمد أمين كفتارو، وتأثَّر به وبصلاحه وتواضعه، وبعد وفاته استمر في حضور مجالس ابنه الشيخ أحمد كفتارو.

وبعد تخرجه في دار المعلمين ابتعثته وزارة المعارف السورية إلى مصر للدراسة في كلية أصول الدين بالأزهر، وكان أول طالب تبتعثه الوزارة، وذلك بسعي من أستاذه محمد المبارك عند وزير المعارف فيضي الأتاسي. فقضى في القاهرة سبع سنين، وأبت همَّته العالية إلا أن يعودَ بأربع شهادات بدل الشهادة. فنال الشهادة العالية لكلية أصول الدين في الجامع الأزهر سنة 1365هـ/ 1945م. وشهادة العالِمية مع الإجازة في الدعوة والإرشاد بالجامع الأزهر 1367هـ/ 1947م. (وهو تخصُّص تابع لكلية أصول الدين). وشهادة ليسانس في الفلسفة من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (ثم الجامعة المصرية، فجامعة القاهرة حاليًّا) 1369هـ/ 1950م. وإجازة التدريس من المعهد العالي للمعلمين في القاهرة 1370هـ/ 1951م.

بعد إتمامه الدراسة الثانوية وحصوله على البكالوريا الثانية (قسم الفلسفة) درَّس سنتين، باسم معلم وكيل، في المرحلة الابتدائية، قضى الأولى منهما في (مدرسة التهذيب) قرب جامع الحنابلة، التي كان مديرها من آل حمزة الحمزاوي، وكان شيخنا يخرج طلابه لصلاة الظهر يوميًّا في الجامع. والسنة الثانية في (مدرسة سعادة الأبناء) التي أنشأها الشيخ علي الدقر، وكان مديرها الشيخ عبدالرزاق المهايني، ودرَّس فيها اللغة الفرنسية. ثم بعد تخرجه في دار المعلمين درَّس في (مدرسة أنموذج عمر بن عبدالعزيز) في منطقة عرنوس.

وبعد عودته من مصر درَّس في (مدرسة التجهيز) يومًا واحدًا فقط، لطلاب الصف الثاني عشر، وكان من طلابه في ذلك اليوم: د.هيثم الخياط، وكان من أذكى الطلاب. وتولى التدريس في دار المعلمين بدمشق، ودار المعلمات، وفي كليتي الشريعة والتربية بجامعة دمشق، سنتين، وكان في كلية التربية مشرفًا على القسم التطبيقي العملي لطلاب الشريعة.

ثم عيِّن مفتشًا اختصاصيًّا لمادة التربية الإسلامية، فكان مسؤولاً عن كل ما يتصل بالمادَّة، من اختيار المعلمين الأكفياء لتدريسها، ووضع مناهجها، والإسهام في تأليف مقرَّراتها، وأشرك معه في وضع منهج مادة مصطلح الحديث للثانويات والمعاهد الشرعية: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ومحمد أمين المصري. وكان وضعه لمناهج المعاهد الشرعية والثانويات الشرعية بتوجيه من الأستاذ هاشم الفصيح رئيس الهيئة التفتيشية. وأفاد في وضع المناهج من نصح د. عبدالرحمن رأفت الباشا، واستعان في إعدادها بالشيخ د. مصطفى الخن، لثقته بعلمه وإخلاصه، ووضعت مُقرَّرات نافعة، وأُلفت كتب جيدة بناء على تلك المناهج. وقد أسهم الشيخ علي الطنطاوي في وضع منهج التاريخ الإسلامي، بما أسماه (أعلام المسلمين)، وألف مقرَّرات المنهج أخوه الشيخ محمد سعيد الطنطاوي.

وكان للشيخ أثر في افتتاح ثانويات شرعية للبنات، وقد سعى في ذلك عند الشيخ أحمد الدقر الشقيق الأكبر للشيخ عبد الغني الذي استجاب لدعوته وإلحاحه، وعمل على افتتاح تلكم الثانويات لتكون تابعة لوزارة المعارف.

