الشيخ محمد إدريس الكاغاني رحمه الله تعالى

استيقظت في الصباح الباكر (23 شعبان سنة 1441هـ) لصلاة الفجر فإذا أنا بعدة رسائل من جهات مختلفة تنعى إلي وفاة شيخنا المجيز محمد إدريس الكاغاني، فاسترجعت، وترحمت على الشيخ داعيا له برفع الدرجات وسائلا المولى عز وجل أن يثبتنا على دينه وينعم علينا بالاستقامة على صراطه السوي، ويبارك في حياتنا وأعمالنا في صحة وعافية.

وشيخنا المتوفى هو الشيخ المعمر محمد إدريس بن الشيخ السيد رسول الكاغاني الهزاروي العالم الصالح المصلح.

ولد سنة 1335 في قرية راجوال من أعمال هزاره في باكستان، وأخذ التعليم الابتدائي من أبيه الشيخ السید رسول رحمه الله تعالى (وهو من المتخرجين في دار العلوم بدیوبند، ومن تلامذة شيخ الهند مولانا محمود حسن الديوبندي رحمه الله تعالى)، ودرس بعض الکتب في حضرو من منطقة تشاش، والتحق بدار العلوم بديوبند سنة 1356، وتخرج فيها سنة 1361ه.

سمع صحيح البخاري وجامع الترمذي على شيخ الإسلام مولانا حسين أحمد المدني، وصحيح مسلم على العلامة إبراهیم البلیاوي، وسنن أبي داود على الشيخ إعزاز علي الأمروهي، وسنن النسائي على الشيخ عبدالحق نافع، وسنن ابن ماجه على المفتي رياض الدين والشيخ أبي الوفاء الشاهجهان فوري، رحمهم الله تعالى.

وكان من زملائه في دورة الحديث شيخنا محمد سرفراز خان صفدر، وشيخنا عبيد الله الأشرفي، والشيخ محمد يوسف البلندري، رحمهم الله.

واستفاد من دروس العلامة عبيد الله بن الإسلام السندي ومجالسه، واختلف إلى العالم الرباني الكبير أحمد علي اللاهوري في دورته التفسيرية، وبايع شيخه المدني في التصوف وخدمه، وكان الشيخ يحبه محبة كبيرة، ويشركه في الطعام معه، ويقربه إلى نفسه تقريبا.

وعمل مدرسًا في بعض المدارس الحكومية، وبلغ ذلك الشيخ حسين أحمد المدني فزجره عن التوظف لدى الإنكليز، فترك تلك الوظيفة إمتثالا لأمر شيخه، واشتغل بالتدريس في مدرسة بـ "جهلم"، واستمر فيها مدة طويلة مع الإمامة في مسجد من مساجدها.

أجازني وذريتي إجازة عامة.

أفادني بترجمته صاحبنا الشيخ ظهور أحمد الحسيني، وقال: إن الشيخ لم يسمع شيئا على العلامة المسند عبد الرحمن الأمروهي ولا استجازه، ولعل بعض الناس خلط بينه وبين الشيخ إعزاز علي الأمروهي (شيخ شيخنا المترجم له)، فالشيخ عبد الرحمن الأمروهي كان قد انضم إلى هيئة التدريس في دابيل في السنة التي عمل فيها شيخنا المترجم له دورة الحديث، ثم رجع بعد تلك السنة إلى ديوبند لفترة قصيرة، وقد حققت ذلك من الشيخ نفسه، وسألت أولاده فأنكروا سماعه أو إجازته من عبد الرحمن الأمروهي.

تغمده الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه.

تحقيق رواية محمد إدريس الكاغاني عن عبد الرحمن الأمروهي

توفي يوم (23 شعبان سنة 1441هـ) شيخنا المجيز المعمر محمد إدريس بن الشيخ السيد رسول الكاغاني الهزاروي، فكتبت ترجمته، وورد فيها: "أفادني بترجمته صاحبنا الشيخ ظهور أحمد الحسيني، وقال: إن الشيخ لم يسمع شيئا على العلامة المسند عبد الرحمن الأمروهي ولا استجازه، ولعل بعض الناس خلط بينه وبين الشيخ إعزاز علي الأمروهي (شيخ شيخنا المترجم له)، وقد حققتُ ذلك من الشيخ نفسه، وسألتُ أولاده فأنكروا سماعه أو إجازته من عبد الرحمن الأمروهي.

فأُرسِل إلي مقال لكاتب يدعى عبد الباقي إدريس السندي بعنوان (بيان وتوضيح)، ذكر فيه زيارته للشيخ الكاغاني في 27 شعبان 1440، وأن الشيخ أخبرهم برحلته خلال دراسته في دار العلوم بديوبند إلى دهلي وحضوره بها دروس الشيخ عبد الرحمن الأمروهي لمشكاة المصابيح، وأن الشيخ أجاز الحضور، وهو (أي الكاغاني) بينهم، إجازة عامة بجميع مروياته.

هذا ملخص ما ذكره صاحب المقال، وهو خطأ من وجوه:

الأول: إن الشيخ المعمر عبد الرحمن الأمروهي رحمه الله تعالى شيخ معروف، وتراجمه مدونة، واتفقت تراجمه على تدريسه في مرادآباد، وبومباي، وأمروهة، ودابيل، وديوبند، ولم تتعرض تلك التراجم لتدريسه في دهلي.

والثاني: تخرج الكاغاني في دار العلوم بديوبند سنة 1361ه، وكان الأمروهي مدرسا في دابيل حتى هذه السنة، وانتدب للتدريس في ديوبند في نهاية تلك السنة، ولم يلبث بها إلا قليلا إذ أصيبب مرض، فرجع إلى أمروهة، واعتزل التدريس.

والثالث: أن الشيخ الكاغاني كان قد أصيب باختلاط منذ أعوام، وكان يتلقن، فكلما سئل عن عالم هل أجازه أم لا؟ أجاب بـ"نعم"، وإنه سئل مرة هل له إجازة من العلامة أنور شاه الكشميري؟ فقال: إنه قرأ عليه مشكوة المصابيح وحجة الله البالغة في ديوبند، ومن المعلوم أن العلامة أنور شاه الكشميري توفي سنة 1352هـ، وإنما قدم الكاغاني إلى ديوبند سند 1356هـ.

والرابع: أن للكاغاني ترجمة في كتاب (مشاهير علماء ديوبند) ص 640، ولا ذكر فيه لاستجازته من الأمروهي ولا حضور دروسه، والكتاب مطبوع سنة 1395هـ أو قبله، وكان الكاغاني يتمتع في ذلك الوقت بحواسه كلها.