محمد ناجي أبو صالح

1322 ـ 1411هـ

1904 ـ 1991م

 الشيخ محمد ناجي بن محمود بن محمد أبو صالح. 

فقيه شافعي حنفي، عالم بالنحو واللغة.

ولد في حي(المشارقه)(1) في مدينة حلب، سنة: اثنتين وعشرين وثلاثمئة وألف للهجرة، في أسرة تعد من سراة هذا الحي، حيث كان والده أحد وجهاء الحي، وتاجراً كبيراً من تجاره، وتلقى تعليمه الأولي في أحد كتاتيب الحي، ثم انصرف للعمل في التجارة مع والده، حتى شب وتزوج لكن فطرته السليمة وحبه للعلم كانا يدفعانه إلى حضور مجالس العلماء في المساجد، واشتدت رغبته في طلب العلم، فانتسب إلى المدرسة (الخسروية) وقد قارب العشرين من عمره، وأكب على طلب العلم، وتحصيله بشغف منقطع النظير، فأخذ علوم القرآن والحديث والفقه والأصول والسيرة والأخلاق والفرائض بالإضافة إلى علوم العربية وبعض العلوم الكونية على كبار علماء عصره الذين كانوا يدرسون في هذه المدرسة، أمثال: الشيخ أحمد الزرقا، والشيخ أحمد الكردي، والشيخ محمد الحنيفي، والشيخ محمد سعيد الإدلبي، والشيخ أحمد الشمّاع، والشيخ محمد راغب الطباخ، والشيخ محمد أسعد العبجي، والشيخ محمد الناشد، والشيخ عيسى البيانوني، والشيخ فيض الله الأيوبي، وغيرهم.

وكان أثناء دراسته في هذه المدرسة مثال طالب العلم المجد، ينافس رفاقه المجدين الأذكياء، أمثال الشيخ معروف الدواليبي، وأمين الله عيروض، وغيرهم، وتخرج في المدرسة مع الدفعة الثانية، سنة:1346هـ، وكان ترتيبه الأول في دفعته(2).

ولم يكتف الشيخ المترجم بما حصله في المدرسة (الخسروية)، بل راح يلاحق شيوخه في مجالسهم، ويأخذ عنهم، فكان يحضر مجالس الشيخ محمد الزرقا ومن بعده ابنه الشيخ أحمد، والشيخ أحمد الكردي، والشيخ محمد نجيب سراج الدين، في المدرسة (العثمانية) وفي الجامع الأموي، وفي جامع الخير وجامع الحموي، حتى أتقن الفقه الشافعي والحنفي، والعربية وعلومها، وأصبح من العلماء الفقهاء الذين يشار إليهم بالبنان.

وكان حبه للعلماء ومجالستهم يدفعه للبحث عنهم، والاجتماع بهم في مواطنهم، فكان يكثر من السفر إلى دمشق، للأخذ عن علمائها، فقامت بينه وبين بعض علماء دمشق علاقة وثيقة وحميمة، وخاصة مع الشيخ أحمد الحارون، والشيخ يحيى الصباغ، وفي حلب صحب الشيخ عبد القادر الهلالي، وكثير ما كان يحضر مجلسه في (الزاوية الهلالية)، والشيخ محمد أبي النصر الحمصي، وقد أخذ عنه الطريقة (النقشبندية)، وكان يحضر معه أذكارها.

ومع اهتمامه بالعلم طلباً وبذلاً، فقد كان لا يتوانى عن مشاركة إخوانه في (الكتلة الوطنية) في جهادهم ضد الاحتلال الفرنسي.

وبعد الاستقلال طلب منه إخوانه العلماء أن يرشح نفسه للمجلس النيابي، فعمل برغبتهم ورشح نفسه لهذا المجلس، رغبة منه في المشاركة في خدمة وطنه ورفعة شأنه، ونشر رغبتهم هذه في بيان انتخابي، صدر بعنوان: (نصيحة العلماء إلى الأمة)، لكنه لم يحرز من الأصوات ما يؤهله لدخول المجلس النيابي.

وتابع الشيخ حياته معلماً وداعياً إلى الله، في المدارس الشرعية والمساجد، وكثر طلابه والآخذون عنه، ونظراً لمكانته العلمية، فقد رشح عدة مرات لتولي منصب الإفتاء في حلب، وكان يعتذر عن ذلك مؤثراً التفرغ للعلم ونشره.

في عام: 1981م، آثر الشيخ الهجرة إلى مدينة (الرياض) في المملكة العربية السعودية، ليقيم قرب أبنائه الذين يقيمون هناك متفرغاً للعبادة إلى أن وافته المنية هناك.

 

 طيب القلب، عطوف، محب للعلم والعلماء وطلاب العلم، محبوب لديهم، جريء في قول الحق، يصدع به، ولا يخاف فيه لومة لائم، كثير العبادة وقراءة القرآن، لا يدع قيام الليل مهما كانت الظروف. 

جميل الوجه، منور الشيبة، مهيب، وقور، يظهر عليه سيما العلماء ووفارهم.

 توفي في (الرياض) في الحادي والعشرين من ذي الحجة، سنة: إحدى عشرة وأربعمئة وألف للهجرة، الموافق للثالث من تموز، عام: واحد وتسعين وتسعمئة وألف للميلاد، ودفن في مدينة الرياض.

 

المصادر والمراجع

1- سجلات الثانوية الشرعية.

2- ترجمة خطية أملاها عليّ نجله الدكتور محب الدين أحمد أبو صالح.

3- مقابلة شفهية مع نجل المترجم له الدكتور محب الدين أحمد.

4- مقابلة شفهية مع حفيده الأستاذ محمد ناجي بدر الدين أبو صالح.

5- مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة.

 

(1) كان حياً كبيراً يقع إلى الغرب من مركز انطلاق الباصات، يحده من الجنوب مقبرة (السنيبلة) ومقبرة (الشيخ ثعلب)، ومن الشمال والشرق محلة (الكتّاب)، وقد أزيل هذا الحي كله تقريبا، وقامت مكانه عدة منشآت حديثة منها ساحة الرئيس، والقصر البلدي، وتقام الآن المكتبة الوطنية. المؤلف 

(2) انظر الحاشية رقم 1 من ترجمة الشيخ أمين الله عيروض.