كلمات في رثاء الأستاذ الداعية المربي الأديب محمد رشيد العويد(2)

 

كتب الأخ الأستاذ عبد الله زنجير:

كان رقيقا راقيا رقَّاويا، نشر أكثر من ثمانين مؤلفا معظمها في المرأة والأسرة والإصلاح أشهرها (رسالة إلى حواء) ، إضافة لمئات المقالات في مجلة النور ومؤمنة التي كان يدير تحريرها وبرامج تلفزيونية ومحاضرات كثيرة .

جاء الناعي ليلا ليخبرنا عن رحيل الصديق الكبير والإعلامي الرائع والبصمة الأثيرة الأستاذ الذي لن ينسى أثرا وآثارا {محمد رشيد العويّد} في الكويت التي أقام فيها منذ السبعينات مهاجرا من مضايقات مخابرات الأسد الأب.

خلال سنوات طويلة كنا في مجموعة سنا الإعلامية نمثّل (مجلة النور ومؤمنة) شراكة نجاح ضمن السعودية، أثناء ذلك كتبت فيها عشرات المرات ورشحت أقلاما نسوية لها باتت الآن من أهم الأسماء، لم يرفض لي أي رأي أو طلب أو اقتراح بما في ذلك ترشيحه من طرفنا لجائزة الملك فيصل العالمية.

أبو البراء الذي تخرج من كلية الآداب في جامعة حلب سنة 1971م لم أعرف من هو أكثر منه دماثة في حياتي، حتى وقتما أضحى في صدارة أهل القلم والاستشارات المجتمعية الخليجية بقي في تواضعه وهدوئه وفاعليته، لم تغب ابتسامته ذات مرة عن وجهه المشرق الجميل.. قبل سنتين التقيته صدفة في إسطنبول وتعانقنا بعد غياب وفاضت مآقينا بعبرات الشوق، حدثني عن مرضه ومراحل علاجه واتفقنا على تأسيس منتدى عمل القيم التربوية!

السلام عليك ورحمة الله في الخالدين.

 

 

وكتب الأستاذ حسن حداد:

وداعا يا أبا البراء..

من المواقف التي حصلت بيني وبين الاستاذ محمد رشيد عويد رحمه الله تعالى 

الحديث عن الأستاذ المربي محمد رشيد العويد ذو شجون لأنه كان رحمه الله يتمتع بأخلاق قل نظيرها حتى ليخال المرء أنه أمام شخصية ملائكية بكل معنى الكلمة ودون مبالغة.. 

تواضع وأدب ولطف وذوق ورقة وحسن استماع وهمة عالية، كنت أزوره في بيته كل فترة فيكرمني بدماثة خلقه ويحتفي بي كعادته مع الجميع..

حبه للتعلم.. 

ذكرت له مرة أنني دخلت في مجال التدريب والتنمية البشرية فقال لي والله يا ابو ياسر أنا أود أن أدخل في مجال التدريب لأنني أحتاج لهذه المهارة، فكلمت له المدرب الأستاذ محمد عفيف القرفان فرحب بالفكرة أشد ترحيب وانتسب للدورة التدريبية وكان عمره قد تجاوز الستين وحصل على شهادة في التدريب.

ثم بعد ذلك قلت له: ما رأيك أستاذي أن تكون معنا في المنتدى التدريبي الذي أقمناه نحن الجالية السورية (شركاء للتدريب)؟ فقال: أنا مستعد لأن أكون معكم فانتسب للمنتدى وهو أكبرنا سننا وبعض الحضور بعمر أولاده فصار يتدرب معنا كل اسبوع ويستفد من نصائح ونقد الشباب ويفيدهم في جو أخوي راق.. تعرف عليه كثير من الإخوة والأخوات فوجودا فيه شخصية قلّ نظيرها مع علم وخبرة.. 

في السفر 

إحدى المرات طلبت منه السفر معي لإقامة دورة لتخريج مستشارين أسريين للشباب السوريين في تركيا كنا نريد أقامتها في مركز الفاتح الثقافي في عنتاب..

فقال: أنا جاهز فرتبنا الأمور وحددنا موعد السفر 

وذهبنا سويا إلى المطار وعند بوابة الدخول عند التختيم قال له الضابط: أنت لا تستطيع أن تغادر الكويت ...!! وعندك خطأ في الجواز ويجب أن تذهب لإدارة الجوازات يوم الاحد القادم وتدفع الغرامة!! فصعقت يومها كيف؟! ولماذا؟! ونحن على موعد وعندنا دورة.. والاستاذ رشيد أخذ الموضوع بابتسامة وتسليم لقضاء الله.. 