في سنة 1962م اعتقل الشيخ 79 يومًا، وبعد خروجه عُزل عن التفتيش، ومنع من التدريس في المدارس الحكومية، فدرَّس في معهد التوجيه الإسلامي نحو سنتين، وكان المدير الشيخ صادق حبنكة رحمه الله تعالى.

ثم في نحو سنة 1964م انتقل إلى الرياض، فعمل في وزارة المعارف السعودية، وفي إدارة معاهد إعداد المعلمين. وشارك في تأسيس المعهد العالي للقضاء، ووضع مناهجه، بتكليف من الملك فيصل بن عبدالعزيز، وكانت اللجنة التي عمل فيها للتخطيط والإعداد للمعهد برئاسة العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة، ومن أعضائها: العلامة عبدالرزاق عفيفي، ومنَّاع القطان. وشارك أيضًا في وضع سياسة التعليم بالمملكة، وكان عضوًا خبيرًا في اللجنة الفرعية لسياسة التعليم، ومن أعضائها: محمد سعيد الطنطاوي، ومنَّاع القطان، وسائر الأعضاء سعوديون منهم الشيخ الفاضل سعيد الجندول. ويرى شيخنا أن هذه السياسة هي وثيقة ثمينة عظيمة النفع متكاملة، أقيمت وَفق الشريعة الإسلامية، تصلح لنهضة التعليم في العالم كله. وقد وضعت السياسة بأمر من الملك فيصل الذي انتبه لخطر أثر المعلمين المصريين في نقل الفكر القومي الجاهلي، والفكر الاشتراكي الوضعي، إلى الطلاب السعوديين، ورأس اللجنة وزير المعارف الفاضل د.حسن آل الشيخ. وقد اطلع الشيخ أبو الأعلى المودودي على سياسة التعليم، فأعجب بها أيما إعجاب، وقال: إن المملكة تملك ثروات غنية طائلة، ولكن أعظم ثرواتها هي سياسة التعليم.

وأسهم شيخنا في تأسيس مدارس تحفيظ القرآن الكريم، وهي مدارس حكومية بلغت الآن العشرات، تمنح جميع طلابها مكافآت مالية تشجيعية، من بداية المرحلة الابتدائية، إلى نهاية الثانوية. وكلِّف التدريسَ في كلية الشريعة وكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالرياض، وفي قسم الاجتماع من كلية التربية بجامعة الإمام، وكان عضوًا في لجنة قبول الطلاب لمرحلة الماجستير. وبلغ تدريسه الجامعي زهاء 30 سنة. أشرف فيها على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وشارك في مناقشة رسائل أخرى. وكان أول من وجه طلاب الدراسات العليا إلى دراسة الفكر التربوي عند أعلام المسلمين في رسائلهم الجامعية، كالفكر التربوي عند الغزالي، وابن خلدون، وابن تيمية، وابن القيم... إلخ.

وأسهم في نحو سنة 1392هـ في تأسيس مدارس (منارات الرياض الأهلية)، وهي مدارس نموذجية رفيعة المستوى، غايتها تربية طلابها على الإسلام في منهج تربوي متكامل، وهي مشروع غير ربحي، وعمل الشيخ فيها موجِّهًا ومشرفًا عامًّا سنوات من 1412- 1418هـ، وكان تأسيسها بدعم من سماحة الشيخ المفتي عبدالعزيز بن باز، وبتعاون الأستاذ توفيق الشاوي (مصري متخصص بالقانون الجنائي، فاضل جدًّا)، ومحمود الشاوي، والأمير محمد الفيصل (من أهل الخير والفضل والصلاح)، ود. راشد الكَثيري (من أساتذة كلية التربية بجامعة الملك سعود، وعضو مجلس الشورى).

وكان شارك في القاهرة زمن الوحدة في اجتماعات مناقشة توحيد المناهج، صحبة الأستاذ أحمد مظهر العظمة، ووفَّقهما الله في تثبيت أمور مهمة في منهج التربية الإسلامية.

