الداعية الشيخ محمد علي مشعل

للشيخ محمد علي مشعل - رحمه الله - همة في تبيلغ الدعوة، ونشر العلم، وتعليم الأجيال، امتاز بها طيلة حياته!

سمعت عنه قبل أن ألتقيه في مدينة حلب، فقد كان يأتي زائراً لشيخنا عبد الباسط أبوالنصر خلف - طيب الله ثراه - وكنا مجموعة من الطلاب الجامعيين في أواخر الستينيات نحظى بلقائه، ونسمع عن أمور الدعوة من رجل دعوة، وداعية متحمس يخالط الناس في مجتمعاتهم، ويغشى نواديهم، يرجو لهم الصلاح،. يعمل في سبيل ذلك مااستطاع!

فقد افتتح مدرسة خاصة في وقت مبكر في بلدة تلدو في منطقة الحولة، يوم كان كثير من أبناء الريف يتجهون إلى المدن القريبة منهم سكناً، و يتجشمون الذهاب والإياب!

وهو يرجو أن يُخرج أبناء يحوزون العلم مع التربية، ويؤهلهم رجال غد يشاركون في بناء المجتمع السليم ؛ فكانت مدرسته (علي بن أبي طالب) التي يشرف عليها شخصياً نموذجاً في الرعاية، وتأليف القلوب في منطقة فيها أعداد من غير أهل السنة ؛ يحمل بعضهم موروثاً من خلفيات تاريخية وعصبية!؟ إذ كان يتألفهم، ويرجو أن تنصلح عقائدهم! استمراراً لجهود والده والشيخ مرعي ضاهر في إصلاح كثير منهم، وقدعاد كثير منهم إلى منهج الإسلام الحق!

وهو إلى جانب التبليغ والتعليم من خلال المدارس والمساجد واللقاءات دخل معترك المجالس النيابية تبليغاً للحق، وحصراً لزوابع الشر التي تعصف بالبلاد!؟

فكان ومجموعة من الأفاضل الصوت الجرئ والمؤثر الفعّال لاتأخذه في الله لومة لائم!

و حين تغيرت الظروف، وانتفش الباطل في صورة الحاكمين من حزب البعث، واستيلاء عساكرهم على البلاد، عمدوا إلى تغيير الدستور - على مافيه من قصور - فكان - رحمه الله- على رأس المبصرين للناس بعواقب تنحية الإسلام في بلد يدين أهله في غالبيتهم به ؛ فألقى خطبته المشهورة في مدينة حمص في جامع جورة الشياح التي تناقلها السوريون في مختلف المحافظات من خلال أشرطة التسجيل، وكان منها ماقاله لصانعي الدستور: تظنون أن المشايخ لايعرفون المقاصد التي تهدفون إليها فيما نصصتم عليه في دستوركم!؟ المشايخ هم أعلم الناس باللغة العربية، وأعرفهم بأساليببها!!

وانتشرت الخطبة بين الناس، ووصلت إلى مختلف المحافظات في أشرطة التسجيل، وتنبه الناس إلى ما راء الأكمة! فسجن على أثرها بعد أن بلغ كلمةالحق، ولم يثنه ذلك عن مسيرته التي ارتضاها!

ولكنه لم يأل جهداً - رحمه الله تعالى - في ساحة التبليغ والتعليم والإرشاد - ففي المناسبات المختلفة التي كان يحضرها يجد مجالاً للتنبيه إلى الأسس السليمة التي يجب أن تقوم عليها الأسرة والمجتمع،. قد وجدنا ووجد الكثيرون فيها الفوائد العلمية والعملية، ومازلت أذكر منها حضه على صلاة الجماعة: فإن لم تُدرك في المسجد، فلا تُترك بالمنزل مع الزوجة والأولاد! كان رحمه الله في فترة من عمره يسافر وهو الطاعن في السن ما بين مكة والمدينة وجدة يعلم المغتربين ويربي مع ما في ذلك من مشقة السفر لرجل تقدمت به العمر!

وقد حضرت في المدينة المنورة درسه الذي كان يقيمه في منزله صباح يوم الجمعة، قراءة لصحيح البخاري مع مطابقة بين عدد من الشروحات، و قد استفاد من استمر في الحضور أكثر ممن كان يأتي في أوقات مختلفة بسبب سكناهم خارج المدينة كحالنا!

رحم الله الشيخ أبا أسامة المضياف، كان إذا سمع بأحد قدم المدينة يلح في دعوته ويكرمه، فكان منزله ملتقى الأفاضل من أهل العلم والدعوة، قد علقت بأبيات على خبر وفاته:

في دعوة الإسلام كنتَ المشعلا وبكل خير جئتَ كنتَ الأولا

ياراحلاً! عفو الإله يحفه ………. نحو الجنان، وقد مضى متهللا

إنا على عهد وإن طال السرى حُيّيتَ يا عهد الإخاء الله و حيهلا!

(كتب الأخ خالد البيطار كتاباً خاصاً عن الشيخ، لم أحصل عليه - رحمهما الله تعالى وغفر لهما -)