الإبهاج بمختصر ترجمة الشيخ محمَّد أمين سراج(4)

أبرز تلامذته:

تلاميذ شيخنا منقسمون إلى طبقات، منهم من أدركه حال شبابه، ومنهم من أدركه بعد الخمسين، ومنهم من أدركه بعد السبعين، وهذا الوصف كحال كثير من شيوخ العلم، لكن للمسندين طبقة أخرى زيادة على هذه، وهي: طبقة المستجيزين في أخريات حياة الشيخ المجيز، وهم يُعَدُّون من تلاميذه (إلحاقاً لأجل الإجازة).

من أبرزهم: الدكتور أحمد طوران أرسلان (عميد جامعة الفاتح في إصطنبول)، فقد تعرف به عام 1965 (1) والشيخ حمدي أرسلان، والشيخ الدكتور خليل إبراهيم قوتلاي، والشيخ مصطفى ديميرقان، والشيخ محمد فاتح قايا.. وغيرهم.

طبقة المجازين: أكثر من استجازه من العرب؛ لشهرة أمر الإجازة عند أهل العلم منهم، ومن مشاهيرهم: تلاميذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ومن أبرزهم: الشيخ محمَّد عوامة (وقد مرَّ ذكره) وأبناؤه الكرام، والشيخ محمَّد عبد الله آل رشيد، وقد قدَّم لكتابه الإمام الكوثري وجهوده في رواية الحديث، الشيخ مجد أحمد مَكِّي، وكان دائم الزيارة واللقاء به، وحبه الشيخ سلمان أبو غدة.. وغيرهم.

ومن أهل المدينة المنورة: الشيخ يحيى الغوثاني، والشيخ أحمد عاشور، والشيخ سعيد طوله وغيرهم ممن كان يلقاه في الحرمين الشريفين.

كما كان لبعض باحثي الشام ومصر والمغرب نهاية تسعينيات القرن الماضي زيارات إلى تركيا بقصد البحث العلمي، فكانوا يجتمعون به ويحضرون بعض مجالسه ويستجيزونه، كالشيخ نظام يعقوبي والشيخ محمَّد وائل الحنبلي والشيخ خالد مختار السباعي والشيخ إياد الغوج (وقد خرَّج بأسانيده أربعين حديثاً).. وغيرهم.

وممن أجيز منه أيضاً: الشيخ محمَّد أبو بكر باذيب، وقد أسند رسالة تبسيط الفقه الأكبر من طريقه، والشيخ محمَّد ححود التمسماني، وقد خرَّج بعض الأحاديث بأسانيده للشيخ نظام يعقوبي في فضائل القسطنطينية، والشيخ شعيب أحمد والشيخ موتمباي رجب والشيخ محمَّد أشرف الأفريقيون، والشيخ عمر موفق النشوقاتي، والشيخ عيد وفا منصور، والشيخ محمَّد سعيد منقارة، والشيخ بلال آلتين، والشيخ عبد المجيد التركماني والشيخ علي السامرائي، والشيخ عبد الله العبيدي، والشيخ قتيبة العزي.. وغيرهم مما لا يعرف لهم عدَّ ولا يَصل إليهم حدّ.

وممن صار وكيلاً في إجازته: الشيخ محمَّد وائل الحنبلي الحنفي الدمشقي؛ ليجيز من لا يستطيع الوصول إليه من أهل العلم والفض، والشيخ عبد الأحد الفلاحي الهندي؛ ليجيز أهل الهند دون غيرهم، وكانت لهما بطلب من جامع هذا الأورق، كما وكلني قبلهم بسنوات، حيث كررها لي مرات وكرات (بين مكتوبة ومسموعة ومرئية)، وقد أبحت الرواية لبعض المشايخ وطلاب العلم عنه -- وكالة، ثم استجزته لهم أصالة، ثم تكرر هذا الأمر مرات، فكررت طلبها لهم أصالةً، والحمد لله على فضله.

وفاته:

بعد تجاوز شيخنا التسعين (في آخر سنتين من عمره الشريف)، اعتزل المجالس العامة وقلل المجيء إلى جامع الفاتح، ثم قبيل سنة اعتزل الناس وتفرَّغ للذِكر والعكوف على العبادة، وكان أهل بيته يتشددون في أمر صحته، فلا يخرج إلا لأمر مهم، حتى اجتاح العالم داء العصر الشهير بكورونا، فأصيب به رغم شدة حرص أهل بيته، ونقل بعد تفاقم أمره إلى المستشفى.. فتعافى منه وبدت صحته جيدة، لكن لم تدم هذه الفرحة إلا أياماً؛ حيث اختاره الباري لجواره في يوم الجمعة لسبعة أيام مضت من شهر رجب الأصم من عام 1442هـ عند أذان العشاء الآخرة، فلبى نداء الحق بنفس مرضية وروح طيبة، عن عمر تجاوز التسعين، قضاه بين تعلُّم وتعلِيم، فضَّجت بخبر أصقاع الدنيا، وحضر جنازته العلماء وطلاب العلم ووجهاء الدولة ورجالها، يتقدمهم رئيس الجمهورية والكثير من المحبين.

فشيعوا جثمانه إلى مثواه الأخير في التربة التي عاش في مسجدها عشرات السنين خادماً للعلم وأهله، وقد حلَّ فيها ضيفاً بجوار المبَشَّر المظفَّر السلطان محمَّد الفاتح في مقبرته، والتي ضمَّت سادات بني عثمان وأفاضل العلماء وصالحيهم.

وقد نعاه العلماء والفضلاء (من مخالف له ومؤيد)، وصار حديث المجالس، ووسائل التواصل، فمنهم راثٍ بشعره ومنهم ناعٍ بنثره، حتى نسي الناس أوجاعهم وموتاهم.

(1) هو من أفادنيها – سلَّمه الله – أثناء زيارتي له في مكتبه في جامعة الفاتح صيف سنة 1440هـ صحبة الشيخ المفتي مسعود بن الشيخ رشيد أحمد الميواتي.