أستاذنا المحدث المفسر الفقيه الدكتور نور الدين عتر في ذمة الله

نعي إلينا قبل قليل أستاذنا المحدث المفسر الفقيه الشيخ الأستاذ الدكتور نور الدين عتر رحمه الله والذي انتقل لجوار ربه الكريم في مدينة دمشق صباح اليوم الأربعاء ٥/صفر/١٤٤٢ الموافق ٢٢/إيلول-سبتمبر-/٢٠٢٠ م.

عن عمر ناهز السابعة والثمانين قضاها في العلم والدعوة والإصلاح والتقوى والعبادة ..

وتربطنا بفضيلته علاقة ود وحب وتقدير بين آل العتر وآل الحداد..

أستاذنا هو حفيد شيخ شيوخنا علامة حلب الشيخ محمد نجيب سراج الدين رحمه الله .

وقد لد فقيدنا في مدينة حلب الشهباء عام ١٣٥٦ هجرية الموافق ١٩٣٧ ميلادية، وأشار بتسميته جده سيدي الشيخ نجيب سراج الدين.

والدته ابنة سيدي الشيخ نجيب، وكفاه فخرا ،

والده الحاج محمد عتر التاجر العابد المحب الذاكر المخبت الصالح ، والذي كان يرى في كل أسبوع حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤيا منامية، وكنت إذا رأيته رحمه الله لابد أن تذكر الله..

في بيت العلم والصلاح والعبادة نشأ أستاذنا وترعرع ..

والتحق في الثانوية الشرعية(الخسروفية) في حلب وتخرج من الثانوية الشرعية عام ١٩٥٤م

سافر إلى القاهرة والتحق بالأزهر الشريف وتخرج بالبكالوريوس عام ١٩٥٨م ،

وكان الأول على دفعته ولفت أنظار كبار علماء الأزهر إليه،

وممن تأثر بهم العلامة الشيخ مصطفى مجاهد والعلامة الشيخ محمد السماحي والعلامة الشيخ محي الدين عبد الحميد وغيرهم رحمه الله،

وكان شيخ رواق السادة الشوام في الأزهر الشريف..

في عام ١٩٦٤ حاز على درجة الدكتوراه في الحديث الشريف بامتياز.

التحق أستاذا بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة بعيد تأسيسها في عام ١٩٦٥ إلى عام ١٩٦٧ .

في عام ١٩٦٧ عين مدرسا في كلية الشريعة بجامعة دمشق، وكان يدرس في كليات جامعة دمشق وجامعة حلب.

شارك في وضع مناهج للكليات الشرعية وأقسام السنة على مستوى البكالوريوس ،وعلى مستوى الدراسات العليا في عدد من الجامعات في العالم الإسلامي..

أشرف وناقش الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه

امتاز رحمه الله بالدقة والابتكار في تآليفه المتنوعة، والتي أربت على خمسين مؤلفا..

من أوائل منشوراته :

-الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه والصحيحين.

-منهج النقد في علوم الحديث والذي قرظه العلامة المحدث الشيخ الدكتور محمد أبو شهبة رحمه الله بكلمة شاملة دقيقة وختمها بقوله في أستاذنا الدكتور نور الدين :

"وإن من يبتكر هذا النظام البديع لعلوم الحديث ويقارع المستشرقين وأضرابهم بهذه الحجج الباهرة ، وبهذا البيان الساطع والفكر النير ينبغي أن يعطى حقه ويعرف فضله وينتفع به...".

-ماذا عن المرأة 

--دراسات تطبيقية في الحديث النبوي، وهو معني بأحاديث الأحكام.

-الحج والعمرة في الفقه الإسلامي..

وهو من أفضل وأجمع كتب فقه الحج والعمرة المعاصرة.

-محاضرات في تفسير القرآن الكريم.

تزوج أستاذنا من ابنة خاله سيدنا وشيخنا وشيخ شيوخنا العلامة المحدث المفسر الفقيه الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله ..

وأستاذنا متأثر جدا بخاله وشيخه وسيدي الشيخ عبد الله ..

ومع مابلغ أستاذنا من المكانة العلمية إلا أنه كان عند تواجده في حلب يحضر الدروس العامة للشيخ عبد الله..

عرفته منذ نعومة أظفاري ، وشرفت بالتلمذة عليه في كلية الشريعة بجامعة دمشق في مادتي التفسير والحديث ، والود والتقدير بيننا متجدد ، 

وهو دائم الحدب والرعاية لأصحابه ولمحبيه وطلابه.

يتميز باللطف والأنس والرقة والجد المرح ، والصدق والإخلاص، والاهتمام التام بالدفاع عن الإسلام والمنهجية العلمية لعلماء الإسلام في وجه الطاعنين من خبثاء المستشرقين وأذيالهم..

وكان عف اللسان دائم الإفادة من وقته تعليما وتأليفا وبحثا ، ملازما التعبد لربه والذكر له ،يفيض حبا ويسطع صفاء وإشراقا..

يكتب باستمرار فيما يفيد المتخصصين علميا، وما يؤصل ثقافة الشباب المسلم ويؤصل هوية الأمة في وجه التيارات الإلحادية والتغريبية المعادية بأسلوب أدبي عذب وسلس جذاب..

حاله الإيماني والعلمي يسري لمن حوله وفيمن يراه سريان النسيم المنعش.

أتقدم لأسرته الكريمة ،ولأبناء سيدي الشيخ عبد الله سراج الفضلاء، ولآل العتر الكرام ، ولطلاب أستاذنا ومحبيه، ولعلماء سورية ولعلماء العالم الإسلامي ، ولطلاب العلم الشرعي ولكل المسلمين بخالص العزاء وصادق المواساة بهذا المصاب الجلل، سائلا المولى أن يتغمد أستاذنا بواسع رحماته ويتقبله في الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون.