في وداع الأستاذ الدكتور إسحاق الفرحان رحمه الله

لما توفي قيس بن عاصم المنقري رثاه الشعراء فكان مما قالوه بيت يسطر بماء الذهب وهو:

وما كان قيس هلكه هلك واحد ..............ولكنه بنيان قوم تهدما

وموت الأستاذ إسحاق لم يكن كموت شخص واحد بل كان بنيانا للاخوان المسلمين في الاردن فتهدم، وكان بنيانا للحركة الاسلامية العالمية فتهدم، وكان بنيانا للاردن فتهدم، وكان بنيانا للمسلمين عامة فتهدم فرحمة الله عليه رحمة واسعة وأعظم الله فيه أجر المسلمين.

أول ما تعرفت اليه كان بعد ان تخرجت في الدكتوراه ولم أجد عملا فذهبت الى مولانا الاستاذ الدكتور فضل عباس رحمه الله فقال: هات السيارة وتعال فذهبت بمعية شيخنا الى جامعة الزرقاء ودخلنا واستاذنا فدخلنا اليه فكان استقباله لمولانا الشيخ فضل رحمه الله في غاية الحفاوة.

حدثه مولانا رحمه الله عني وقال له: ان هذا الطالب هو اخص تلاميذي ولم يمر عليّ مثله منذ عشرين سنة فقال له: على الراس والعين ولكن دعنا نجربه وهكذا كان جربوني ونجحت في الاختبار بفضل الله تعالى وببركات مولانا الشيخ فضل رحمه الله.

اشتغلت في جامعة الزرقاء قرابة عشر سنين وبفضل الله لم تسجل علي مخالفة واحدة من أيّ نوع كانت. وانا اشهد ان جامعة الزرقاء في زمانه كانت من اقوم الجامعات في كل الاردن بل كانت مرشحة لتكون أقوم جامعات الشرق الاوسط ولكن عدَت عليها العوادي فصيرتها الى ما هي عليه الان

كان الاستاذ الفرحان في رئاسة الجامعة واشهد بالله أني لم اشهد رئيسا لجامعة بإخلاصه وتفانيه وانضباطه في العمل.

كان عندنا في جامعة الزرقاء نادي للعاملين ليس في كل جامعات الأردن خيرا منه كان يحظى برعاية مباشرة من الرئيس وكانت للنادي ثمرته الفاعله في الجامعة وكان نشيطا جدا وكانت له لمساته على كل العاملين في الجامعة من صغيرهم الى كبيرهم.

كنت أشتغل في الجامعة وعلى الرغم من بُعد الطريق ومشقته الا اني كنت مسرورا بالعمل في هذه الجامعة واشهد ان كثيرا من العاملين الذين كنت اتصل بهم بحكم رئاستي لنادي العاملين كانوا اذا انقلبوا الى بيوتهم بعد انتهاء الدوام يقولون: متى تطلع علينا الشمس لنعود للدوام.

ذهبت استاذا زائرا لجامعة جوهانزبيرغ اكبر جامعات جنوب افريقيا واعرقها وكتبت عن رحلتي تلك التي استغرقت ثمانية عشر يوما وبعد ان طبعت ما كتبت ارسلته لرئيس الجامعة وبعد اسبوع ارسل الي يريدني فذهبت وقال لي : انا اعجبني ما كتبت فقراته مرتين وهذا كتاب مني الى كل العمداء والاداريين في الجامعة بان يقرأوه وفعلا مر كل ما كتبت على كل الاداريين وعمداء الكليات فكانت لفتة منه لن انساها.

لقد كان رئيسا للجامعة للعاملين فيها ابا واخا واستاذا رحمه الله ولقد كانت له اياد بيضاء على التعليم لم يستطع احد بعده ان يحذو حذوه 

وكانت جمعية الدراسات والبحوث الاسلامية التي راسها من أهم الجمعيات التي عملت على اعداد المناهج التربوية في المدارس لجيلنا وانا اقول اليوم لوكنت وزيرا لاعدت تلك المناهج الى المدارس من جديد لانها خرجت للاردن والعالم الاسلامي رجالا واي رجال وبعد ان ازيحت تلك المناهج عن التعليم انحدر التعليم في الاردن انحدارا ما اظنه شهد مثيلا له من قبل

ومن ثمرات هذا الانحدار اننا بتنا نخرج طلبة دكتوراه لا يحسنون الاملاء ولا يعرفون شيئا من العربية ونحوها فوا أسفا وا أسفا

وبعد تركه للجامعة وقد عدت عليها العوادي كما اسلفت تم انهاء عقدي من الجامعة وانا لا ادري الى اليوم ما السبب الذي من اجله حصل هذا وكل الذي اعرفه ان رئيس الجامعة الجديد الذي وقع على كتاب انهاء عقدي لقيه رجل فاضل جدا وتجاذب معه اطراف الحديث فاخبره بندمه الشديد على توقيعه لكتاب انهاء عقدي بدون سبب وعلى كل حال رحمه الله ان كان ميتا وغفر له ان كان حيا

رحمك الله يا شيخ إسحاق وأجزل لك المثوبة فقد كان موتك خسارة واي خسارة!!!!