الشيخ عثمان هللو رحمه الله 

كلمة وفاء لا بد منها

كيف يمكن لأسطر أن تختصر ثمانية وثمانين عاما تقريباً

عثمان هللو الشاب المهاجر 

——

جاء مع والده وأسرته مهاجرا من فلسطين 

أول ما عرفته أستاذاً لي في الإعدادية الشرعية يدرسنا مادة الفيزياء والكيمياء المادتين اللتين برع فيهما 

وقد كانت عنده قدرة عجيبة في أسلمة هاتين المادتين حيث كان يشحن الطلاب بالإيمان بالله وبقدرة الله من خلالهما 

حيث كنت أقول وأنا طالب بين يديه : هل المادة فيزياء أم مادة العقيدة الإسلامية ؟هل المادة كيمياء أم درس في قدرة الله العظيمة في هذا الكون ؟

أستاذ ذاع صيته في مدينة حمص علماً ودينا وخلقاً أحبته جماهير الطلاب حباً عظيماً

حبه للعلم 

لم يكتف رحمه الله بالإحاطة بالمواد العلمية والطبيعية كما يسمونها بل اتجه إلى دراسة الشريعة الإسلامية . 

قلت : عرفته أستاذاً لي وإذا بي بعد أن حملت شهادة الثانوية أجده معي طالباً وزميلاً في كلية الشريعة في جامعة دمشق، وتخرجت معه عام ١٩٦٧ ثم إذا بأستاذ الطبيعيات يصبح عالماً يعتلي منبر الجمعة خطيباً ويدخل محراب المسجد إماماً

وإذا بأستاذ العلوم المحبوب من جماهير الطلاب يصبح داعية إلى الله عز وجل حيث عرفته الجماهير خطيباً مفوها وواعظاً مؤثراً و بصمته الإسلامية أهّلته ليكون مع مشايخ حمص في أنشطتهم الدعوية وهاهو في مسجد القاسمي يصبح الساعد الأيمن لشيخي وشيخ حمص ( وصفي المسدي ) رحمه الله

وباعتباره رحمه الله جاء مهاجراً من فلسطين عام ١٩٤٨ فلقد شحن الطلاب والجماهير بحب فلسطين وأقصاها

عثمان هللو 

لم تكفه محنة الهجرة التي حلت به حتى عانى ما عانى من ظلمة سوريا ولقد عرّضه أحد أكابر مجرمي سورية ( غازي كنعان) عليه من الله ما يستحق عرضه للاعتقال والتعذيب الشديد والذي بقيت آثاره على جسده مدة طويلة 

حتى فرج الله عنه فهاجر الهجرة الثانية فراراً بدينه إلى السعودية

وهاهو يذيع صيته في مدينة الرياض ثم في مدينة جده مدرساً قديراً وإداريا ناجحاً وإماماً وخطيباً فيها 

وبعد عشرات السنوات وبعد أن توقف عن التدريس صاريذهب إلى أمريكاً يدعو إلى الله ويبني المساجد هناك حيث ترك كذلك بصمة إسلامية في تلك البلاد ثم وأخيراً هاجر الهجرة الثالثة إلى المدينة المنورة ليقيم فيها آخر سنوات حياته حيث كان يحافظ على الصلاة في المسجد النبوي الشريف ثم أقعده السن فصار يكتفي بصلاة الفجر والجمعة والتراويح فيه ثم ازداد ضعفه فاكتفى بصلاة الجمعة فيه وكان ساعده الأيمن في الوصول للمسجد النبوي نجله الدكتور محمد الفاتح حفظه الله الذي يعمل في المدينة المنورة حيث إن بقية أنجاله لم يقصروا في حق الشيخ لأن منهم من كان في جدة ومنهم من كان في الرياض ثم عانى رحمه الله من شدة الضعف ما عانى 

حيث اضطر لدخول المستشفى شهراً تقريبا

لكل أجل كتاب 

——

وفِي ليلة الأربعاء٩/٤/٣٩ موافق

٢٧/٢/١٧

انتقل إلى رحمة الله تعالى حيث صلي عليه في المسجد النبوي الشريف بعد صلاة العصر ودفن في بقيع الغرقد 

رحم الله الشيخ عثمان هللو ( أبو سعيد ) رحمة واسعة وغفر له وجزاه الله خيراً على ما قدم 

وعوض الأمة خيراً ورحم الله كل من سبقنا إلى الله عز وجل من آبائنا وأمهاتنا ومشايخنا وأحبائنا وشهدائنا وجمعنا وإياهم تحت لواء سييد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . 

اللهم وعجل بالفرج عن الشام وأهله يارب العالمين