حول كتاب الثقافة الإسلامية للعلامة المؤرخ الشيخ راغب الطباخ الحلبي

حول كتاب الثقافة الإسلامية للعلامة المؤرخ الشيخ راغب الطباخ الحلبي رحمه الله تعالى (ت: ١٣٧٠) وعنايته بالمخطوطات

١- يُعَدُّ كتاب الثقافة الإسلامية للعلامة المؤرخ الشيخ راغب الطباخ رحمه الله تعالى من أوائل ما ألَّف في هذه المادة في العصر الحديث إن لم يكن الأول. فقد انتهى من تأليفه سنة(١٣٦٣-١٩٤٤) وتم طبعه سنة (١٣٦٩-١٩٥٠) في مكتبة طباخ إخوان بحلب في (٤٠٠) صفحة.

ولهذا أدعو من يكتب في مادة الثقافة الإسلامية المقرر تدريسها في الجامعات أن يستفيد من هذا الكتاب.

٢-وسبب تأليفه كما ذكر المؤلف في مقدمة كتابه: أنَّ من جملة الفنون التي وضعت في برنامج الكليتين الشرعيتين بدمشق وحلب (الثقافة الإسلامية) وقد عهد إليَّ بالقيام بهذا الدرس في كلية حلب التي مقرها في المدرسة المشهورة بالخسروية.

وقد وضع في برنامج الكليتين من قبل عمدتهما مواضيع مخصوصة تتجلى فيها الثقافة الإسلامية.

ولما لم يكن لهذه المواضيع كتاب مخصوص، وهي منثورة في كتب التفسير والحديث والأصول والفقه والأدب وغير ذلك، لم أجد بدّاً من التشمير وجمع شتات تلك الأبحاث..".

٣-أهم المواضيع التي تناولها:

الثقافة، الثقافة الإسلامية، العرب: طبائعهم وموقع بلادهم ومعتقداتهم.

علوم القرآن (٢٤-١٧٠)

وفيه مباحث مهمة عن تاريخ القرآن، وجمعه، وكتابته، وأسلوبه، وإعجازه، ومقاصده، وتاريخ المصاحف القديمة، وأشهر المفسرين، وتناول الحديث عن (٤٢) تفسيراً، ويلاحظ أنه استفاد كثيراً من كشف الظنون.

ثم ختم هذا المبحث بأثر القرآن في الثقافة الإسلامية والعربية. 

-الحديث النبوي الشريف وعلومه (١٧٣-٢٣٩) وفيه مباحث مهمة جداً.

وكتب صفحة مهمة من تاريخ الحديث النبوي الشريف في العصور المتأخرة.

ثم ختم هذا المبحث بأثر الحديث في الثقافة الإسلامية. 

الفقه وأصوله (٢٤٣-٢٧٢)

التوحيد (٢٧٤-٢٨٨)

التصوف (٢٨٩-٣٠٢)

العلوم الأدبية (٣١٤-٣٢٨)

آداب البحث والمناظرة (٣٣٣-٣٣٦)

التاريخ (٣٣٧-٣٧٥)

رقود الحركة الفكرية ويقظتها الأخيرة (٣٧٩-٤٠٦)

٤- يلاحظ أنه ذكر في حواشيه حديثاً مطولاً عن المخطوطات وأماكن وجودها، لا سيما مخطوطات حلب، وهو العالم الحلبي صاحب تاريخ حلب..

وليت باحثاً نابهاً جمع ما كتبه الشيخ حولها، ففيها فوائد مهمة ماتعة..‏

٥- من النصوص المهمة ما ذكره في ص(١٢٩-١٣٠) وهو يتحدث عن تفسير القرطبي.. وقد أشار إلى نسخ التفسير المخطوطة في مكتبة القرويين، ونسخة الخزانة المصرية، وغيرها معتمداً على تذكرة النوادر للندوي.

ثم أشار إلى نسخة الظاهرية.. 

ثم ذكر رحلته إلى إنطاكية، ورؤيته نسخة مهمة من التفسير المذكور.

وليت باحثاً نابهاً جمع ما كتبه الشيخ حول رحلاته، ففيها فوائد ماتعة..‏

٦- ‏من فوائده التي نقلها في التفسير:

"ثم ألّف في التفسير طائفة من المتأخرين فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال بتراً، فدخل من هنا الدخيل..

ثم صار كل من سنح له قول يورده، ومن خطر له قول يعتمده، ثم نقل ذلك خلف عن سلف ظاناً أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف". 

وقد استفاده من الإتقان للسيوطي.

٧-ومن فوائده ما نقله عن ابن الأكفاني (ت:749) في إرشاد القاصد:

"من الكتب المختصرة في التفسير:

زاد المسير لابن الجوزي.

والوجيز للواحدي.

ومن المتوسطة:

تفسير الماتريدي.

والكشاف للزمخشري.

وتفسير الكواشي

ومن المبسوطة:

البسيط للواحدي

وتفسير القرطبي.

ومفاتيح الغيب للإمام فخر الدين بن الخطيب".

٨- من فوائده أيضاً، كلامه عن البيان النبوي، وقوله:

"من أحسن الاقتباس من الكلام النبوي، وطرَّز نثره وشعره بشيء منه، وحذا حذوه فذاك أمير البيان، والمشار إليه بالبنان، وهو الذي ترنو إليه النواظر، وتشرأب إليه الأعناق...

والفضل في هذا التهذيب اللغوي يرجع إلى الحديث النبوي، والبيان المحمدي". كما في كتابه الثقافة الإسلامية. 

وهو نص مهم، وقد لاحظت أنَّ عدداً من أهل العلم ينصحون الطلبة بالرجوع إلى كتب الأدب العربي لتحصيل الملكة الأدبية، وهو أمر جيد، لكن لم أسمعهم ينصحون الطلبة بحفظ كلمات النبوة لاكتساب الملكة الأدبية!

وقد كان الشيخ راغب الطباخ يشجِّع طلبته في المدرسة الخسروية على حفظ الحديث النبوي الشريف، وقد أشار إلى أحد طلابه النجباء وهو الشيخ عبدالله سراج الدين رحمه الله بذلك، فحفظ عدداً كبيراً من الأحاديث النبوية الشريفة تقدَّر بالآلاف..

٩-يلاحظ أنه نقل عن الإمام ابن الجزري في كتابه: جامع الأصول نصا

مهما فيه بيان فلسفة التأليف عند علماء الحديث النبوي الشريف، وهو:

"فاختلاف الأغراض هو الداعي إلى اختلاف التصانيف".

وهذا ما يعبَّر عنه في منهج البحث العلمي المعاصر: أهداف البحث 

أو الجهة المستهدفة من البحث..

١٠- يلاحظ أنه ذكر قائمة للمصادر التي استمد منها مادة كتابة، وهي مرتبة حسب العلوم، وهو مهم.