وكان عضوًا في لجنة المراجعة النهائية للموسوعة العربية العالمية التي صدرت في ثلاثين مجلدًا برعاية الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود. وهو الذي اقترح ضرورة اعتماد التأريخ الهجري في كل تاريخ يذكر في الموسوعة، سواء يتصل بالمسلمين أو بغيرهم .وكان عضوًا في لجان جائزة الملك فيصل العالمية ثلاث سنوات.

وشارك الشيخ في عدد من المؤتمرات العلمية والإسلامية داخل المملكة وخارجها، منها مؤتمر القدس الذي عقد فيها سنة 1953م، وصلى في المسجد الأقصى. وألقى بحثًا في (المؤتمر العالمي الأول للتعليم الإسلامي) في مكة المكرمة سنة 1397هـ (1977م). ومثَّل جامعة الإمام في مؤتمر تربوي في بلجيكا. وقضى ثماني سنين يعمل مستشارًا لوزير المعارف السعودي.

شارك في العمل الدعوي الإسلامي في الشام مع الشيخ د. محمد أمين المصري، وكان يده اليمنى، ومع د. مصطفى السباعي، وعصام العطار. وشارك في العمل الإسلامي في مصر مع حسن البنَّا، ووضع بتكليف منه منهجًا لمعهد إعداد الدعاة، الذي لم يكتب له القيام، وقد سُرَّ به حسن البنا جدًّا. وكانت له دروس تعقد في جامع المرابط بالمهاجرين.

سجن بدمشق 79 يومًا، نحو سنة 1962م، بعد خُطبة خطبها في جامع المرابط عن فساد التعليم في سوريا، وكانت خطبة قوية جريئة سمَّت الأشياء بأسمائها صراحة، فاعتُقل في مساء ذلك اليوم، واعتقل معه الأستاذ جودت سعيد. وخرجا من السجن معًا أيضًا، وبعد خروجه عُزل من التفتيش، ومُنع من التدريس في المدارس الحكومية.

وكان سجن في مصر أيام دراسته فيها عامًا دراسيًّا كاملاً سنة 1949م، في معتقَل الطُّور مع صديقه نافع السباعي في اليوم نفسه، وخرجا أيضًا معًا. وكان حينها طالبًا في المعهد العالي للمعلمين.

عقد قرانه في 4/ 11/ 1951م، وأقيم حفل الزفاف في جامع الشمسيَّة بالمهاجرين، قرب مدرسة طارق بن زياد، في عهد الرئيس أديب الشيشكلي، في آخر سنة 1952م، وكان أول حفل زفاف يقام في مسجد بدمشق. وكان عريف الحفل الشيخ محمد بن لطفي الصباغ، وألقى فيه الأستاذ عصام العطار كلمة، ود. محمد هيثم الخياط قصيدة. وقد أصرَّ الحضور أن يلقيَ كلمة في عرسه فصعد منبر المسجد وألقى خطبة قوية عن فساد التعليم وتغريبه في مدارس الشام، وعن سلخ طلاب المدارس عن دينهم وثقافتهم وهويتهم، ومما قاله فيها: لئن تُقطَع يدُ الأب الغيور على دينه وتُلقى في النار أحبُّ إليه من أن يتخرج ولده في المدارس الحكومية ذات النظام التعليمي الحالي! وقال: حينما ينال طالب الابتدائية شهادته فهذا يعني أنه بُذل ست سنين في سلخه عن الإسلام، وحين يتمُّ الإعدادية فهذا يعني أنه تعرض مدة تسع سنين للتغريب والإبعاد عن الإسلام، وحين يفرغ من المرحلة الثانوية، فهذا يعني أنه تلقى على مدار اثنتي عشرة سنة ما ينأى به عن الإسلام والصراط القويم. ووزِّع في العرس: رسالة (المرأة المسلمة)، للإمام الشهيد حسن البنَّا، استخرج الرسالةَ شيخنا الباني من مجلة (المنار) التي نُشرت فيها أول مرة، لتطبع وتوزَّع في حفل زفافه، وطلب إلى أستاذه الذي يجله عظيم الإجلال الشيخ علي الطنطاوي أن يقدم للرسالة، فاستجاب لطلبه مشكورًا، وكان وفَّر هو وزوجه ما يعينهما على طبعها، غير أن الأستاذ حلمي المنياوي أبى إلا أن يطبعها على نفقته هدية منه لصديقه العزيز الباني، في مكتبته دار الكتاب العربي بشارع فاروق بالقاهرة، وكانا تعارفا وتآخيا في السجن، حيث قضيا سنة كاملة معًا عام 1949م في أحداث الإخوان بمصر. ووزِّع في الحفل أيضًا رسالة (آداب الزِّفاف) للشيخ الألباني، ألفها رحمه الله خِصِّيصى لتوزع في الحفل، استجابة لطلب صاحبه وصديقه الحميم الباني، وتولى طبعها أيضًا على نفقته الأستاذ حلمي المنياوي، وهذه الرسالة هي إحدى أربعة كتب ألفها الألباني بطلب من صديقه الباني.

