الشيخ عبد الوهاب طويلة

1361 ـ 1441هـ

1942 ـ 2020م

الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ عبد السلام طويله الحلبي .

عالم عامل، فقيه لغوي داعية مفكر ، ومرب فاضل 

ولد الشيخ عبد الوهاب في مدينة حلب، سنة: إحدى وستين وثلاثمئة وألف للهجرة النبوية الشريفة، في أسرة عرفت بالتمسك بالدين، وحب العلم، فوالده الشيخ عبد السلام أحد علماء حلب المشهود لهم بالعلم والفضل، وكان له غرفة في المدرسة العثمانية يمضي فيها جل وقته بالمطالعة كتب العلم وقراءتها مع إخوانه العلماء، وكان قرناؤه من العلماء يحبونه ويثنون عليه كثيراً.

تلقى الشيخ المترجم تعليمه الابتدائي في إحدى المدارس الابتدائية في حلب ،ولما أتمّ تعليمه الابتدائي، انتسب إلى المدرسة (الخسروية) الثانوية الشرعية الآن، وفيها التقى بمجموعة من علماء حلب الكبار، أمثال الشيخ محمد نجيب خياطة، وقد أخذ عنه علوم التلاوة والتجويد والفرائض، والشيخ عبد الله حماد، ودرس عليه الفقه الحنفي، والشيخ محمد أسعد العبجي، وقرأ عليه الأصول وعلوم اللغة العربية، والشيخ عبد الوهاب سكر، وأخذ عنه السيرة النبوية، وتراجم أعلام الإسلام، والشيخ محمد أبو الخير زين العابدين، وقرأ عليه علوم التوحيد والمنطق، والشيخ محمد الملاح، وقد أخذ عنه علوم الحديث النبوي ومصطلحه، والشيخ محمد السلقيني، وقد أخذ عنه علوم الفقه الحنفي وأصوله، وغيرهم من العلماء، كما حصل الشيخ في هذه المدرسة بعض العوم الكونية،كافلك والرياضيات والجغرافي

وكان فيها مثال الطالب المجد إلى أن تخرج فيها وحصل على الشهادة الثانوية، فانسب إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق، وفيها التقى مجموعة أخرى من شيوخه الأجلاء، وأخذ عنهم مختلف العلوم الشرعية والعربية، نذكر منهم الدكتور صبحي الصالح، والدكتور عبد الرحمن الصابوني، والدكتور مصطفى الزرقا وغيرهم، وتابع الشيخ تحصيله في كلية الشريعة إلى أن تخرج فيها. 

انتسب إلى كلية التربية في جامعة دمشق، ليحصل منها على دبلوم تأهيل تربوي، الذي يفتح له المجال للتعليم في المدارس الإعدادية والثانوية الرسمية.

وبعد تخرجه في كلية التربية استدعي لأداء الخدمة العسكرية فكان من توفيق الله له أن كانت خدمته في مدينة حمص، وفيها تعرف على كثير من شيوخها الأجلاء وكان منهم الفقيه المقرىء الشيخ عبد الغفار الدروبي، والفقيه الشافعي الشيخ عبد السلام بسمار رحمه الله. غيرهما

وما أن اتم خدمته الإلزامية، وعاد إلى موطنه حتى باشر عمله في نشر العلم والدعوة إلى الله. 

فعمل مدرساً للتربية الإسلامية في عدد من مدارس حلب الإعدادية والثانوية، ثم في دار المعلمين، وقد تميز الشيخ المترجم بتدريسه الرائع المحبب إلى نفوس الطلاب وعقولهم، فجذب إليه الشباب الذين أخذوا يلتفون حوله، ويتابعون دروسه في المدارس وخارجها، فكان يثبت لهم عقيدتهم، ويكشف لهم بطلان وزيف الدعوات الضالة المضلة، التي كان أعداء الإسلام يروجون لها ويجلي لهم شبهات هؤلاء الأعداء وضلالاتهم ويجيبهم بحكمته مبينا لهم بالأدلة القاطعة والبراهين الواضحة زيف وبطلان هذه الدعوات والأباطيل والشبهات. 

لم يكتف الشيخ بما يقدم لطلابه في المدرسة، بل جعل لهم دروسا ولقاءات تربوية وتعليمية في المساجد، فكانت دروسه في مسجد (العكش) في محلة (الجلوم) وجامع (العريان) في حي العريان، ملتقى الشباب المسلم في مختلف الأعمار والمراحل الدراسية، الذيم كانوا يتمتعون ويفيدون من دروسه المتميزة وإلقائه البليغ المتقن، وتبسيطه للعبارات اللغوية بأسلوب سهل يتخلله الكثير من البساطة والمرح، وحب للطلاب وبشاشة في وجوههم.

