اقترفت ذنوبا فكيف أكفر عن سيئاتي؟

نص الاستشارة :

أنا سبق لي أن عملت ذنوبا لهذا قررت ان اتفرغ لعبادة الله والنوافل والذكر حتى يغفر الله لي جميع ما سلف ولئلا يعذبني الله والعياذ بالله وبدأت منذ فترة انقل مواضيع علمية في منتديات اسلامية حتى انال الفضل الوارد في الحديث الذي فيه ان الله وملائكته وجميع المخلوقات تستغفر لمعلمي الناس الخير وانقل تلك المواضيع الى المنتديات وانا اذكر الله في نفس الوقت ولكن الاشكال عندي هو أني أفقد الخشوع واستحضار القلب وأضطر لأخفف الركعات النوافل حتى أنقل المواضيع حينئذ فأنقلها وأنا غير مستحضر لقلبي فيما اقرأه من الاذكار وأخفف الركعات لذلك وهذا لا يعجبني أنا أريد استحضار القلب في الاذكار.

 بناءا على ما ذكرت لكم هل استمر في نقل المواضيع العلمية الى المنتديات، وان كنت افقد الخشوع وان كان ذلك يشغلني عن إطالة النوافل، مع اني محتاج للخشوع في الذكر لينجيني الله من عذابه لا سيما مع الذنوب المهلكة التي فعلت. أم أتوقف عن المشاركة في المنتديات إطلاقا وأسترجع خشوعي كما اريد ولا أعود إلى المنتديات أبدا؛ لأنها تشغلني عن الخشوع، بل أتفرغ للعبادة لا أفعل غير ذلك.

انصحوني وبينوا لي ماذا أفعل، جزاكم الله خيرا.

الاجابة

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد:

الأصل فيمن عزم على التوبة إلى الله تعالى، أن يقلع عن الذنوب التي كان قد اقترفها ويندم على فعلها، ويعزم على عدم العود إلى المعصية، هذا إن كانت المعصية مما يتعلق بحق من حقوق الله تعالى، أما إن كان الذنب مما يتعلق بحق من حقوق الخلق فلا بد من رد المظالم والحقوق إلى أهلها، ولا تتم توبته ولا تقبل إلا بذلك.

فإن صحت توبته وصدق توجهه إلى الله تعالى فلا شك أنه سيذوق حلاوة الإيمان ولذة الرجوع إلى الله والتوبة إليه.

وعلى المسلم أن يبحث عن الطاعة التي يجد فيها نفسه فهي في حقه أولى، وكذلك الطاعة التي يتعدى نفعها إلى الآخرين فهي أثوب وأنفع وأفضل عند الله تعالى، على أن لا يطغى ذلك على فرائض الوقت وسننه. فلكل وقت أعمال وواجبات هي أولى من غيرها فيه.

فكما أن الأفضلية تختلف باختلاف الأوقات والأشخاص، كذلك تختلف بحسب الحاجة إلى العمل، فقد يكون الجهاد مثلا أفضل في وقت، وتكون الصدقة أفضل في أوقات أخرى، وهكذا بحسب احتياج المسلمين للعمل.

أما ما يفعله الأخ السائل من نقل مواضيع دعوية إسلامية من المنتديات ونشرها بغية الحصول على المثوبة، فعمل طيب إن كان من أهل الاختصاص والقدرة على التمييز بين الصحيح وغيرها.

أما إن كانت ثقافته متواضعة ولا يستطيع تمييز الصحيح من غيره، والمناسب من غيره فلا أنصحه بفعل ذلك، فكم من مقولة أدت نقيض دورها، لأن لكل مقام مقال، وليس كل ما ينشر يناسب جميع فئات المجتمع.

فإن كان السائل يبحث عن الأجر والمثوبة فعليه أن يبحث عنه في الأعمال التي يجيدها، من صلاة وصيام وصدقة، وغض للبصر، وكثرة استغفار، وقيام لليل، وكثرة تنفل، عندها سيذوق اللذة التي يبحث عنها ولم يجدها في صلاتها.

هذا، وأسأل الله للسائل أن يرزقه صدق الإيمان به، وحسن الإنابة إليه، وتمام التوكل عليه. والحمد لله رب العالمين.

لجنة الفتوى – رابطة العلماء السوريين

23 – 8 – 1436هـ


التعليقات