وكان هناك خطأ إداري في معلومات الإقامة تسببت له بمخالفة مالية كبيرة دون علمه وليس له يد فيها بل خطأ موظفة منعه من السفر مما اضطرني للسفر لوحدي على أن يلحق بي عند انتهاء معاملته. 

من المواقف الطريفة:

أنه قلما يرفض حالات للإصلاح لكن بعض المرات تأتيه حالات تشغله كثيرا وفي إحدى المرات قال لي: يا أبا ياسر عندي حالة الزوج والزوجة اتعباني من تواصلهم معي وحديثهم الطويل في كل مرة وأستحيي أن أردهم فما رأيك أن أحيلهم إليك.. قلت: أبشر.. 

كان لا يغتاب أحدا ولا يتكلم على أحد بسوء إطلاقا ويحسن الظن بمن يقابلهم بذكاء وحكمة.

وإذا نصحه أحد أو خالفه في الرأي كان يتقبل ذلك برحابة صدر وابتسامة وكان يشعره بأنه متفق معه تماما.. 

أتيته مرة بصديق له لم يجتمع به منذ أربعين سنة فسر به كثيرا وما كان من أبي البراء إلا أن أصرَّ على صديقه أن ينام عنده خلال زيارته للكويت. 

من خلال تعاملي معه وجدت فيه نفسا كريمة تحب الخير كثيرا، حيث كان يتصدق حسب علمي ومعرفتي بمبالغ كبيرة لكفالات الأيتام السوريين.. 

ولا أنسى أن أذكر أنه كان لسانه لا يفارق مناجاة الله بلفظة (يا حبيبي يا الله) كثيرا لاسيما في مرضه الأخير.. فقد كان الحب والابتسامة من شعاره.. 

رحمك الله يا أبا البراء يامن كنت لنا مثلا واقعيا للأخلاق النبوية الفاضلة وحسن التعامل..

الصورة تكريمي للاستاذ العويد في إحدى دورات نادي شركاء للتدريب التي قدمها

والصورة الثانية عند مواراته التراب أمس

 

إنا لله وإنا إليه راجعون

 

وكتب الأخ الدكتور ياسر يوسف مصطفى:

في ساعة متأخرة من ليلة أمس فجَعَنا خبر وفاة الأستاذ والمصلح والمربي الكبير والشهير الدكتور محمد رشيد العويد أبي البراء رحمه الله تعالى، وقد كان رحمه الله تعالى يُكِنُّ لي كل محبة وتقدير واحترام، ويثني على لقاءاتي الإذاعية بكل عظيم من الكلام، ويقول إنه يتابعها بمزيد عناية واهتمام. 

وفي أيام كورونا تابعته عبر الانستغرام وسلمت عليه في مداخلة سريعة؛ فكان كالعادة لطيف القول رقيق العبارة، فقال فيَّ ما يعكس حسن ظنه ونبل معدنه آنسه الله. 

ولقد قدمته في إحدى الأمسيات في رابطة الأدباء الكويتية فقلت: 

وأبو البراء مقدم في فنه * فدعِ المكانَ لذلك البحرِ السَّخي 

واليوم إذ أبكيه أرثيه فأقول: 

ماذا أقولُ وقد نعاكَ النَّاعي * يا طيبَ الأخلاقِ والأطباعِ

الصالحونَ كثيرةٌ أعــدادُهم * أسماؤهم تجري على الأسماعِ

لكن عزيزٌ مصلحونَ، (أبو البرا) * منهم، وللإصلاحِ خيرُ صَنَاعِ

كم قوّمَ الأُسَرَ التي تشكو له * ما هدَّها من فُرقة ونِزَاع

فَيَرِيْشُ أجنحةً ويأسو جُرْحَها * فتعودُ بعدُ سليمةَ الأضلاعِ

لا فارقتْ رحماتُ ربي رِمْسَه * وجزاه عنا الأجرَ غيرَ مُضَاعِ

د. ياسر مصطفى يوسف 

الكويت في 

16 / 1/ 2021م.

الحلقة الأولى هـــنا