محمد أمين حفار (أبو باسل) في ذمة الله

الكلمة التي ألقيَت في مجلس العزاء بتاريخ 20/10/2020

أيها الإخوة والأخوات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا أبا باسل لمحزونون. ولا نقول إلاّ ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.. و عزائي لأسرته الكريمة، وزوجته الداعية المربية الصابرة المحتسبة السيدة الفاضلة (أم باسل)، وأبنائه الأحبة: باسل، وعمار، ومصطفى، ومحمود، وخالد، وبناته الفضليات: أسماء، وإسراء، وأصهاره، وكناته، وإخوانه، وأحبابه، ولكلّ من عمل معه، أو تعرّف عليه.. سائلاً المولى عز وجل، أن يتغمّدَه بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجمعنا به في مستقرّ رحمته، وأن يلهمنا الصبر والرضا وحسن العزاء..

يقول الله عزّ وحلّ: من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدّلوا تبديلا.. وأنا أحسَب أن أخانا الحبيب (أبو باسل)، من هؤلاء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فلقيَ وجهَ ربه، راضياً مرضيا.. هكذا أحسبه، ولا أزكّيه على الله، فهو حسيبه.

إنّ الحديث عن أخينا الحبيب (أبو باسل) ليس أمراً سهلا، لأنه حديث عن مجموعة كبيرة من الفضائل، قلّما تجتمع في شخص.. وأنا أعرفه منذ أربعين عاما.. وأعرفه عن قرب ومعايشة منذ عشر سنوات.. فهو أنموذج نادر قليلٌ أمثاله..

هل أحدثكم عن (أبو باسل) الشابّ الذي نشأ منذ نعومة أظفاره في طاعة الله.. الخلوق، المهذب، الأديب، المتواضع، الهادئ، الرزين، الهيّن، الليّن، المتسامح، الوفيّ، الحييّ، الكريم، المعطاء، صاحب الابتسامة المشرقة، من الموطّئين أكنافاً، الذين يألفون ويؤلَفون؟.

أم أحدثكم عن (أبو باسل) المهاجر، المجاهد، الثابت على العهد والمبدأ، الجنديّ المجهول، المبادر، المثابر، الذي يعمل بصمت، لا ينتظر تكليفاً من أحد، ولا ينتظر جزاءً ولا شكورا؟.. الداعية، المربّي بحاله قبل مقاله، الحافظ، القارئ المتقن، المقرئ الذي تعلّم القرآن وعلّمه، خرّيج كلية الشريعة، عضو رابطة العلماء السوريين، المتفاني في خدمة دينه ودعوته وإخوانه وأهله وشعبه، المتابع لأوضاعهم في داخل سورية وخارجها، وفي المخيمات والمهاجر؟..

هل أحدثكم عن (أبو باسل) صاحب الهمة العالية، المتفائل، الذي يضفي الأمل والتفاؤل على من حوله، الصابر على الأذى، الذي لا يقابل السيئة بالسيئة، بل يعفو ويصفح، الذي انخرط في دعم ثورة أهلنا في سورية، منذ انطلاقتها، مع أسرته وأبنائه، دون تكليف من أحد، ولم يألُ جهداً في تقديم الدعم والعون لكلّ الفصائل والناشطين، وكان على مسافة واحدة من السوريين جميعاً، بعيداً عن التعصّب والتحزّب؟.. أم أحدثكم عن سعيه الدائب لوحدة الصف واجتماع الكلمة، في كلّ الساحات والميادين؟..

لم أعدّد هذه الصفات جزافاً، فعندي لكل صفة منها شواهد كثيرة، من حياة فقيدنا الغالي.. لقد عايشت أبا باسل رحمه اهى ، وعملت معه عن قرب، في داخل سورية وخارجها، أكثر من عشر سنوات، ورافقته في السفر والحضر، وكنت معه في الشدة والرخاء، وفي حالتيْ الرضى والغضب، فلم أسمع منه كلمة تسيء لأحد، وتعلمت منه الكثير.. لقد كان خبر وفاته صادماً ومؤلما، لكنّ عزاءنا أنه لقيَ وجه ربه راضياً مرضيا.. هكذا أحسبه، ولا أزكّي على اهمل أحدا.. أسأل الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجمعنا به في مستقرّ رحمته، مع الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين.. وحسُن أولئك رفيقا.. اللهمّ آجرنا في مصيبتنا، وعوّضنا خيرا. وصلى اأو على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.. والحمد لله ربّ العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين