نجم الدين شهيد (الشيخ شهيد)

1292 ـ 1368 هـ

1875 ـ 1948 م

مؤرخ برج الساعة في مدينة حلب 

الشيخ نجم الدين بن الشيخ أحمد ابن الشيخ شهيد ابن الشيخ محمد شلوح المعروف بالشيخ شهيد.

عالم عامل، مفتي مدينة (حارم) ومدير أوقافها.

ولد الشيخ المترجم له في مدينة (دارة عزة)، في أسرة توارثت العلم والفضل سنة: اثنتين وتسعين ومئتين وألف للهجرة، ونشأ في ظل هذه الأسرة الكريمة، وتلقى مبادئ العلوم العربية والشرعية على والده الشيخ أحمد.

ولمّا بلغ السابعة عشرة من عمره، رحل إلى القاهرة ليتابع تحصيله العلمي في أزهرها، وهناك التقى صديقيه الشيخ بدر الدين النعساني والشيخ بشير الريحاوي، وأقاموا جميعاً في غرفة واحدة في (رواق الشوام) في الأزهر، لمتابعة دراستهم والأخذ عن شيوخهم علماء الأزهر. 

وأتم الشيخ المترجم له دراسته في الأزهر، وتخرج فيه حاصلاً على شهادته (العالمية) موقعة من كبار علماء الأزهر في ذلك الوقت، ثمّ عاد إلى موطنه (دارة عزة) ماراً بمدينة (حارم)، التي كان والده مفتيا فيها، وتزوج بفتاة من أهلها.

رجع الشيخ إلى قريته وأراد الإقامة فيها، لكنه لم يجد فيها عملاً يتناسب مع شهادته ومكانته العلمية، فتركها ورحل إلى قرية (عينجارة) فعمل فيها معلماً فترة من الزمن، ثمّ تركها وراح يمارس بعض الأعمال التجارية لينهض بنفقات عائلته.

ولمّا أحيل والده الشيخ أحمد إلى التقاعد من إفتاء مدينة حارم، استطاع الحصول على وظيفته في الإفتاء، رغم مزاحمة الكثير من المنافسين، وجرى انتخابه مفتياً لمدينة (حارم)، في شهر تشرين الثاني من عام 1922 م، واستمر في وظيفته هذه إلى أن أدركته الوفاة.

وفور تسلمه منصبه في الإفتاء، انصرف إلى عمله هذا بكلّ كفاية وجدّ واجتهاد، فكان يسجل كلّ فتوى ترده، ويكتب تاريخها واسم المستفتي، ثمّ يذكر سندها ومراجعها ويعطيها رقماً في سجله، وقد بلغ عدد الفتاوى التي سجلها (3642) فتوى في خمسة أجزاء، ولو طبعت هذه الفتاوى لكانت أثراً قيماً في تراثنا الفقهي، ومرجعاً مهماً لا يقل شأناً عن باقي كتب الفتوى المعتمدة، وهي تعطينا صورة واضحة عن الحالة الاجتماعية والدينية ومشكلاتها الحقوقية بين أفراد المجتمع الريفي في ذلك الوقت.

ورغم انصراف الشيخ المترجم له إلى الفقه والتعمق في أصوله وفروعه، فقد كانت له اهتمامات أدبية واضحة، فقد كان كاتباً متمرساً امتاز بكتابة الرسائل بأسلوب بلاغي جميل، معتمداً الإيجاز والبلاغة والفصاحة، بخطه الجميل، الذي قلما يدانيه فيه أحد من أقرانه الفقهاء، وربما نظم الشعر إذا احتاج إليه أو طلب منه، ومن شعره أبيات وصف فيها ساعة باب الفرج وأرخ تاريخ بنائها بقوله:

أنشأ لنا الملك الحميد مآثراً * عظمت صناعتها وأي صناعة

حامي حمى الدين المكين ومن له * أضحت سلاطين الورى أتباعه

من ذاك في حلبٍ أقام منارة * تثني عليه بساعة سماعة

( أنشأت ساعة باب الفرج بأمر من السلطان عبد الحميد سنة: 1316 هـ ـ 1868 م (حلب في مئة عام ج1 ص210).)

أحبّ الشيخ شهيد الكتاب، وجعله جليسه وأنيسه، واهتمّ باقتناء الكتب والكتب الفقهية خاصة، وقد ترك مكتبة كبيرة زاخرة بأمات الكتب الفقهية، ونوادر كتب الأدب واللغة، وهي ما تزال محفوظة لدى نجله الأستاذ المحامي إبراهيم الشهيد.

بقي الشيخ المترجم له على دأبه في نشر العلم، وإفتاء المستفتين، وحلّ مشكلات الناس، وفضّ خصوماتهم، والصلح بينهم، إلى أن أدركته المنية، مساء يوم الأربعاء الأول من شهر محرم، سنة: ثمان وستين وثلاثمئة وألف للهجرة النبوية الطاهرة، الموافق للرابع من شهر تشرين الثاني، عام: ثمانية وأربعين وتسعمئة وألف للميلاد، في بلدته (دارة عزة)، ودفن هناك - رحمه الله -.

المصادر والمراجع

1- حلب في مئة عام لمحمد فؤاد عنتابي ونجوى عثمان.

2 ـ كتاب الإعلام عمن تولى إفتاء حلب من الأعلام لمحمد عدنان كاتبي