الشَّيخ العالم المربي موفق النشوقاتي

1357-1421هـ / 1938-2000م

هو العالم الجليل الشيخ موفق بن محمد رسلان بن عمر بن حسين بن بكري النشوقاتي الدمشقي الحنفي القادري.

ولد سنة 1357هـ 1938م، ونشأ في أسرة فقيرة ومالبث والده أن توفي سنة 1366هـ وهو دون العاشرة تاركاً خمسة من الأولاد وهو أكبرهم فاضطر وهو في هذا السن إلى العمل والاكتساب ليعيل والدته وإخوته، فعمل في صنعة الحلاقة وعمل في بعض الأعمال الحرة.

ولما بلغ الخامسة عشرة من عمره، لازم دروس العلامة الشيخ محمد سعيد البرهاني مدة ستة أشهر، وجلها في الفقه والتصوف، وأخذ عنه الطريقة الشاذلية (الورد العام).

ثم لزم دروس العلامة الشيخ محمد هاشم المجذوب مدة ستة أشهر أيضاً، قرأ عليه خلالها الفقه الشافعي والعربية.

ثم دله بعض رفاقه إلى دروس الشيخ سهيل الزبيبي أبي سليمان فلازمه أكثر من سنة قرأ عليه خلالها مبادئ العلوم وحفظه المتون ودربه على الخطابة.

ثم أخذه الشيخ أبو سليمان إلى شيخه العلامة محمد صالح الفرفوري مع ثلة من الطلبة فالتقوا بالشيخ تحت ظل شجرة فأخذه الشيخ بيده وقال له : ((إن الذين يبايعونك تحت الشجرة) فقال له أمرك ياسيدي، ولازم بعد ذلك دروسه والتحق بصفوف معهد الفتح الإسلامي وذلك في سنة 1375هـ 1956م.

حيث قرأ في المعهد على العلامة الشيخ محمد صالح الفرفوري وعلى كبار تلاميذه كالعلامة الشيخ إبراهيم اليعقوبي والعلامة الشيخ رمزي البزم والعلامة الشيخ عبد الرزاق الحلبي والعلامة الشيخ محمد أديب الكلاس والعلامة الشيخ صبحي البغجاتي وغيرهم.

ثم تخرج من هذا المعهد المبارك سنة 1962م بتفوق وعين مدرساً وجابياً لجمعيته، كما عين في مديرية الأوقاف إماماً وخطيباً في عدة مساجد آخرها مسجد عمر بن الخطاب في باب السريجة.

وفي سنة 1964م تزوج من ابنة الشيخ العارف بالله سعيد الأحمر وأخذ عنه التصوف النظري والعملي، وكان له أثر كبير في حياته.

وفي سنة 1973م حصل على الإجازة الجامعية من جامعة الأزهر علما ً أنه سجل في السنة الرابعة مباشرة وذلك بسبب اتفاقية ثقافية بين معهد الفتح الإسلامي و جامعة الأزهر الشريف تسمح هذه الاتفاقية لطلاب معهد الفتح الإسلامي أن يلتحقوا بالسنة الرابعة مباشرة .

وفي سنة 1403هـ / 1983م حصل على إجازة عامة بالعلوم والفنون وبالمعقول والمنقول من شيخه العلامة الشيخ محمد صالح الفرفور ثم أجازه مرة ثانية في سنة 1404هـ.

ثم حصل بعد ذلك على إجازات كثيرة من كبار العلماء منهم الشيخ عبد الرزاق الحلبي والشيخ محمد أديب الكلاس والشيخ أحمد نصيب المحاميد والشيخ عبد الفتاح أبو غدة والشيخ عبد الله سراج الدين والشيخ عبد القادر السقاف الحضرمي والشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي والشيخ أحمد زبارة مفتي اليمن والعلامة الشيخ محمد عبد الرشيد النعماني وغيرهم.

وأخذ الطريقة القادرية عن شيخه العلامة، الشيخ محمد صالح الفرفور والشيخ أحمد الذاكر الهرري والشيخ صبحي العدولي.

دَرَّس رحمه الله تعالى في معهد الفتح الإسلامي بقسميه التأهيلي و الجامعي منذ سنة 1963م وإلى وفاته رحمه الله سائر العلوم والفنون لاسيما علوم الحديث الشريف حيث درسها مدة طويلة عرف فيها بطول باعه وسعة اطلاعه، كما درس في بعض مساجد دمشق وعقد دروساً خاصة في بيته أقرأ فيها كتباً كثيرة.

كان رحمه الله مهتماً بالعلم غاية الاهتمام فحياته كلها بين درس علم أو مطالعة في كتاب يحرص على وقته في سبيل ذلك ولا يضيّع منه شيئاً بلا فائدة، وكان متعلقاً بالكتاب جد التعلق، وجمع في بيته مكتبة ً قل نظيرها بين المكتبات الخاصة، واهتم فيها إضافة إلى المراجع بالرسائل الصغيرة التي تتكلم في زاوية من زوايا علم ما، وكان يقول : إنه يوجد فيها ما لا يوجد في المراجع الكبيرة، وكثيراً ما كان يقول: (( لا يغني كتاب عن كتاب)).

وكان رحمه الله تعالى في أخلاقه متواضعاً هيناً ليناً طيب القلب بشوش الوجه نيره، يحب الخلوة والابتعاد عن الناس ولا يحب الشهرة والظهور.

وكان رحمه الله تعالى غيوراً على دينه ودين تلامذته وأبنائه كثير الدفاع عن الحق والذب عن العلم الصحيح، ربى أبناءه وبناته على طاعة الله، وحرص عليهم حرصاً شديداً حتى تخرجوا جميعاً من المعهد ذكوراً وإناثاً، واختار لبناته أزواجاً صلحاء، وكان يأبى أن يزوجهن إلا لطالب علم صالح غيرَ مكترث بالدنيا والمظاهر.

الخلاصة: أنه رحمه الله كان من الأتقياء الأصفياء الأخفياء، وأنه جمع بين شموخ العلم وتواضع العلماء رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

انتقل إلى رحمته تعالى صبيحة يوم الأربعاء الثالث والعشرين من جمادى الأولى 1421هـ الموافق للثالث والعشرين من آب 2000م رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه في مستقر رحمته ورضوانه آمين.

نشرت الترجمة  2009 وتم إعادة تنسيقها ونشرها اليوم