وكان شيخنا قد تعرف المحدث الألباني بعد رجوعه من مصر، عرفه به صديقه ورفيق دربه محمد أمين المصري، وقد أعجب أيما إعجاب بمنهج الألباني في تحقيق الأحاديث، واتباع الدليل، ووجد عنده ما افتقده عند جلِّ من تلقى عنهم، فصحبه ولازمه، وصار من خواصِّه الأوفياء. وفتح له ولأصحابه بيته لتُعقد فيه مجالس العلم.

كان ذا همة عالية ونشاط وافر في تعرف أعلام عصره، والتواصل مع كبار العلماء والمفكرين والأدباء  ممن أدركهم، وربطته بكثير منهم روابط متينة من الإفادة والتعاون المثمر.

لم يعتنِ الشيخ بتأليف الكتب، إذ كان جل اهتمامه متجهًا إلى ما يراه أهمَّ وأجدى وهو وضع المناهج والخطط التربوية، والعمل في ميادين الإصلاح والتربية الفاعلة..

وأهم كتبه وبحوثه ومقالاته:

- (مدخل إلى التربية في ضوء الإسلام)، نشر المكتب الإسلامي ببيروت، ط2، 1403هـ/ 1983م. كان جزءًا من منهج للتربية وضعه الشيخ، ثم اطلع عليه العلامة أحمد راتب النفاخ فألفاه جديرًا بالطباعة، وألحَّ على الشيخ أن يطبعه فطبعه. 

- (الفلم القرآني)، نشره المكتب الإسلامي ببيروت، ومكتبة أسامة بالرياض، ط1، 1403هـ/ 1983م.

- (ابن خلدون والأدب)، بحث قدمه في السنة الأولى من دار المعلمين، لأستاذه د. عبدالحليم خلدون بن محمد زكي الكناني، ثم نشر جزءًا منه في مجلة التمدن الإسلامي بطلب من أحمد مظهر العظمة، ثم أعيد نشره في مجلة اليمامة بالسعودية دون علمه!

- (الدين والتربية وأسس التربية الدينية)، بحث قدمه في السنة الثانية من دار المعلمين، لأستاذه محمد بن عبد القادر المبارك أبي هاشم.

- (فكرة وحدة الوجود عند ابن عربي)، بحث قدمه في كلية الفلسفة، بجامعة فؤاد الأول، (جامعة القاهرة اليوم).

- (فن التراجم وحاجة الأمة إليه) بحث أعدَّه لطلابه في دار المعلمين.

- مقالة: (فلنذكر في هذا اليوم العظيم ذلك الرجل العظيم عبد الحميد بن باديس)، نشرت في صحيفة (العَلَم) الدمشقية التي كان يخرجها صهره الأستاذ عزة حصرية، وقت إقامة معاهدة (إيفيان) سنة 1962م.

- مقالة: (أوصيكم بالمقدِّمات خيرًا)، تحدث فيها عن أهمية مقدمات الكتب في الوقوف على مناهج أصحابها، وفي الإفادة المثلى من مضمونها.

- مقالة: (الزيادة السكانية نعمة ربَّانية) أنشأها ردًّا على وزير سعودي أبدى تخوُّفًا من الزيادة السكانية في المملكة التي بلغت ثمانية في المئة (8%).

