أربعة من طلبة العلم الحمصيين أبناء علماء توفوا قبل آبائهم

وما دمت مع العلماء وذكر حديثهم ومآثرهم أحببت اليوم أن أذكر الإخوة بأربعة من طلاب العلم القاسم المشترك بينهم أنهم عاجلتهم المنية قبل والديهم، ولم تأخذ الأمة حظها الوافر منهم، وكان يؤمَّل لهم مستقبل دعوي زاهر وباهر، رحلوا الى الدار الآخرة، والأمَّة أحوج ما كانت لهم رحمهم الله، وقد يكون هناك غيرهم، ولكن لا علم لي بهم أو نسيتهم. 

1- الشيخ عبد الكريم طاهر الرئيس رحمه الله لقد كان الشيخ عبد الكريم عالما جليلا أعده والده الشيخ طاهر رحمه الله ليكون خليفته في مهامه من تدريس وتوجيه حيث كان ساعده الأيمن. 

وقد كان الشيخ عبد الكريم رجل تربية، حيث كان معلما وشاعرا وأديبا، وساعد والده في المدرسة المسعودية التي افتتحها رحمه الله، يحضر مع والده في غرفته في الجامع الكبير، ويساعده في مهام الفتوى، كما كان ينوب عنه في الدرس اليومي في جامع الحميدية بعد صلاة المغرب، وكان خطيبا مفوَّها رحمه الله.

أحبه أهل حمص لناحيتين: لناحية علمه وفضله وأخلاقه، ولناحية كونه ابن شيخهم ومرشدهم ومفتيهم الشيخ طاهر رحمه الله تعالى كما كان كثيرا ما يحضر الدرس الصباحي اليومي الذي يقام في غرفة والده مع بعض علماء السادة الشافعية، وقد تأثر والده تاثرًا بالغًا بوفاته كما تأثر أهل حمص لحزن والده وتاثره، وقد كان الشيخ طاهر مثال الصابر المحتسب رحمه الله.

رحم الله الشيخ عبد الكريم أبا طاهر رحمة واسعة، وبارك في ذريته وعقبه وعوض الأمة خيرًا. 

2- الشيخ الشاب عبد الوكيل عبد الغفار الدروبي رحمه الله أبو شعيب 

لقد ظهرت علامات النجابة والالتزام على أخي وابن شيخي الشيخ عبد الوكيل الدروبي، منذ نعومة أظفاره يجتاز المراحل الدراسية بتفوق، وقد درس الدراسة الشرعية من مراحلها الأولى في حمص ثم درس المرحلة الثانوية الشرعية في دمشق، ثم انتسب لكلية الشريعة في جامعة دمشق ونجح فيها ونظرا لهمته العالية رحمه الله انتسب أيضا لكلية الآداب قسم اللغة العربية حقيقة كانت همته في طلب العلم والدعوة إلى الله عالية جدا.

كان الشيخ عبد الوكيل مثالا يحتذى في علمه وأخلاقه، وقد كان سرور والده به كسروره بأخيه الأكبر الشيخ فيصل أبو عبد الغفار حفظه الله حيث اعتبرهما وريثيه في العلم والدعوة إلى الله عز وجل، وقد عرفه طلاب والده في مسجد الدعوة مسجد جورة الشياح والذي سمي فيما بعد بمسجد جده الشيخ عبد الفتاح الدروبي رحمه الله، وقد استلم بعض المهام في المسجد فصار يشرف على الطلاب ويعطيهم دروسا في الفقه واللغة، وقد اعتلى منبر الجمعة وذاع صيته، وكان يؤمَّل أن يكون له مستقبل زاهر. 

لكل أجل كتاب، وشاء الله عز وجل أن يصطفيه، وهو في ريعان شبابه بحادث سيارة على طريق دمشق بينما كان ذاهبا إلى الجامعة وكان والده ساعتها ذاهبًا إلى الحج، ومرَّ على الحادث وما عرف أن ولده قد قضى بهذا الحادث، وما علم بوفاته إلا بعد شهر عندما عاد من الديار المقدسة، وقد تلقَّى نبأ وفاته بالرضى والقبول. 

لقد حزن الحمصيون جدا لوفاة ابن شيخهم خصوصا وأنه كان يظن أن له مستقبلا طيبا في الدعوة إلى الله عز وجل.

رحمك الله أبا شعيب، وكان لأهلك وذريتك عونا ومعينا. 

3- الشيخ معروف بن الشيخ محمود جنيد والرجل الثالث في منشوري هذا هو الشيخ الصيدلي معروف جنيد الذي درس الصيدلة في جامعة دمشق وتخرج منها بامتياز وفتح صيدليته وزاول عمله في تخصصه إلا أن اهتمامه بالدعوة كان أعظم من اهتمامه بعمله وصيدليته فكان همه واهتمامه في طلاب مسجد الشيخ كامل كوالده، وقد كان الشيخ معروف الساعد الأيمن لوالده الشيخ محمود جنيد في الدروس والتوجيه كما كان خطيبا وموجها وشاعرا وقد عرفه الناس بنشاطه ورحلاته الدعوية ودروسه الطيبة حقيقة كان داعية وعالما بالمعنى الصحيح 

لكل أجل كتاب، اعتقل الشيخ معروف في أول الثمانينيات وبعد سنوات قضى في سجن تدمر شهيدا رحمه الله تعالى، وقد كان والده الشيخ مثالا للأب الصابر الراضي بقضاء الله وقدره كان الله لأهله وأولاده عونا ومعينا وحافظا وناصرا وأمينا رحمك الله أبا محمود ، وجزاك خيرا على ما قدمت في سبيل الدعوة من جهود واعلى درجاتك في فراديس الجنان وعوض الامة خيرا 

4-الشيخ الشاب فهمي عدنان السقا رحمه الله 

لقد درس المراحل الثلاث وأنهاها وكان رحمه الله مع والده الشيخ عدنان في مسجد الهدى في جده وكان ساعد والده الأيمن، وقد توجَّه نحو العلم الشرعي وله حضوره وله جمهوره، وصار يعطي الطلاب دروسا في الفقه حتى أنه كتب كتابا مختصرا في الفقه على مذهب السادة الحنفية، زوجه والده ورزق من زوجته ابنة أختي بولد سماه عدنان، وقد كان مؤملا للشيخ فهمي ان يكون خليفة والده الشيخ عدنان حفظه الله 

قضاء الله نافذ: 

وبينما كان في إجازة في سورية، ذهب إلى حلب، وقفل عائدا منها ليلا فحصل معه حادث توفي على أثره، وقد تلقى والده هذه المصيبة بما يتلقاها المؤمن المحتسب. رحمك الله أبا عدنان رحمة واسعة، وجعلك في أعلى عليين، وكان لأهلك وولدك وذويك عونا ومعينا وعوض الأمَّة خيرا. 

اللهم منَّ على الأمة بأمثال من ذكرتهم اليوم وهيئ لأجيالنا من يقودهم إلى جادة الحق والصواب، إنك قريب مجيب.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين