الشَّيخ عبد الله عثمان موكي (جركس)

 

الشَّيخ عبد الله بن عثمان موكي . الشهير بالشيخ عبد الله جركس، العلَّامة والفقيه الأزهري.

 ولادته ونشأته ودراسته :

ولد نحو سنة 1305/1887، نشأ في بلدته تلعمري شرق مدينة حمص، تلقى مبادئ العلم فيها، ثُمَّ توجه إلى مدينة حمص وحـضر مجالس بعض العلماء فيها، ثم توجه إلى الأزهر الشريف صغيراً فتابع تحصيله وبقي في رحابه بين علماء وأعلام نحو ثلاثين عاماً.

 من أشهر شيوخه:

ومن شيوخه الذين كان يعتَّز بهم ويذكرهم وينقل عنهم كثيراً العلَّامة الإمام الشيخ زاهد الكوثري والعلَّامة الشيخ محمد بخيت المطيعي ( أبو حنيفة الصغير ).

 ومن صفوة أصدقائه وأقرانه في الأزهر الشيخ عبد الفتاح أبو غدَّة، وبعد عودته من الأزهر وإقامته في مدينة حمص كان الشيخ عبد الفتَّاح يزوره ويخصُّه بالزيارة، وينزل عنده أياماً، وقد يستضيفه الشيخ عبد الله لأسابيع عديدة، وقد تكرَّرت هذه الزيارات فيما بينهما.

وكان قد حصل في الأزهر على شهادات عديدة وعالية في الفقه الحنفي وأنواع العلوم من معقول ومنقول.

 وظائفه وطريقته في الدعوة والتعليم والإفتاء: 

وعندما عاد إلى بلده أُسندت إليه الخطابة في مسجد الأخيار ( مسجد سيد سليمان ) في مدينة حمص، ثم في مسجد العُـنَّابة في حي بني السباعي، وعين إماماً في الجامع النوري الكبير، فكان يتناوب الإمامة بينه وبين الشيخ محمود السباعي بين الحرم والمصلَّى الخارجي، فكان منذ دخوله إلى المسجد الجامع يوجِّه النصائح الـشرعيَّة للمصلين، ويخاطبهم بالحُسنى ويطالبهم بالتقيُّد بالشرع ، وكان له في كل أمر نصيحة تدل على ورعه وتقواه وحسن إرشاده، وكان يقول للمصلين المتأخرين عن الصلاة : سارعوا إلى الصلاة كما تُسارعوا إلى جني المال - حيث إن المسجد الجامع وسط الأسواق - وكان يُنكر على التُّجار الذين يستخفون في فصل الصيف ويأتون إلى الصلاة بدون عمائمهم أو بدون الطربوش الذي كان لباس الرجال في زمانه، وبهذا يعتبرهم قد تركوا الكمال في اللباس وهم يقصدون الوقوف بين يدي الله تعالى، فكان يخاطبهم بقوله : تركتم عمائمكم على الرفوف وخلف الميزان.

 ومن شدَّة ورعه ولطفه كان يدخل المسجد قبل الأذان ويجلس في المحراب ذاكراً حتى لا يتخطَّى الناس، وعند الأذان يقف ويأمر الناس بطي المصاحف، فيقول إذا أذَّن المؤذِّن إطوو المصاحف وردِّدوا قول المؤذن....

وفي أواخر حياته ترك الجامع النوري الكبير لبعده وأمَّ في مسجد عبد الله بن مسعود القريب إلى منزله.وكان يُدَّرس في ثانويات المدينة الخاصة بالبنات، وليس له درس عام بل كانت جلَّ دروسه خاصة، بل لخاصة الطلبة في الفقه والتفسير وعلوم القرآن الكريم والتجويد.

وعند قراءة المريد أمامه للقرآن الكريم كان لا يُصحِّح له، بل كان يُنبِّهه ويُهمهِّم أو يضرب بإصبعه على كرسي المصحف ليُصحِّح التلميذ بنفسه، ويعتبر ذلك أجمع للفائدة وأعم، وكان لا يقبل ممَّن ختم عليه أن يأتي بشيء من الحلوى إلى المسجد كما هي العادة المتَّبعة في حينه حتى لا يُحرج من هم في عسرٍ من أمرهم ، وكان يقول لهم: اجعلوها لأهل بيتكم، وكان يعترض على بعض العلماء تهاونهم في تحري الفرص، بل كان شديد الورع في أموره كلها، ويرى في الورع سعادته التي يطلبها، ومن شدَّة ورعه فقد كان لا يُفتي للعامة بشكل مُباشر، وكان يُشارك علماء المدينة في أمر الفتوى بكل تثبُّت وبحجة بليغة ودراية عالية، وكان دقيقاً مع العلماء مُتشدداً في تطبيق أحكام المذهب الحنفي، فهو العالم الفقيه الضليع البارع والمتشدِّد في الأحكام والتطبيق ، ولذلك فقد كان أقرانه من صفوة الصفوة من السادة العلماء.

 من مناقبه:

وكان دائم الذكر ولا يُظهر سُبَّحته أمام الناس حتى لا يكون تسبيحه مراءاة.

ومن مناقبه العظيمة: أنه كان شديد الحب للنبي الأعظم وشديد الحب لآل بيته الكرام، وكان يستأنس في حضور مجالس السادة الصوفية ممَّن عُرفوا بالعلم والإرشاد.

وقد جمع الشيخ رحمه الله تعالى عند إقامته الطويلة في مصر مكتبة عامرة بأمهات الكتب، فباع معظمها وتزوَّج متأخراً من أسرة آل طليمات.

 وكان لا يرضى لمن رافقه في الطريق أن يحمل متاعه رغم تقدُّمه في العمر، وكان يقول : صاحب الحاجة أولى بحاجته.

وفي أوائل الستينيات إلى السبعين من القرن الماضي كنت أحضر خطبته يوم الجمعة في مسجد الأخيار ( مسجد السيِّد سليمان ). وما سمعت أجمل من خطبته وجزالة ألفاظه ووقع مفرداته ولهجته في النفوس، وما أحسن صوته وجلالة أسلوبه في طريقة الأداء، فكان لا ينفعل ولا يرفع صوته، بل كانت طبيعة لهجته فيها وقع وجلالة تفتح الصدور وتروي القلوب .

 وفاته:

توفي سنة 1399/1979، ودفن في مسقط رأسه في قرية تلعمري .

 المصدر: مدينة حمص علماء أعلام للاستاذ محمد غازي حسين آغا.

هدية بخط #الشيخ_عبدالفتاح_أبوغدة لصديقه الشيخ#عبدالله_عثمان_موكي