- قدم لكتاب: (العبودية) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو من تحقيق زهير الشاويش، وتخريج محمد ناصر الدين الألباني، نشر المكتب الإسلامي، ط1 بدمشق 1482هـ/ 1962م، وط7 ببيروت 1426هـ/ 2005م.

- قدم لكتاب: (لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين) للدكتور عبدالله حجازي، نشرت ط1 في الرياض، 1417هـ/ 1996م.

- قدم لكتاب: (العقل عند شيخ الإسلام ابن تيمية) للدكتور فهمي قطب النجار، الرياض، ط1، 1425هـ/ 2004م.

- قدم لكتاب: (الخرسانة) للدكتور المهندس حبيب زين العابدين. وهي مقدمة مهمة جدًّا بعنوان: ضرورة التأليف باللغة العربية في العلوم التجريبية والتقنية.

- قدم لرسالة: (طريق الخلاص) لسيد قطب، من رسائل مسجد جامعة دمشق، طبعت في المجموعة الثالثة من الرسائل، التي نشرها المكتب الإسلامي، سنة 1405هـ/ 1985م.

- قدم لرسالة: (اللغة العربية بين أوليائها وأعدائها) للدكتور تقي الدين الهلالي، من رسائل مسجد جامعة دمشق، وهي من الرسائل التي لم يُعَد نشرها في مجموعات المكتب الإسلامي.

- قدم لرسائل أخرى دون التصريح باسمه، قدمت باسم لجنة المسجد.

- حوار مطول مع الشيخ تقي الدين الهلالي، أجراه معه في دمشق بالاشتراك مع د.محمد بن لطفي الصباغ، ونشر في صحيفة (العَلَم) الدمشقية.

كان يقول عنه د. عبدالرحمن رأفت الباشا: عبدالرحمن الباني، من حجج الله على خلقه في هذا العصر.

وكتب أستاذه علي الطنطاوي في تقديمه لرسالة (المرأة المسلمة) لحسن البنَّا، التي وزِّعت في زفاف الباني: ((عرفته تلميذًا وعرفته صديقًا، فما رأيت في شباب الشام من يفضله في حسن سيرته، واتباعه أمر الشرع ونهيه، فهو مسلم صادق الإسلام، في ظاهره وفي باطنه، وفي وحدته وفي صحبه... فإذا كان الزواج خيرًا ففي زواج هذا الأخ ثلاثة خيرات لا خير واحد، أولها أنه سيكون إن شاء الله زوجًا مثاليًّا كما يريد الإسلام أن يكون الأزواج، وأنه سيكون أبًا كاملاً، وأنه سنَّ هذه السنة الحسنة التي سيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. وإذا كان الناس يقدمون في العرس حلوى للضرس، فالأستاذ الباني قدم مع حلوى الضرس حلوى للروح وللنفس، هي هذه المقالة)). وأرخ الشيخ الطنطاوي مقدمته في: دمشق، ذو الحجة، سنة 1371هـ.

ووصفه الطنطاوي أيضًا في معرض حديثه عن عمه العلامة الشيخ محمد سعيد الباني بقوله: ((والشيخ سعيد لم يتزوج، ولم يخلف ولدًا، ولكن له ابنَ أخ يتمنى كل عالم أن يشرف بأن يكون عمَّه، ذلكم هو العالم العامل الصالح الأستاذ عبدالرحمن الباني)). من تقديمه لكتاب تلميذه د. محمد بن لطفي الصباغ: (لمحات في علوم القرآن) ص13.

وقال عنه في (الذكريات) 1/ 205: ((ومن آل الباني الأستاذ عبدالرحمن (الحفيد)، وهو عالم ديِّن، كان مفتش العلوم الإسلامية في وزارة المعارف السورية، فأدى في الوظيفة حقَّ الله، ووفَّى الأمانة، وأفاد ناشئة المسلمين)).

