الشيخ يحيى الكيالي - وجيه فاضل ، له أياد بيض

يحيى الكيالي

1301ـ 1377هـ

1883ـ 1957م

الأستاذ محمد يحيى أبو السعود بن عبد القادر الكيالي الإدلبي ، ثم الحلبي.

وجيه فاضل ، له أياد بيضاء ، على الحركة العلمية بحلب، وآثار باقية في مدارسها وجوامعها ، مدير الأوقاف العامة في سورية.

ولد في مدينة إدلب، في السنة الأولى من القرن الرابع عشر، ونشأ برعاية والده الشيخ عبد القادر الكيالي ، فحفظ القرآن صغيراً، في أحد كتاتيب بلده، ودرس في مدارس الدولة، ثم عمل معلماً فيها، ثم مفتشاً في وزارة المعارف زمن الدولة العثمانية.

ثم أسند إليه منصب مدير الأوقاف في مدينة حلب، فنهض بأمر التعليم الشرعي، وعمل على إصلاح المدارس الشرعية، ووضع النظم الجديدة لها ثم انتقل إلى (بيروت) معاوناً للمراقب العام الفرنسي للأوقاف الإسلامية ورئيساً لدائرة الأوقاف الإسلامية في المفوضية الفرنسية العليا، لدولتي سورية ولبنان، فحاز على ثقة المفوض الفرنسي بهذا المنصب، وقام بأعمال خيرية وعلمية جليلة في (بيروت) من إنشاء مدارس شرعية ، وبناء المساجد والسبل الخيرية، وغيرها من الأعمال التي ما تزال تشهد له.

إحياء المدارس الدينية :

عاد بعدها إلى موطنه،وتولى إدارة الأوقاف العامة في سورية، وكان له الفضل الأكبر في النهضة العلمية التي حصلت في حلب في الأربعينات من هذا القرن، فقد عمل مع الشيخ محمد راغب الطباخ على إحياء المدارس الدينية، وأعاد افتتاح المدارس (الخسروية) بعد أن ضمَّ إليها عدداً من المدارس الشرعية التي كانت شبه معطلة، فقام بإعادة ترميمها، وأتم بناء حُجراتها في جهتها الشرقية، كما بنى في آخر الرواق الشمالي قسطلاً ساق إليه الماء من قناة (عين التل) وبنى بجانبها حماماً للطلاب، كما أعاد تنظيم الحجرات بجانب الباب الغربي، والتي كانت تستخدم مطبخاً ، وفرش أرضها بالرخام ، وجعلها إدارة للمدرسة، وخصَّص قاعة للمطالعة، وزودها بخزائن الكتب، ثم وضع لها نظاماً خاصاً، وعيَّن لجنة دُعيت بـ (لجنة المجمع العلمي) برئاسة مفتي حلب الشيخ عبد الحميد الكيالي (ت1376) ، بحثت في هذا النظام ثم صادقت عليه ، وأدخل في نظامها من العلوم عدا العلوم الآلية والدينية، علم الأخلاق ، والتاريخ الإسلامي ، والإنشاء والجغرافية، ، وقانون الحقوق الطبيعية، وقانون الأراضي وأحكام الانتقالات ، وأحكام الوقف، وعلم الحساب، وجعل لها نظاماً لقبول الطلاب وامتحاناتهم والشهادة الممنوحة لهم، وصرف اهتمامه أيضاً إلى المدرسة (العثمانية) التي كانت من أعظم مدارس حلب عمراناً وعطاءاً ، فنظم أمرها بعد أن أهمل أمر التعليم فيها وأصبحت كغيرها من المدارس ملجأ للكسالى ومأوى للعجزة فأخرج منها من كان مقيداً ـ مسجلاً ـ فيها وطالت مدته ،ومن لا يرتجى الخير في بقائه، وقيد فيها طلبة من جديد، وكلف المتولي أن يعطي لكل مجاور ليرة عثمانية في كل شهر، وكلف مدرسيها المعينين فيها، أن تكون قراءتهم للدروس في أوقات معينة، وكتب كذلك على مقتضى البرنامج الموضوع للمدرسة(الخسروية) وأصبحت تابعة للامتحانات السنوية كما نظم أمر المدرسة (الإسماعيلية) وجعلها مرتبطة بالمدرسة (الخسروية).

أعماله في بناء المساجد والجوامع:

أما أعماله الخيرة في المساجد والجوامع فأكثر من أن يحصيها العد نكتفي بالإشارة إلى أعماله في الجامع الأموي الكبير فقد فرشه بالسجاد العجمي النفيس ، ووزَّع السجاد القديم على بعض المساجد، وجدد قبة الحوض الصغير في صحنه، وطلى ظاهرها وظاهر قبة الحوض الكبير، وأنشأ سبيل ماء بديع الصنعة بجانب بابه الغربي، وأكمل نباء الشرفات على جدار الرواق الشمالي ، لتكون على نسق الشرفات في جهاته الأربع ووضع (درابزين) من الحديد في أعلى المنارة، ودهن هذا الحديد والرفراف و (الدرابزين) التي تحته، ونقش اسمه فوق هذا السبيل، وفوق القنطرة الوسطى، من الرواق الشمالي ، وكمل بناء هذه الأعمال سنة 1343هـ.

في سنة 1353هـ ـ1934م (صدر مرسوم سوري بإلغاء المديرية العامة للأوقاف الإسلامية، وإحالة السيد محمد يحيى بك الكيالي مدير الأوقاف الإسلامية العام إلى التقاعد ، ذلك الرجل الذي فقدت سورية بإحالته إلى التقاعد رجل العلم والنزاهة والإصلاح والمقدرة). كما جاء في مجلة الجامعة الإسلامية بحلب العدد 33 صنة(1934).

أخلاقه وصفاته:

شهم ، نبيل ، نزيه ، عف اللسان، واليد محب للناس، محبوب لديهم عطوف على الفقراء والمساكين، متفان في عمل الخير ، يسعى للإصلاح بين الناس.

ظل على هذه الأخلاق إلى أن وافته المنية سنة 1377 ، وحزنت عليه مدينة حلب ، وشيَّعته في موكب مهيب إلى مثواه الأخير في مقبرة الصالحين ـ رحمه الله تعالى ـ .

المصادر والمراجع:

علماء من حلب في القرن الرابع عشر الهجري ص251ـ 254، للأستاذ محمد عدنان كاتبي.

تم نشر هذه الترجمة 2009 وتم إعادة تنسيقها وإعادة نشرها اليوم