الأستاذ الداعية المربي صبري غنام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

صبري عبدالله وهبي غنام، المولود في حلب 1935م 

ليسانس في الشريعة من جامعة دمشق عام 1962م

ليسانس في الحقوق من جامعة حلب عام 1966م

أهلية التعليم الابتدائي من حلب عام 1957م

عمل قرابة خمسين سنة في مناطق متعددة في كل من سورية والمملكة العربية السعودية بين التدريس والإشراف التربوي في مختلف المراحل التعليمية.

عائلته: 

تزوج ثلاث زوجات: 

الأولى: راضية بنت محمد مظفر مهمندار، من حي البياضة في حلب، وهي أم أولاده جميعهم، وهم على الترتيب من الأكبر: سمية، عمار، ياسر، براء، عبدالرحمن، مؤمن، أنس، مؤمنة.. وقد عملت فترة في التدريس. توفيت عليها رحمة الله قبل وفاته هو بحوالي ثمان سنوات، في 11/11/1431هـ.

الثانية: هيام بنت محمد جودة، من حلب، وقد فارقها قبل وفاته بحوالي أربع عشرة سنة. 

الثالثة: سمية بنت محمد نوري العثمان، من مدينة الباب، تزوجها حين إقامته وعمله في مدينة حائل في المملكة العربية السعودية في عام 1415هـ وكانت تعمل مشرفة تربوية لمواد اللغة العربية في منطقة حائل. عاشت معه إلى أن توفي عنها رحمه الله في 2/10/ 1439هـ.

أمضى – رحمه الله – معظم عمره في الدعوة إلى الله تعالى، وكان حريصًا أشد الحرص على تنشئة أولاده وتلاميذه في مختلف المراحل التعليمية التي عمل فيها على حب الله عز وجل وحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وعلى حب ما يحبه الله جل وعز وعلى حب ما يحبه رسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

كان رحمه الله مستمسكًا بدينه، معتزًا به، شديد الغيرة عليه، وَرِعًا، لا يَشْرع في أمر من أموره في نفسه أو في بيته وأولاده حتى يعرضه على الدين، فيقف عند حدود الله، لا يجاوزها، بل لعله يترك مسافة أمان بينه وبين الحمى.

كان من أبرز الأساليب التي انتهجها في تدريسه ودعوته إلى الله الأسلوب القصصي، ومن ذلك أنه انتُدب للتعليم في أحد الأرياف في الشمال الشرقي من سورية، ولما دخل على المدير طلب منه أن يكون على حذر بسبب صعوبة التعامل مع الطلاب وأهاليهم في هذه القرية واليأس من تغير أحوالهم. أخذ الأستاذ صبري تحذير المدير على محمل الجد، لكنه توكل على الله مستشعرًا واجبه الديني والتربوي نحو هؤلاء الأبناء الصغار وأهاليهم، فراح يقص عليهم من قصص القرآن الكريم والسيرة النبوية حتى خشعت قلوبهم، ولانت عريكتهم، وامتلأت قلوبهم بحب الله عز وجل وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، ففي ذات يوم كان يحدثهم عن وفاة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأسلوبه التصويري، ونبرات صوته التي ترتفع وتنخفض في انسجام تام مع سرد الأحداث وتسلسلها، وقلبه مفعم بالحزن بهذا المصاب الجلل، إذا بالأطفال يُجهشون بالبكاء مسندين رؤوسهم الصغيرة إلى طاولات مقاعدهم الدراسية تفاعُلاً مع هذا المشهد الرهيب. فسُرَّ – رحمه الله – بهذا الفضل من الله، وأراد أنْ يترك للمدير درسًا عمليًا في عدم اليأس وعدم القنوط، فدعاه – وكان مكتبه مجاورًا لحجرة الدراسة - ليرى حال الطلاب، فسأله المدير متعجبًا: ماذا عملت لهم؟ لماذا هم يبكون جميعًا وينتحبون؟ فأجابه: إنهم يبكون لفقد رسولهم الحبيب، وقد أحزنتهم وفاتُه، وملأت قلوبهم العامرة بحبه حزنًا وأسى.

تعاقد مع المملكة العربية السعودية عام 1980م وكان أول قدومه إلى مدينة أبها في الجنوب، وعمل فيها قرابة عشر سنوات، وهي مدينة جميلة، مرتفعة عن سطح البحر ما بين (2000 – 3000م) جوها بارد، تحيط بها الغابات والمَطلات إلى وديان تهامة السحيقة، جبالها تعانق السحاب، فكانت مقصدًا للسياح في فصل الصيف، وخاصة من الجالية السورية المقيمة في السعودية ممن لا يُتاح لهم السفر خارجها. فكان رحمه الله مقصد هؤلاء، يعينهم في أمورهم، ويمشي في حاجاتهم، ويعد نفسهم مسؤولاً عنهم، يرى مساعدتهم واجبًا عليه لا فضلاً منه، يدعوهم إلى بيته، وإلى المتنزهات، يحاول إسعادهم ما أمكنه إلى ذلك سبيلاً، سواء كان يعرفهم من قبل أم لم يكن. كان اجتماعيًا يحب الناس، ويحبونه، يألفهم ويألفونه، يتفقد إخوانه وأصدقاءه، يزورهم، ويزورنه، ويجتمعون بين الفترة والأخرى إنْ في بيوتهم أو في المتنزهات المحيطة بمدينة أبها، بل كان كثيرًا ما يرتحل من أجل زيارة أخٍ له في الله، في إحدى البلدات البعيدة عن أبها.

