الشهيد أحمد الحصري

لم تبخل الثورة السورية بتقديم أبطال ضحوا بأرواحهم من أجل حرية وطنهم والدفاع عن قضية شعبهم الثائر، فخلال السنوات التسع الماضية لهجت ألسنة السوريين بروايات ثائرين كانوا أساطير في المعركة ضد السلطة المستبدة والميليشيات والجيوش التي ساندتها في قتل السوريين.

وأضافت حادثة سيطرة نظام الأسد على مدينة "معرة النعمان" إلى جعبة السوريين قصة جديدة كان بطلها الشاب "أحمد الحصري" الذي حمل نفس اسم جده "علامة المعرة" (أحمد الحصري) الذي يعد من أبرز علماء الشمال السوري، ومؤسس معهد الإمام "النووي" الشرعي.

ففي 27 من الشهر الفائت، حاصرت قوات الأسد المدينة من الجهات الثلاث، ولم تبقَ إلا الجهة الغربية فقط لمن يريد الانسحاب من المقاتلين، إلا أن "أحمد"، كان له خيار آخر، فقاوم حتى نفذت آخر طلقاته وروت دماؤه تراب مدينته.

بقي "أحمد" صامدا لمدة ثلاث ساعات داخل بناء متصدع، أوقف خلالها تقدم قوات النظام وروسيا وإيران، وهذا ما كان واضحاً في مقطع بثته وكالة "آنا" الروسية من داخل مدينة "معرة النعمان"، والذي أظهر محاصرة القوات المهاجمة لذلك البناء المتصدع، إلى أن عرضت أخيرا صورته قتيلا بعد أن أوقف زحفها وآخر سيطرة القوات على المدينة.

فقد الاتصال بـ"أحمد" قبل دخول قوات الأسد إلى المدينة في 28 من الشهر الماضي، قبل أن يتعرف إليه أهله ورفاقه من خلال مقطع الوكالة الروسية، والملحمة الأسطورية التي سجلها للتاريخ بدفاعه عن أرضه وبلده.

شجاعة "أحمد" سبقه إليها شقيقه الأصغر "حكيم الحصري"، القناص والمقاتل، الذي شكل لشهور طويلة حالة رعب لعناصر جيش الأسد في معسكري "وادي الضيف والحامدية"، حيث قتل منهم ما يزيد عن 150 عنصرا خلال حصار المعسكر، إلى أن قتل بلغم زرعته قوات النظام في نقطة كان يقصدها ويتخذ منها مربضاً للقنص.

ولد الشاب "أحمد" في مدينة "معرة النعمان" بجنوب إدلب عام 1977، وهي من أولى المدن التي انتفضت في وجه نظام الأسد وميليشياته، درس الشريعة في دمشق، وكان من أوائل الثائرين في المعرة مع إخوته وأفراد عائلته ضد الأسد.

روى "أحمد" و6 آلاف ثائر من أبناء المعرة بدمائهم أرض وطنهم، ولم يغفلوا عن قضيتهم ولم يتوانوا عنها، فكانت حاضرة دائما في روحهم وفي صلب اهتمامهم وعلى سلم أولوياتهم، وحرصوا على إبقائها حيةً في كل الأزمنة وحاضرةً في كل الأوقات والمناسبات وضمن المظاهرات الشعبية وعلى ثغور الجبهات.

المصدر: موقع زمان الوصل