الإعلام عمن تولى إفتاء حلب من الأعلام (23)

المفتون في القرن الثاني عشر الهجري

66- قاسم الخاني

1028-1109هـ

1618-1697م

الشيخ الفاضل الصوفي، قاسم بن صلاح الدين الخاني الحلبي، ولد في حلب، وساح في عدد من البلاد، وحج وزار القسطنطينية، ثم سلك طريق القوم في الزهد والتقشف، وأخذ نفسه بالمجاهدة، ولما قارب الأربعين من عمره توجه إلى طلب العلم؛ فقرأ على جملة من علماء حلب الأفاضل، وخاصة على الشيخ أبي الوفا العُرْضي، وسرعان ما فتح الله عليه، واشتهر أمره، وأصبح من العلماء وتصدر للتدريس في المدرسة الشرفية، والمدرسة الحلوية ثم (توجه عليه الإفتاء) [1] بحلب، وكان يفتي على مذهب الإمامين أبي حنيفة النعمان، ومحمد بن إدريس الشافعي.

كما قام بتأليف بعض المؤلفات في التصوف والفقه والمنطق، نعد منها [2]:

1- شرح على الجزائرية في التوحيد.

2- التحقيق في الرد على الزنديق؛ في التوحيد.

3- مختصر متن السراجية وشرحه؛ فرائض.

4- السير والسلوك إلى ملك الملوك؛ تصوف.

5- فتح الملك المجيد في انتقال المريد؛ تصوف.

6- رسالة في المنطق.

وكانت وفاته سنة: تسع ومئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، في مدينة حلب ودفن في مقبرة الصالحين خارج باب المقام [3].

67- أحمد بن محمد الكواكبي

1054-1124هـ

1644-1712م

العالم الأديب الشيخ أحمد بن محمد بن حسن بن أحمد الكواكبي، الحلبي مفتي الحنفية بحلب.

علامة محقق، وفقيه أصولي، ومفسر، وأديب ماهر.

ولد في حلب، ونشأ في كنف أسرته المشهورة بالعلم والصلاح، وأخذ العلم عن والده، وعن كبار علماء حلب في عصره؛ كالشيخ أبي الوفا العرضي، والشيخ إبراهيم الكوراني، والفقيه الشيخ زين الدين الجلومي (أمين الفتوى) وغيرهم من العلماء، وتفوق وبرع وتصدر للتدريس كما تصدى للتأليف.

ولما توفي والده العلامة الشيخ محمد بن حسن الكواكبي (المتقدمة ترجمته) سنة: 1096هـ، أخذ مكانه في فتوى مدينة حلب، مع التدريس في المدرسة الخسروية فيها[4].

ثم توالت عليه الرتب والمناصب، فولي قضاء القدس، سنة: 1106هـ، وأزنيق سنة: 1121هـ، وطرابلس في السنة نفسها.

وقبل وفاته بثلاثة أعوام عُزِلَ عن الإفتاء في حلب، وسائر مناصبه في القضاء، وسيق منفياً إلى جزيرة قبرص[5] بلا جناية تقتضي ذلك[6]، ثم سعى الوزير علي باشا في العفو عنه، فتوجه إلى القسطنطينية وذاكر علماءها، وألّف بعض كتبه فيها، ونظم الشعر في مدح الوزير المذكور.

وكانت وفاته بالقسطنطينية، يوم الثلاثاء ثالث عشر من شهر رجب، سنة: أربع وعشرين ومائة وألف للهجرة النبوية الشريفة، ودفن فيها[7].

من مؤلفاته:

1- حاشية على منظومة (الكواكب) التي ألفها والده.

2- إرشاد الطالب شرح منظومة الكواكب، وهو شرح لمنظومة والده في الأصول.

3- حاشية على جزء البناء؛ صرف.

4- كتاب في السياسة والاجتماع؛ ألفه بعد عودته من المنفى للسلطان أحمد خان وفيه تعريف للسلطان وللرعية ما يجب على كل منهم وما يجب لهم [8]، وله شعر عذب في الغزل والخمريات الصوفية والمديح والفخر، منها:

بالله إن لحظات فتَّان الهوى=لحظتْ فكنْ للناس أكبر ناسِ

(متهتكاً في هاتكٍ بجماله=بلْ فاتكٍ بقوامه الميّاسِ

وإذا جلست إلى المدام وشربها=فاجعل حديثك كله في الكاس) ([9])

وتناول الأفراح في حاناتها=بالزق أو بالدّن أو بالطاس

واجعل نديمك فيه غير مقصّر=ابن الكرام لبنت كرْم حاسٍ

الراح طيبة وليس تمامها=إلا بطيب خلائق الجُلّاس

ومديرها رشأ كأن عيونه=وسنانة كالنرجس النعاس

فاشرب ولا تقنع بحسو قليلها=فأقل فعل الخمر ميل الراس

وله:

إن لم يكن ليَ أجدادٌ أسودُ بهم=ولم تُثبت بنو الشهباء لي شرفا

ولم أنل من ملوك العصر منزلة=لكان فخري في ذا العلم منه كفى

 

[1] (توّجه عليه الإفتاء) تعبير يعني عُيّن أو صدر قرار بتعيينه.

[2] هذه الكتب مخطوطة، وكان منها نسخ في عدد من المدارس الشرعية، وقد اطّلع عليها الشيخ محمد راغب طباخ، ومعظم هذه المخطوطات جمعت من هذه المدارس وأخذت إلى المكتبة الوقفية، ثم لما تم بناء مكتبة الأسد الوطنية بدمشق أخذ جل هذه المخطوطات إليها، إعلام النبلاء 6/391، وهدية العارفين 1/833.

[3] سلك الدرر 4/8، وهدية العارفين، 1/833، ومعجم المؤلفين، 8/104، وإعلام النبلاء 6/390.

[4] كان التدريس فيها رتبة سليمانية يعطاها كل من تولى الإفتاء في حلب.

[5] جزيرة تقع شمال شرق البحر المتوسط أمام السواحل اليونانية التركية. انظر مصور البحر الأبيض المتوسط.

[6] هكذا نص المحبي في ذيل نفخه الألباء والمرادي في سلك الدرر ص175.

[7] سلك الدرر 1/175، وهدية العارفين، 1/169، وإعلام النبلاء 6/419، ومعجم المؤلفين، 2/90.

[8] ضاعت معظم هذه المؤلفات لأنها لم تخرج من المسودات، وقد ذكرها البغدادي في هدية العارفين، 1/169، والطباخ في إعلامه، 6/420، والكحالة في معجم المؤلفين، 2/90.

[9] هذان البيتان لأبي نواس أتى بهما المترجم مضمناً.