عرض الجنة

نص الاستشارة :

أرجو تفسير الآية الكريمة: [وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ] {آل عمران:133}.

الاجابة

 

قال الله تعالى: [وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ] {آل عمران:133} قال بعضُ المفسِّرين المراد بالعَرْض السعة، أي: أنَّ الجنةَ واسعةٌ كسعةِ السماوات والأرض.

وقال بعضُهم: المراد بالعَرْض ما قابلَ الطُّول، وعليه فهي واسعةٌ جداً لأنَّ عرضها إذا كان كعرض السماوات والأرض – كما جاء النص على ذلك في آية أخرى في سورة الحديد – فإنَّ طولها أكبرُ من ذلك؛ لأنَّ العرض أقل من الطول، والأمر ينتهي أيضاً إلى أنَّ الجنة واسعة جداً، وهذا التفسير الثاني هو تفسير الجمهور.

وقد يثار هنا سؤال يقول: إذا كانت الجنة في سعة السماوات و الأرض فأين النار من الكون؟. 

وقد أجاب عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد في مسنده، فقال: (سبحان الله، فأين الليلُ إذا جاءَ النَّهار) [قال الهيثمي في المجمع: رواه عبد الله بن أحمد، وأبو يعلى، ورجال أبي يعلى ثقات، ورجال عبد الله بن أحمد كذلك].

وكذلك أجاب بمثله سيدنا عمر رضي الله عنه لما سأله اليهود. 

والمراد أنَّ مكانَ النار لا يعلمه إلا الله تعالى، كما لا يعلم الليل إذا جاء النهار إلا هو سبحانه. قال ابن كثير: وهذه الإجابة تحتمل معنيين:

أحدهما: أن يكون المعنى في ذلك أنَّه لا يلزم عن عدم مُشاهدتنا الليل إذا جاء النهار ألا يكون في مكان، وإن كنا لا نعلمه، وكذلك النار تكون حيثُ يشاءُ الله عزَّ وجل.

والثاني: أن يكون المعنى: أنَّ النهار إذا تغشَّى وجهَ العالم من هذا الجانب فإنَّ الليل يكون من الجانب الآخر، فكذلك الجنة في أعلى عليين فوق السماوات تحت العرش، والنار في أسفلِ سافلين، فلا تَنافي بين كونها كعرض السماوات والأرض وبين وجود النار، والمعنى الأول يفيد عدم علمنا بمكان النار، والثاني يفيد علمنا به. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

راجع الفتاوى الإسلامية المجلد العاشر ص 3702، ومجلة الأزهر المجلد 6ص 472و577و627.

المصدر مجلة منبر الإسلام السنة السابعة والأربعون، ذو القعدة 1409 - العدد 11


التعليقات