الشيخ عمر ملاحفجي

1350 ـ 1433 هـ

1931 ـ 2012 م

الشيخ عمر ابن الشيخ محمد بن بكري ملاحفجي المشهور كوالده الشيخ محمد (شيخ القصير أبو قبقابة) النعيمي الحسيني (1).

عالم عامل صالح، واعظ السجون في مدينة حلب.

ولد الشيخ عمر في مدينة حلب، عام: خمسين وثلاثمئة وألف للهجرة، الموافقة لعام: واحد وثلاثين وتسعمئة وألف للميلاد، ونشأ في بيئة هادئة متواضعة امتازت بالعلم والصلاح، فوالده العالم العامل الشيخ محمد مدرس العلوم الشرعية، والخطيب المصقع والمصلح الاجتماعي المحبوب والطبيب الشعبي الماهر.

في هذا الجو الصحيح، نشأ الشيخ المترجم، وتلقى تعليمه الأولي على والده، الذي كان يوليه الاهتمام الكبير، لما كان يرى فيه من أمارات النجابة والذكاء والصلاح، وعندما بلغ سناً يمكنه من دخول (المدرسة الخسروية) انتسب إليها رغبة منه في طلب العلم، وتنفيذاً لرغبة والده، الذي كان يريد لولده متابعة طلبه للعلم بشكل منظم، وظل الشيخ المترجم ينهل من معين شيوخ هذه المدرسة المباركة مدة سنتين، ثمّ تابع طلبه للعلم على كبار شيوخ حلب وعلمائها، متتبعاً دروسهم وحلقاتهم العلمية في الجوامع والمساجد، مما زاده معرفة وصلة بكثير من علماء حلب خاصة، وبلاد الشام والعالم الإسلام عامة، فكان يلتقي بكل من يقصد بلاد الشام من العلماء، ويأخذ عنهم، بل كان حبه للعلم والعلماء يدفعه للسفر إليهم ولقاءهم في مواطنهم، وأخذ العلم عنهم، فقد سافر إلى كثير من البلاد الإسلامية، كالحجاز ومصر والسودان وبلاد المغرب العربي وتركيا، وغيرها الكثير، وصاحب كبار علمائها في ذلك الوقت، وأخذ عنهم العلم أو الإجازة، وكانت تربطه معهم صلات ودّية وثيقة، و كان بعضهم يسمّيه بالشيخ المدلّل، وذلك لكثرة محبة العلماء له، وعلاقاته المميّزة بهم.

أما علاقته بشيخه الشيخ محمد النبهان، فقد كانت متينة ومتميزة جداً، فقد التقى الشيخ، وأحبه وسلك على يديه الطريقة (النقشبندية)، وكان الشيخ النبهان يحبه ويصطحبه في أسفاره، ويكلفه بمهام دعوية واجتماعية كمقابلة بعض الشخصيات، وحل المشاكل بين المتخاصمين، وتقريب وجهات نظر المتخالفين، وذلك لما رأى فيه من الحكمة والصدق والإخلاص.

أما ما تميز به الشيخ المترجم، فهو دروسه المستمرة للسجناء، فقد كان الشيخ عمر يقوم بالوعظ والإرشاد والتدريس في كافة السجون، وقد تحقَّق على يديه نفع عظيم في هذا المجال، حيث تاب على يديه الكثير من السجناء، وخرج الكثيرون من السجن بفضل جهوده، و مساعيه الحثيثة التي كان يبذلها لإصلاح الأمور، وتسوية الخلافات بين السجين وخصمه خارج السجن، وذلك لما يتمتع به من نظر ثاقب، وعقل راجح، وحكمة بالغة، يوظف ذلك كله لتحقيق إصلاح النفوس، ونشر الخير بين الناس، وهذا ما كان يشغل جلّ وقته وفكره وعقله، وكان يدعو بعض من يعرف من العلماء الأجلاّء لزيارة السجن، ليستفيد النزلاء من علمهم، وفضلهم ويتأثروا بهم، وكانت زيارات هؤلاء العلماء تترك أثراً جلياً في السجناء فيتوب من يتوب، ويرعوي عن غيه من يرعوي.

وفي أواخر السبعينات من القرن الماضي، هاجر الشيخ المترجم إلى المدينة المنورة، بعد أن استخار الله عز وجل بالهجرة إليها، رغبة بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لطالما تعلّقت به روحه، وفي المدينة المنورة، لم يألُ الشيخ جهداً بنشر الهدي والخير الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي على ديدنه في نشر العلم والخير إلى أن أدركته المنية فيها.

طيب القلب، لطيف المعشر، صادق القول، نقي السريرة، رقيق القلب، دائم البشر في وجوه إخوانه، كثير التفقد للفقراء والمساكين، محباً لكل الناس، لايعرف الكراهية ولا الحقد.

بقي الشيخ المترجم على أخلاقه هذه، إلى أن انتقل إلى جوار ربه، في المدينة المنورة، يوم الجمعة الواقع في الثاني عشر من شهر ذي القعدة، سنة: ثلاث وثلاثين وأربعمئة وألف للهجرة، الموافق للثامن والعشرين من شهر أيلول، عام: اثني عشر وألفين للميلاد، وصُلّي عليه في المسجد النبوي الشريف، بعد صلاة الجمعة، من ذلك اليوم، ثمّ وري الثرى في بقيع الغرقد، مجاوراً لحبيبه الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الغر الميامين. - رحمه الله -

المصادر والمراجع

1. كتاب (الشيخ محمد النبهان) للدكتور محمد فاروق النبهان.

2. كتاب (حلب في مئة عام) لمحمد فؤاد عنتابي ونجوى عثمان.

3. مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ محمد أديب حسون رحمه الله.

4. مقابلة شفهية مع شيخنا الشيخ محمد زين العابدين الجذبة

5. مقابله شفهية مع الأخ محمد أسامة ملاحفجي

6. مقابلات ومشافهات مع عدد من إخوان الشيخ وتلاميذه.

7. مذكرات المؤلف وذكرياته.

8. موقع رابطة العلماء السوريين على شبكة الأنترنت.

======

(1) انظر حديثنا عن نسب العائلة في ترجمة والده السابقة في هذا الكتاب.