الموسيقى بلا غناء

نص الاستشارة :

ما حكم الدين في سماع الموسيقى بدون غناء؟

الاجابة

الموسيقى الخالصة بدون غِناء لها عِدَّة آلات، تحدَّث ابن حجر الهيتمي في كتابه: (كفُّ الرَّعَاع عن محرَّمات اللهو والسَّمَاع) عما كان معروفاً منها مثل الدفِّ، والكوبة، والطبل، والصاجات، والتصفيق باليدين، والضرب بالعصا على الوسائد وبالأقلام على الأطباق، والشَّبابة والمزمار، والأوتار والمعازف، ونقل أقوالاً كثيرة يَفتقر غالبها إلى الدليل، حتى إنَّ الدف الذي أمرَ الرسول صلى الله عليه وسلم بضربه في الزواج لحديث الترمذي الصحيح: (فصل ما بين الحلال والحرام بضرب الدف) نقل فيه خلافاً للعلماء وليس في الآلات المذكورة نَصٌّ يَسْلَمُ من النَّقد الذي يَمنعُ التحريم، إلا المعازف التي وردَ فيها حديث البخاري تعليقاً أعطاه بعضهم صفة المرفوع، وهو: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ) والمراد بالحر: الزنا.

 

وتحدَّث الإمام الغزالي عن أصوات هذه الآلات فقال: ما وَرَدَ النصُّ بتحريمه ليس بسبب اللذَّة وإلا حَرُمَ كلُّ شيءٍ مُستلذٍّ، وإنَّما التحريمُ لاستعمالها في مجالس الفِسْقِ والفجور، والمياسر والمعازف كانت تُلازم مجالسَ الخمر، والضرب بها وسماعها يُذَكِّر بالخمر ويدعو إليها فلذلك كانت الحُرْمة، والدف يخرجُ صَوتاً كالمعازف لكنه كان حلالاً لاستعماله غالباً في مُناسبات الخير؛ كالزواج والحجِّ واستقبال الغائب، والفرح بالمولود، وما إلى ذلك.

 

وانتهى إلى القول: بأنَّ الأصوات الطبيعيَّة أو الصناعيَّة لا تحرم لذاتها، بل لعارض يعرض لها.

 

وعليه نقول: إنَّ الموسيقى الخالصة ليس هناك دليلٌ يحرِّمُها لذاتها، وإنما تحرم عند استعمالها في مواضعَ محرَّمة كتنظيم حفلات رَقْصٍ، أو تشجيع على سُكْرٍ، أو كانت مُلْهِيةً عن واجب.

 

وذكر ابن القيسراني في كتابه: (السماع): أدلَّة على أنَّ أصلها الإباحة، ولم يَرِدْ نَصٌّ بالتحريم، وما ورد مردود عليه بما يُضْعِفُ دَلالته على التحريم، ويمكن الرجوع إلى ذلك في الجزء الثاني من كتاب: (بيان للناس من الأزهر الشريف)، وكتاب الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، المجلد العاشر ص 3459.

 

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

بقلم الشيخ: عطية صقر – رحمه الله - 

المصدر مجلة منبر الإسلام السنة السابعة والأربعون، ذو القعدة 1409 - العدد 11


التعليقات