وأثنى الطنطاوي خيرًا على تلميذه الباني في حديثه عن تعليمه في المدرسة الجوهرية السفرجلانية، قال: ((وكان من تلاميذي فيها واحد نبغ حتى صار من شيوخ التعليم، ومن العلماء، وأمضى شطرًا من عمره موجِّهًا للمدرسين، مشرفًا على وضع المناهج، وتأليف الكتب في العلوم الدينية؛ لأنه كان مفتش التربية الدينية في وزارة المعارف، وهو أحد تسعة كانوا أوفى من مرَّ بي من الطلاب، وقد مرَّ بي آلاف وآلاف وآلاف من سنة 1345هـ إلى الآن، هو الأستاذ عبدالرحمن الباني)). الذكريات 1/ 280.

وعدَّه في (الذكريات) 5/ 266: أحدَ علماء العربية الذين حفظ الله بهم العربية في الشام.

وقال في 7/ 291 عنه يوم كان مفتشًا للتربية الإسلامية، وعن سميِّه عبدالرحمن رأفت الباشا مفتش اللغة العربية: ((فصنعا للدين وللعربية ما يبقى في الناس أثره، وعند الله ثوابه)).

وذكره الأستاذ عصام العطَّار، في برنامج (مراجعات) على قناة (الحوار) فقال: لا أعرف أحدًا أفضل من عبدالرحمن الباني في هذه الدنيا، نعم أعرف مثله: محمد سعيد الطنطاوي وغيره، هذه الطبقة نادرة، لكني لا أعرف أحدًا أفضل منه. عبدالرحمن الباني رجل نادر المثال، ولكنه من الناس المتواضعين، هنالك ناس جواهر لا يكاد يعرفهم إلا القلة، وهناك ناس لا يساوون شيئًا تجدهم مالئين الدنيا، وشاغلين الناس.

ووصفه الشيخ العالم الأصولي مصطفى الخن بعد رفقة طويلة، وتعاون وثيق، بقوله: إنه يؤدي ما كلِّفه بدأب وإتقان، ثم لا يريد أن ينسب إليه شيء مما أنجزه! 

أقرب أصدقائه إليه، وأوثق الناس صلة به في حياته: د. محمد أمين المصري، ود. محمد رشاد سالم، ود. عبدالرحمن رأفت الباشا، والشيخ عبدالحليم أبو شقة،والشيخ محمد سعيد الطنطاوي، ود. محمد بن لطفي الصباغ.

 وأشد الرجالات تأثيرًا فيه: العلامة عبدالحميد بن باديس، والإمام حسن البنَّا، والأديب الفقيه الشيخ علي الطنطاوي ،والمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

وفاته:

بقي الشيخ ممتعا بجميع حواسه ن نشيطاٍ دؤوبا على العطاء ، وأصيب في أواخر أيامه بتشمع في الكبد ،وقد وافاه أجله المكتوب في مشفى الملك خالد الجامعي بجامعة الملك سعود بالرياض ، فجر يوم الخميس 9 من جُمادى الآخرة 1432هـ الموافق (12/ 5/ 2011م)،وصلي عليه في مسجد الراجحي بعد صلاة الجمعة ، وحضر تشييعه حشد كبير من إخوانه وتلامذته ومحبيه ،ودفن بمقابر النسيم بالرياض ،رحمه الله تعالى وجزاه عن العلم والدين افضل ما يجزي عباده الصالحين

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

رثاء الشيخ عبد الرحمن الباني

توفي فجر الخميس 9/جمادى الآخرة/1432هـ في الرياض

شعر/ محمد جميل جانودي

فـي زحْمَـةِ الآلامِ والأحْــزَانِ          فِـيْ يَـوْمِ شَكْـوى أنّـةَ الإنْسَانِ

فِيْ يَوْمِ نَنْـنْظُـرُ للشَّـآم بِلَهْـفَـةٍ        لِتَقُـوْدَ صَحْــوَةَ أمّـةِ الْـقُرْآنِ

نَرْنُـوْ إِلَيْهَا وَهْيَ حَامِلَةُ الّلـــوَا         ءِ تَزِفُّ بُشْرَى النَّصْرِ لِلأَكْــوَانِ

