من دموع المودعين

ترجّل الفارس المقدام النبيل ،عزيزَ اللواء ،شامخ الجبين، راع ٍللذماء لم تلوثه كدورة الطين، ولم تلن له قناة، ولم يهادن الظالمين.

   حزينة اليوم دنيانا وقد فارقتها يا أستاذ أبا أسامة ..وأنت واحد من

أولئك الذين عرفتهم الساحات بأعمالهم وفهمهم الأصيل، إخوان الصدق، أهل العزائم والنخوات وقد نهلوا من موارد الظماء العطاش فارتووا ورووا ، ونهلوا  وأنهلوا ،  واصطخبت بهم الدنيا ولكنهم كنسوها من قلوبهم إلى أعتاب خدمة أوطانهم ومبادئهم وقيمهم ، فما ينقضي عجبي من  شممهم وعلوّ هممهم وهم الذين لم يلههم الغرور ولم تنثن قاماتهم يوماً إلا بالسجود للواحد المعبود .

ولقد وهبه الله ما يكفي ثلثه أو نصيفه للميل بالعقول، والزيغ بالأبصار إلى لهاث لا يرتوي خلف سراب كاذب ؛ لكنها ما مالت ولا زاغت بين يديه إلا ليركمها هينة رخيصة لا يغليها إلا أنه نذرها للرحمن .

  وكم أطاحت لعاعات  الدنيا بأقزامها  -كانوا شمّاً-  إلى وضاعة ونذالة في مواطئ الاختبار والامتحان لكنها نفسه التي لم تهن، وصادق عهده لم يخن، وعزيمته التي لم تلن، وقد عافرت الصعاب وتلذذت المشاق  في طريق ملك عليه قلبه وروحه فما عاد يسمع إلا أنات المحرومين، ولا يأبه إلا لصرخات المعذبين المنكوبين في مظلمة العصر ،

و لما ينجدهم به  و يؤويهم إليه،  وقد ضعفت صحته ولم تضعف عزيمته، واعتلّ جسده وما اعتلّت نفسه الأبية حتى لقي وجه ربه راضياً مرضيًّا.

 وقد تواكب مضاؤه  في الحق نوراً سامقاً بمضاء زوجه صنو نفسه وترجمان روحه أم البنين والبنات رفيقة الدرب، رفيعة القدر،  راقية الفهم ومعها كل بنيها وبناتها كلٌّ منهم  نسيج خير وحده .

 تغمد الله قلوبنا  برحماته ..

ومنّ على ساحات جهادنا بفوارس من أمثاله وإخوانه وبمتواليات مبشِّراته .

ومدَّ لك في قبرك - ياعبد الملك علبي - مدد الشهداء الأبرار الأطهار، وأناره بأنوار جنات الفردوس  إلى يوم الدين .

لقد شيعتك قلوب أحبابك وإخوانك

وإن كنت فيها ثاوياً ..

وودعتك العيون في أرض مهجرك وإن كنت في مآقيها راقداً

  عليك رضوان الله وسلامه إلى يوم الدين