الأخ أبو باسل حفار في كلمات

_الموت ليس نهاية الحياة،

لكنه انتقالٌ من حياة إلى حياة أخرى،

فمن أعدّ نفسه لما بعد الموت فقد نجا.

_بهذه المناسبة ماذا عساني أن أكتب في الأخ الكبير المرحوم أبي باسل؟.

_إنّ العلاقات الأخوية لا تقاس بامتدادها الزمني وإن كان ذلك الامتداد يزيدها تألقاً.

أقول هذا،

لأنّ معرفتي بأخي أبي باسل ليست بالبعيدة،

لكنها غزيرة في معانيها وفوائدها، وإن كانت لقاءاتي به تبقى قليلة.

_الكلمات في المرحوم أبي باسل ذات شجون، وتتجاذبها أطراف حديثٍ من جوانب عديدة كلها إيجابية ومضيئة:

_فإن كان حديثنا عن حلب ثاني ولاية زمن العثمانيين فهو من أبنائها البررة،

ومن مواليدها في العام1955م.

_وإن كان كلامنا عن شابٍ نشأ في طاعة ربه فأبو باسل أمين حفار الجنيدي ترعرع في بيوت الله عز و جل منذ الحبو الأول.

_وإنْ استعرضنا تحلق الشباب حول علماء الأمة العاملين فلا بد من أن نشير بالبَنان إليه.

_أما إن تناولنا موائد القرآن الكريم لأبناء الأمة المصطَفين فأبو باسل من أبناء تلك الموائد الإيمانية العامرة.

_أما إن قرأنا قوله تعالى:

(ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنّني من المسلمين)_صدق الله العظيم_

فلا بد من أن نستحضر سيرة أبي باسل العطرة في الدعوة إلى الله عز و جل منذ أن كان طالباً في مدرسته حين تمكن مع ثلة من نظرائه من أن يغيروا وجه الثانوية التي كانوا ينتظمون للدراسة فيها من وجه التبعية المخجل إلى وجه إسلامي مشرق على ما شهد به صديقه الدكتور فاتح الراوي_حفظه الله_

وهي الدعوة التي لم يغادر ميدانها إلى أن سلّم روحه إلى بارئها.

_أما إن كان موضوعنا حول المنتفضين في وجه الظلم والظالمين فأبو باسل_رحمه الله_

هو ابن الساحة السورية المنتفضة منذ نبضات حراكها الأول.

_فإنْ تجاوزنا ذلك إلى ميادين الجهاد والمواقف والثبات فأبو باسل كان المجاهد الذي خاض غمار الطريق على كافة المستويات واثق الخطوة راسخاً ،واثقاً بوعد الله تعالى بأمته.

_وإن استعرضنا الهجرة في سبيل الله تعالى من وجه الطغاة نحو الأمان لدعوة الإسلام فلا يجوز لنا أن نتخطاه فقد هاجر في الثمانينات ليزرع الخير في كلّ أرضٍ نزل بها من بغداد إلى صنعاء إلى استانبول إلى غازي عنتاب التركية التي قضى نحبه فيها.

_وإن قرأنا آيات السجن والصبر في سورة يوسف عن نبي الله يوسف_عليه السلام_فلا بد لنا من أن نذكر المرحوم أبا باسل الذي كان له من ذلك الابتلاء نصيب، في فترة سقوط العراق في يد من الأجنبيّ الذي احتلها وأفسد ذوق حضارة الرشيد فيها.

_وإن التفتنا إلى الإجازة في القراءات فأبو باسل هو من المجازين في تلاوة كتاب الله تعالى والقراءات فيه. 

_أما إن كنا نمضي نحو العلوم الشرعية التي هي أشرف العلوم على الإطلاق فإننا نذكر من هؤلاء الأخ أبا باسل الذي كان واحداً من الذين انكبّوا على دراستها، وحملوا شهادة التخصص الجامعية فيها.

_وأما إن بحثنا عن الوفاء الذي بات عملة نادرة في هذا العصر فلا بد لنا من أن نستحضر من رجالاته المرحوم الداعية أبا باسل الذي ظل على العهد مع إخوانه وسائر من انطلق معهم في سباق خدمة هذا الدين لخمسة عقود متتالية،

لم يبارحهم،

ولم يخذلهم،

ولم يقصر في حق صحبتهم.

_أما إن توجهنا نحو العاملين بصمت في الحقل الإسلامي فأول من تضع يدك عليهم من هؤلاء هو المرحوم أبو باسل، الذي كان ناشطاً بجد واجتهاد،قليل الكلام،

بعيداً عن الأضواء،

باحثاً عن رضوان ربه الأعلى.

_لقد عاش جندياً يخدم أمته في الظل إلى أن رحل إلى من عاش لأجله،

فإنْ كان ثمة من لا يعرفه منّا أفلا يكفيه أن الله تعالى يعرفه،

وأنه سبحانه من سيثيبه على سنوات عمره التي قضاها في إعلاء كلمة دينه.

_وإنّه لدرسٌ ثمينٌ نتعلمه من سيرة أبي باسل الغالي،

لعلّ أجيالنا تغترف من ينبوعه الصافي،

ولعل المتقاعسين تسري في عروقهم دماء الهمة والنشاط من جديد،

ولعلّنا نكون على سَنَنِ همته التي عاش بها،

فَعُلُوُّ الهمةِ من الإيمان،

عليه من الله شآبيب الرحمة والرضوان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين