المقرئ المتقن الشيخ سيد الساداتي الشنقيطي

بسم الله الرحمن الرحيم

وإنا على فراقك يا سيّد لمحزونون 

الحمدلله الذي لايحمد على مكروه سواه

والصلاة والسلام على رسول الله، الذي لم تصب الأمة بأعظم من فقده في تاريخها.

لقد فارقنا الأستاذ الدكتور والمربي الفاضل والمقرئ المتقن الشيخ سيد الساداتي إلى الدار الباقية، إلى الدرجات العلى في الفردوس الأعلى إن شاء الله تعالى.

لقد كان صديقاً وفياً وحبيباً ودوداً قضينا معه سنوات في مدينة الرياض مديدة جمعتنا به حلقات العلم والمعرفة وكان هو السبب في: 

1- إحياء حلقة علم الفرائض منذ 1406هـ، حيث جاء ومعه مجموعة من الراغبين في هذا العلم طبيب، ومحاسب، ومدرس. وألحّوا علي في ذلك فخصَّصت لهم يوماً في الأسبوع، واستمرت هذه الحلقة الى عام 1418هـ. إلى أن انتقلت إلى جامعة الشارقة، فتوقفت الحلقة في الرياض، وانتقلت إلى الشارقة، وكان الشيخ سيد يحضر الدورات جميعها، حيث كنا نبدأ الدورة في بداية العام الدراسي، وننتهي في آخر العام قبيل الإجازة الصيفية، حيث كنا نجري امتحاناً تحريرياً للذين حضروا الدورة وأعطي إجازة في علم الفرائض لمن حصل على 80% من العلامة، وفي ختام كل دورة بعد توزيع الإجازات كان الشيخ سيد يقيم وليمة في بيته وكان منزله في حي الشفاء، على الطريقة الشنقيطية، وكان يختم الوليمة -طعام الغداء- بالشاي الأخضر- فكنت أقول له: يا شيخ سيد هذا الشاي عقوبة أم تكريم، فكان يقول هذا من متمِّمات الوليمة. 

2- كنت أقيم حلقة في التفسير (تفسير البيضاوي) في منزلي، وكان لا يغيب عنها إلا لضرورة قصوى لسفر أو ما شابه. ومن طُرَفه رحمه الله في وسط الحلقة أحياناً يقاطعني ويقول: يا شيخ أخذنا النعاس، أين المنشطات ... 

3- لقد كان متواضعاً أشد التواضع، على الرغم من شهرته كمقرئ يتهافت عليه الطلاب من مختلف الجنسيات والاختصاصات لإسماعه القراءة والحصول على إجازة منه في إحدى القراءات العشر أو أكثر، إلا أنه كان يرى فضل هؤلاء الطلاب عليه لأنهم السبب في كسبه أجر تعليم القرآن الكريم.

4- كان سخياً كريماً، ما رأيت مثله في السير في مصالح طلبة العلم ومساعدتهم في أمور الحياة المعيشية، وتيسير سبل طلب العلم.

5- وكان رحمه الله واسع الأفق، ما عرضت عليه مجالاً من مجالات الخير ومساعدة الآخرين إلا وكان من أوائل المستجيبين والمسارعين إلى الخيرات. 

6- كانت له مكتبة عامرة في منزله-بعد الانتقال الى شارع خالد بن الوليد. فقال مرة دفعت عشرة آلاف ريال لفهرسة المكتبة وترتيبها، وقال لم أستطع الإفادة منها لأنهم رتبوها على نظام لا أفهمه – ولكن طلبة العلم الذين كانوا يترددون عليه استفادوا منها كثيرا. 

رحمك الله يا أبا أحمد لقد كنت أمَّة وحدك في حفظك للقرآن وتعليمه، وفي صدقك ووفائك لأصدقائك وفي كرمك وتواضعك. 

أسأل الله تعالى أن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يلهم أهلك وأولادك وطلابك وأصدقاءك الصبر والسلوان والحمدلله رب العالمين.

من صفحة الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم 

وكتب الأستاذ محمد خير رمضان يوسف في صفحته : 

توفي الأستاذ الكبير (سيد محمد ساداتي الشنقيطي) في الرياض أمس (28 محرم 1440 هـ، 8 أكتوبر 2018 م). وهو من رواد منظّري الإعلام الإسلامي ومدرسيه المتمكنين. لعله أول من حصل على الدكتوراه في هذا الفن من جامعة الإمام بالرياض، يوم أن كان (المعهد العالي للدعوة الإسلامية) قبل أن يحلّ محله (كلية الدعوة والإعلام). وكان فكره (صافيًا) في هذا المجال، يأخذ المفهوم الإسلامي للإعلام من القرآن الكريم والسنة النبوية، وليس كما يفعل الإعلاميون من خلطه بالنظريات الغربية، وقد درّسني في مرحلة الماجستير مادة (الرأي العام الإسلامي) أيضًا، وذكر أثناءها أنه لا يعرف أحدًا ألف فيه. 

وكان حافظًا للقرآن الكريم، متواضعًا جدًا.

وقد رافقنا وأشرف على مجموعة من الطلبة في عمرة نحو عام 1402 هـ، قبل حصوله على الدكتوراه، وكان أول ما بدأ به الاجتماع بالعلامة محمد قطب رحمه الله، في أحد مساجد مكة المكرمة. 

عليه من الله الرحمة والرضوان. 

وكان قد حصّل الجنسية السعودية منذ ذلك الحين أو قبله.