فِيْ يَوْمِ نَهْـفُوْ لِلشَّبـابِ بجُــلّقٍ         ثَـارُوا بِـوَجْـهِ الظُّلْمِ وَالطّغْيَاْنِ

فِي يَوْمِ نَرْقُبُ مَـنْ يُبَارِكُ فِعْلَـهُمْ         وَيَشُـدُّ أَزْرَهُـمُ مَـعَ الأعْـوَانِ

فِيْ مِثْلِ هَـذَا الْيَوْمِ فَاجَـأ قَـوْمَنَا         نَــاْعٍ بِمَـوْتِ الْعَـالِمِ الرّبّـانِي

أنْـعِي إلَيْـكُمْ وَالـنُّفُوْسُ جَرِيْـحَةٌ        اليَـوْمَ مَـاتَ مُشَيّـدُ الْبُنْيَــانِ

مَـاتَ الْمُشَيّـدُ لِلْعُـلُومِ صُرُوْحَهَا         أكْـرِمْ بـِهِ مِِنْ عَالِمٍ أَوْ بَـــانِ

مَــاْ كَانَ ذَاكَ يُثِيْـرُ أيَّ غَرَابَةٍ          أَوَ لَمْ يُسَمّى في الْورى بـ(الْبَانِيْ)

شيْـخٌ ولكنَّ الشُّـيُـوخَ تَـؤمُّـهُ          لِتَـوَاضُعٍ وَسَـمـاحةٍ وَتَـفَـانِ

وتـؤمّـهُ لِمَـعْينِ عـلمٍ فَـائِضٍ         وفَـصَاحَـةٍ وبَـلاغَـةٍ وَبَيَـانِ

مَنْ زارَه يلْقَ البَشــاشةَ دائِــمًا         في وجْهِــهِ وطـلاقـةً بلِسـانِ

ويَدَاهُ تَشْهَدُ فِي رَحَــابَةِ جُــودهِ        وعَلَيْـهِ قَـاصٍ شـاهِـدٌ أو دَانِ

هجَـرَ الدِّيَـار لأنّــهُ لا يَنْحَنِـي        إلاّ لِــرَبٍّ واحِـــدٍ ديَّــانِ

هَـجَرَ الدّيـارَ وفِيْ الدِّيـارِ أحبَّةٌ        مَعَـهُ أتَـوْا فِيْ قلْبِـهِ الْريَّــانِ

كَمْ كَانَ يَـذْكُـرُهُمْ إلَى جُلَسـَـائِهِ        يَبْكِيْـهمُ فِـي رقّـةٍ وحَنَـــانِ

يَبْكي دِيَـارًا لَمْ تَـزلْ مَـرْهـونةً         للظّـلْمِ والإفْسـادِ والبُـهْتَــانِ

لكِـنّ بَـارقةَ التَّفـاؤُلِ لَـمْ تَغِـبْ        عَنْ وجْهِـهِ في غَمْـرَةِ الأحْزانِ

حتّــى أقَـرّ اللـهُ عَيْنيْـهِ بِمَـا         يَشْفِيْ الصّدورَ بثَــوْرَةِ الشُّبّـانِ

وقَضَى غَرِيْبًا إنّمَــا فِيْ أهْـلِـهِ         فِي أرْض نَجْدٍ مَوْئِــلِ الْعِـرْفانِ

قدْ شيَّعُوه إلى (النَّسيْمِ) بأَدْمُـعٍ([1] )       يشْكو الطريْقُ تَـزَاحُمَ الرّكْبَـانِ

وارَوْه في جَـدَثٍ كأنَّ تُـرابَــهُ         مسْكٌ يَـفُـوح بأطيبِِ الرّيْحـان

فارْحَـمْ إلَـهي شَيْخَـنَـا وتَـولّه         ثَـقِّل لهُ الْحَسَـنَاتِ في الْميزانِ

******

 

 



([1]) شُيّع إلى مقبرة النسيم بعد صلاة الجمعة في 10/جمادى الآخرة/1432 الموافق لـ 13/أيار/2011م.