بعد مقامه في أبها نُقل إلى منطقة القنفذة، فعمل في ثانوية المظيلف، وهي بلدة في تهامة، حارة، ذات غبار ورمال كثيفة وزاحفة في أغلب الوقت، إلا أن أهلها طيبون كرام، فسُعد بالتعامل معهم وتدريس أبنائهم، وسُعِدوا به، وبقي على تواصل معهم إلى قبيل وفاته، رحمه الله، مع كونه لم يقم بينهم سوى سنتين.

بعدها نُقل إلى منطقة حائل، فعمل بها حوالي عشرين سنة، مشرفًا وموجهًا لمواد التربية الإسلامية، وكانت له علاقات طيبة مع أهل حائل من أبناء المنطقة والمقيمين فيها، واستمرت علاقته مع كثير منهم بعد مغادرتها؛ إذ كانوا يتصلون به ويزورونه بعد انتقاله منها.

بعد حائل، وفي عام 1432هـ حَطَّ رحاله في المدينة المنورة غير قاصد لعمل، بل ليجاور فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصحبة بعض أولاده المقيمين فيها.

وبعد نزوله المدينة بفترة وجيزة مرض، فأدخل إلى المستشفى، وأُجريت له عملية القلب المفتوح، ونجحت العملية بفضل الله، إلا أن الأمراض تتابعت عليه، فأنهكته، وكان كثير التردد على المستشفى سواء في مواعيد محددة مسبقًا للمتابعة، أو في حالات طارئة، وكان كلما اشتد عليه المرض يوصي أولاده أن يصلى عليه في مسجد رسول الله صلى عليه وسلم، ويدفن في البقيع، فكان له ما تمنى ورغب عليه رحمة الله، ففي بداية رمضان من عام 1439هـ بدت عليه علامات الوهن والضعف، ومع ذلك نوى وأصر على أداء صلاة التراويح في المسجد النبوي، وأبدى عزمه على صيام الشهر كله، رغم نصح الطبيب له بعدم الصيام، وترك الذهاب إلى الحرم، وإشفاق أهله عليه مما كان يلاقي من تعب ومشقة، وما يعاني بسبب المرض والشيخوخة.

لكنه في ليلة الخامس من الشهر الكريم خارت قواه، ونُقل صباحًا، إلى المستشفى، وبقي تحت المتابعة المشددة، وفي الثامن من رمضان دخل في غيبوبة عميقة، واستمر على هذه الحال إلى ثاني أيام العيد؛ إذ حضرته الوفاة بعد الظهر، وصُلي عليه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر ثالث أيام عيد الفطر 1439هـ، ودفن في البقيع. رحمه الله، وغفر ذنبه، وستر عيبه، ونور قبره، وفسح له فيه مدَّ بصره، ورفع درجته في عليين، ورزقه صحبة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وجمعنا معه على الكوثر.

كان قلبه متعلقًا بالحرمين الشريفين، فلا تراه يقضي إجازاته إلا في أحدهما ، في مكة المكرمة أو في المدينة المنورة، أو قد يجمع بينهما في إجازة واحدة، لا تلوح له فرصة للحج أو العمرة إلا اغتنمها، حريصًا على قيام ليالي شهر رمضان المبارك في أحد الحرمين حسب ظروف إقامته، ولما كانت إقامته في سنِيِّه الأخيرة في المدينة المنورة كان يُحافظ على قيام ليالي الشهر الفضيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كان عفيف النفس عزيزها، راضيًا بما أعطاه الله تعالى، شاكرًا ذاكرًا، حامدًا، أمينًا، صادقًا، مضيافًا، يبالغ في إكرام ضيوفه، دون أن يرى في ذلك مبالغة، سعيدًا بتقديم العون لمن يحتاجه، لا يذكر مساوئ الناس مهما أساؤوا، صابرًا على البلاء، لا يشكو همه إلا إلى الله، متمسكًا بهدي الكتاب والسنة، محبًا للخير، بعيدًا عما حرم الله، ولا نزكي على الله أحدًا.

نسأل الله تعالى أن يتغمده برحمته الواسعة، وأن يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة، وأن يبدل سيئاته حسنات، وأن يرزقه رضاه، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

كتب عددًا من البحوث والتقارير ، وألقى مجموعة من المحاضرات عن التربية والتعليم، ولم يكن يُعنى بنشرها؛ لأنه كان يوجهها إلى معلمي المنطقة التي كان يشرف عليهم، من ذلك:

1- نشاط وبرامج التوعية الإسلامية محاضرة تنشيطية 1414هـ.

2- التقرير السنوي لعام 1415هـ : تضمن إحصاء للإيجابيات والسلبيات، وكثيرًا من التوجيهات والاقتراحات لتطوير العملية التربوية والتعليمية.

3- إعداد الدروس: أهميته وطريقته وأنواعه. 1422-1423.

4- محاضرات تربوية في الوسائل التعليمية: أهميتها ودورها في العملية التربوية.

وصلى الله على سيد الأولين والآخرين والحمد لله رب العالمين.