كما كانت للشيخ المترجم جولات على القرى يلتقي فيها بأبناء الريف، ويعظهم ويعلمهم بنفس روحه المرحة وأسلوبه السهل المحبب، فكان يذهب إلى منطقة (السفيرة) ويخرج مع مشايخها كالشيخ د. حسين قاسم النعيمي، وغيره إلى القرى المجاورة للدعوة إلى الله تعالى.

في عام: 1979م، قرر الشيخ الهجرة من وطنه فراراً بدينه وطلبا للرزق الحلال، فتعاقد مع وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية في الرياض، ثم انتقل للكويت، ثم تعاقد مع الجامعة الإسلامية لمدة ثماني سنوات، بعدها تعاقد مع الهيئة الملكية في ينبع، موجها تربويا لمدة عشر سنوات، ثم أحيل للتقاعد،واستقر في مدينة جدة متفرغا للبحث والتأليف.

وقد رأى الشيخ المترجم ـ رحمه الله ـ في تأليف الكتب النافعة طريقاً آخر للدعوة إلى الله، فألف عدداً من الكتب في الفقه واللغة والفكر الإسلامي، ومن هذه الكتب :

1. الفقه الإسلامي الميسر 

2. فقه الأشربة وحدها أو حكم الإسلام في المسكرات والمخدرات والتدخين وطرق معالجتها 

3. فقه الأطعمة : ما يحل وما يحرم من الأطعمة - الزكاة الإختيارية والأضطرارية - أداب الضيافة والولائم

4. فقه الألبسة والزينة

5. فقه الطهارة. 

6. فقه البيوع والمؤسسات المالية.

7. فقه الربا والصرف والقروض والنقود.

8. أثر اللغة في إختلاف المجتهدين

9. التربية الإسلامية وفن التدريس

10. تعريف موجز بدين الإسلام 

11. عالمية الإسلام ورسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء. 

12. الإسلام والبشرية الحائرة.

13. الحسن بن علي وعام الجماعة

14. الكتب السماوية وشروط صحتها

15. الكتب المقدسة في ميزان التوثيق

16. مغالطات اليهود وردودها من واقع أسفارهم

17. توراة اليهود والإمام ابن حزم الأندلسي.

18. المسيح المنتظر ونهاية العالم.

19. بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم 

20. وجاء النبي المنتظر. 

21. صفاء السريرة وكانت سريرتهم أطيب من علانيتهم.

22. ميثاق النبيين في إتمام البناء بخاتم الأنبياء.

جميل الوجه، أزهر اللون، ربعة بين الرجال، منور الشيبة، كث اللحية، واسع العينين، 

طيب القلب، لطيف المعشر، آلف مألوف، رقيق العواطف، كريم النفس، عظيم التواضع، يحب طلابه، ويعطف عليهم، وربما بكى إذا سمع بما يؤذيهم، لأنه يعتبرهم أبناؤه، وهم بالمقابل يعتبرونه الأب والمربي والشيخ والموجه، يكره الغيبة والنميمة، ولا يحب الخوض فيما لا يعنيه.

وقد مدحه واثنى عليه كثير من العلماء من طلابه وغيرهم وكتب له شيخنا الدكتور محمد رواس قلعه جي ـ رحمه الله ـ مقدمة لكتابه: فقه الطهارة.، وصفه بالفقيه وأثنى عليه وعلى علمه وفقهه ومؤلفاته خيراً.

بقي الشيخ المترجم على همته في الدعوة الى الله، ونشر العلم عن طريق التدريس وتأليف الكتب النافعة، إلى أن وافته المنية صباح يوم السبت الواقع في الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة سنة: إحدى وأربعين وأربعمئة وألف للهجرة، الموافق للتاسع عشر من شهر تموز، عام: عشرين وألفين للميلاد، في أحد المشافي في مدينة جدة، في المملكة العربية السعودية، بعد ما عانى من مرض جائحة (الكورونا)، ونحن نرجو من الله أن يحتسبه في زمرة الشهداء، لأنه مات غريباُ مطعوناً رحمه الله تعالى

المصدر: من كتاب علماء من حلب في القرن الرابع عشر ـ الجزء الثاني