العالم الشاب القارئ الداعية الشيخ أحمد عدنان كلزية (4)

نشرنا في الحلقات الثلاث السابقة لمحة موجزة في ترجمة الأخ الشيخ أحمد عدنان كلزية، وأوردت ست كلمات كتبت في رثائه من إخوانه وأصدقائه . 

وأتابع في هذه الحلقة الرابعة ذكر بعض الكلمات التي قيلت فيه من إخوانه وأصحابه ، وقصيدة في رثائه:

كتب صديقه الشيخ عبدالرحمن الشاغل:

اللقاء الأخير :

أخي أبا عدنان أحمد كلزية لم يكن يخطر في بالي أن لقاءنا في غازي عنتاب لنصف ساعة - بعد سنوات طوال من الفراق بسبب السفر والغربة - سيكون اللقاء الأخير.

ما أصعبه من نبأ حمله الوثاب لنا ما أصغر الدنيا وكأنها حلم !!

عرفت أخي أحمد في المدرسة الشعبانية العامرة (وأعظم صحبة هي المدرسة أجمل صحبة وأنقاها وأثبتها على نوب الزمان وأبقاها أيا حبذا صحبة المكتب وأحبب بأيامه أحبب ) وجدت فيه أخا كريما بساما ذا همة عالية حافظا عاملا، ثم افترقنا لسنوات والتقينا في السفر فإذا هو ذا معدن أصيل وفكاهة كملح الطعام على أن أكثر ما يميزه هو حبه لنفع عباد الله ، وكان يسعى لخدمة إخوانه وأحبابه وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.

شكرا لك من القلب الاخ أبا نجيب جامع الأحباب على ترتيب الزيارة وتشريفكم أنت وثلة من إخواني كان من بينهم شيخ أحمد رحمه الله .

وأسأل الله أن يطيل في أعماركم، وأن يجعلنا وإياكم وجميع إخواننا ممن عرفناهم في طريق العلم على خطى سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .

********* 

وكتب صديقه الشيخ محمد محمود السيد ( أبو التاج)

أخي وصديقي الشيخ أحمد عدنان كلزية

طبت حياً وميتاً يا صاحب الحضر ورفيق الدرب في السفر

إن اول لقاء جمعني بك في جامع الديري مع شيخنا العلامة المربي الشيخ محمد خليل الكرمي رحمه الله سنة 1998فحياك الله من طالب علم تنقلت بين المدارس والعلماء نهلت منهم ولم تتعصب لأحد دون آخر.

لم تنس في الثورة الأرملة والمسكين والمصاب وصاحب الحاجة والآن لن ينسوك من دعائهم لك بالرحمة والرضوان وهذا ما أشهد به أمام الله لك وهو خير الشاهدين

اليوم افتقدتك تلك العوائل التي آويتها من برد الشتاء والمعاق الذي فقد ساقيه لينال الناس حريتهم

لقد كنت المنبه لنا عندما ننسى الاصدقاء لبعد المنزل أو مشقة اللقاء .

ستذكرك مدرسة الشعبانية وأروقة الازهر وجامعة بيروت وسوق المدينة في حلب وجوامع استانبول سيذكرك جامع الديري وريف حلب الغربي الذي خيم عليه الحزن لفراقك

سلام عليك يا صاحب الحضر ورفيق الدرب في السفر

************** 

وكتب صديقه الشيخ عبد الله مكتبي:

إن الزهرة حتى تورق وتفوح عطراً وأريجاً لا بد لها من بيئة وتربة سخيتين تمنحانها الدفء والماء ومقومات العطاء، وهكذا كان أخونا الشاب الفاضل الأستاذ أحمد كلزية فقد نما وترعرع في أزقّة حلب القديمة التي أنجبت العديد من العلماء الكبار ونشأ في كنف أسرة معروفة بالخلق والدين، ونهل من علوم الدين في مدرسة الشعبانية العريقة التي صقلت مواهبه وغذت روحه من نبع القرآن والسنة، لذا ليس غريباً أن يغدو رحمه الله نجماً لامعاً بخلقه وأدبه ، وبما تركه كتاب الله في ثنايا روحه، من المؤسف أن علاقتي به رحمه الله كانت وثيقة الصلة في أيام الدراسة فقط فقد تباعدت الأبدان منغمسة في دوامة الحياة لكن الأرواح كانت تهفو لبعضها بعضاً، عرفت فيه رحمه الله المثل والقدوة الحسنة في رفعة الأخلاق، فقد كان رحمه الله رغم شدة نشاطه أنيساً أليفاً كثير الهدوء والسكينة عذب اللسان وربما حفظه لكتاب الله زاد في هذه الصفات وزكّاها عبر سني حياته القصيرة، كما كان رحمه الله من أكثر الناس سعياً 

وراء أبواب الخير دالاً عليها لا يفتأ لسانه من النصيحة والإرشاد. 

هنيئاً لتربته أنها تعطرت بجسد شاب يفوح منه عطر القرآن ومسك الأخلاق.

رحلت عنا سريعاً فقد كنت كثير الشوق لسيد الوجود تصبو لوصاله وترجو لقاءه، وداعاً يا زينة شباب الشعبانية جمعنا الله جميعاً بك عند حوضه الشريف، نم هانئاً مطمئناً فقد أديت رسالتك لكنك رحلت عنا سريعاً، رحمك الله رحمةً واسعة وغفر ذنوبنا وذنبك وعوضنا عن فقدك.

وكتب صديقه الشيخ عبدالله أحمد أبو عيسى

سأبحرُ في عميق الذكرياتِ

وأنثوا ما تعتّق من حياتي

وأمتاح الرؤى دلوًا فدلوًا

وأشرع في تراتيل الصَّلاة

فمن فقد الأحبة ضاق ذرعًا

وغصّ بحلقه عذبُ الفرات

أعزّي النفس لكن لا تَعزّى

وأسلوها ولكن لا تواتي

وأعذرها لتعذرني لأني 

فقدت بفقده نور الحياة

فقدت بفقده شهمًا أبيًّا 

سخيّ النفس معروف السّمات

فتى الفتيان أحمدُ لو تباكى

لأطرقت الرواسي خاشعات

يرتّل سورة الأعلى فيعلو

ويسمو في سماء الذاريات

يزكيه المباعد والمداني 

ويمدحه المخالف والمواتي

ولو سألوا تراب القبر عنه

لسبّح من ترانيم الهبات

إلى الفردوس يا حسن المزايا 

إذا منّ الكريم على العفاة

سقتك سحائب الرحمن تترى

ولا رقأت عيون الباكيات

وصلّ إلهنا في كل آنٍ

على المختار محمود الصّفات

وكتبها بعيون منهمرة

عبدالله أحمد أبو عيسى

الحلقة الثالثة هــنا