المهندس الشيخ سليم حاج نجيب

كان وراء بناء خامس مسجد في ألمانيا

يعتبر المهندس الشيخ سليم حاج نجيب رحمه الله من رواد الجيل المخضرم الذي ترك، بسيرته العاطرة، أثرا طيبًا وجميلًا في نفوس الناس، فقد نهل الفقيد الكبير، منذ يفاعته، التقوى والورع، وسماحة النفس، ورفعة الأخلاق، وعشق العلم والمعرفة، إلى جانب الحرص على الاتقان في خدمة أهله ومجتمعه وبلده،

التحق الفقيد في الجامعة التقنية بألمانيا الغربية عام 1964، وحصل بزمن قياسي على درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية، حيث أظهر خلال دراسته في الجامعة الألمانية، نبوغاً لافتاً وتفوقاً بارعاً أبهر زملائه ومدرسيه، إذ أتقن أربع لغات هي الألمانية والانجليزية والفرنسية والتركية إلى جانب اللغة العربية.

خلال دراسته في الجامعة التقنية بألمانيا، قام الفقيد بجهود بارزة ومبادرة غير مسبوقة، أثمرت عن بناء صرح اسلامي شامخ في مدينة اخن الالمانية، حيث تقدم لبلدية المدينة لتسمح للطلاب المسلمين ببناء مسجد ومركز اسلامي لأداء الصلاة وممارسة الشعائر الدينية، سمي هذا الصرح باسم الصحابي بلال الحبشي وافتتح عام 1967 على موقع أرض تبرعت بها الجامعة التقنية في آخن، وهو خامس مسجد في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد مسجد برلين ومسجد عمر في هامبورغ ومسجد النور في فرانكفورت والمركز الاسلامي في هامبورغ، إذ يعتبر مسجد بلال ومركز اخن للدراسات الاسلامية، رائدا في الحوار بين الأديان.

بعد عودته لوطنه سوريا، التحق الفقيد بجامعة تشرين (اللاذقية)، ليعمل مدرساً في الجامعة، كما درس في المعهد الصناعي باللاذقية والثانوية الصناعية بجبلة، فكان خلال مسيرة حياته العلمية، استاذاً يؤدي واجبه بهمة ونشاط وتفان، كما كان نموذجاً يحتذى لأجيال كثيرة تتلمذت على يديه، وتفتحت آفاقها العلمية والمهنية، بعطائه واهتمامه وتشجيعه،

لازم الفقيد، فضيلة العلامة الشيخ محمد أديب القسام طيب الله ثراه، لفترة طويلة، ونهل من معين علمه الغزير، مختلف علوم الشريعة والدين، من فقه وحديث وتفسير وعلوم القرآن الكريم، كما كان مخلصاً وفياً لصديقه الشيخ الأديب، استلم من بعده، الامامة والخطابة في جامع أبي بكر الصديق، كما كان يقضي معظم أوقاته بمطالعة امهات الكتب والبحث والدراسة في مراجع علوم الدين والفقه،

اشتهر الشيخ سليم في المدينة بالورع والصلاح والتواضع، وكان مهاباً محترماً من أهالي المدينة، يقصده الناس لطلب النصيحة والمشورة في امور الدنيا والدين، فقد كان موضع ثقتهم ومرجعاً فقهياً لهم.

رحل الشيخ المهندس سليم حاج نجيب في 19 كانون الأول 2020، لكن بقي بذكراه، منارة للعلم، ومثال للأخلاق يحتذى به، نسأل الله أن يتغمده بواسع مغفرته وينزل عليه شآبيب رحمته ويعوض الأمة خيرًا بفقده.