لجم القرآن الكريم من يُنكر نعيم القبر وعذابه

نص الاستشارة :

لجم القرآن الكريم من يُنكر نعيم القبر وعذابه

الاجابة

تردد فى الآونة الأخيرة ، أصوات نشاذ تُشكك فى عقيدة الأمة ، وتبعث على البلبلة فى أذهان العامة والبسطاء من الناس ، ولا يليق بحملة العلم الشرعي ، أن يتركوا هذه السوائم تتقايأ سما زعافا ، أو رجيعا نتنا ، دون أن تجهر بكلمة الحق ، وتأتي على هذه الشبه بما يُطهر أفئدة وأسماع العامة فضلا عن المثقفين ، من هذا العفن وذلك النتن، " بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ " الأنبياء: (18)

وانطلاقا من قول الحق - جل مذكورا وعز مرادا –" وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ " آل عمران :187.  

" فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ () بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " النحل : 43 -  (44)

"إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ () إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" البقرة: 159 (160)

ومن العجب العجاب فى هذا الزمان ، أنك تجد الناس يحترمون التخصص فى غير أمور الدين ، فلا تجد من يجد ألما بعينيه يذهب إلى طبيب مسالك بولية أو  العكس ، ومن هذا العجب أيضا : أن تجد بعض الأنظمة والمجتمعات المتحضرة  تأخذ على يد من يمتهن مهنة الطب دون تأهل علمي ، ودون أن يجلس إلى المعلمين الأكفياء ، ودون أن يمارس ذلك حينا من الزمن بإشراف ورعاية وتعهد من المتقدمين علميا والسابقين مهنيا ، لخطورة القيام بهذا العمل دون هذه الاعتبارات السابقة على أبدان الناس وأرواحهم ، بينما لو اعتدى أحدهم على عقيدة الأمة ، ودينها وثوابتها ما وجد نكيرا ، بل قد يجد نصيرا  وظهيرا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله , ونحن هنا على عجالة نرد هذه الافتراءات على دين الله غيرة وحمية لدين الله ، وشريعته ، ودحضا لهذه الشبه حتى تتأخر وأهلها افتضاحا ، وينجلي الحق ويظهر أهله والعاملون له وبه يعدلون ، وجدير بالذكر أن هذه شنشنة قديمة فقد كان بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ  أيام الْمَأْمُونِ يُنْكِرُ عَذَابَ الْقَبْرِ ، وشَفَاعَةَ النَبِيِّ ورُؤْيَة الله تعالى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ - صَلَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يُقَالُ لَهُ: عُبَيْدٌ الشُّونِيزِيُّ. فَلَامَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَا تَسْمَعُونَ كَيْفَ دَعَوْتُ لَهُ فِي صَلَاتِي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ هَذَا كَانَ يُنْكِرُ عَذَابَ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ فَأَذِقْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَكَانَ يُنْكِرُ شَفَاعَةَ نَبِيِّكَ فَلَا تَجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَكَانَ يُنْكِرُ رُؤْيَتَكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَاحْجُبْ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنْهُ. فَقَالُوا لَهُ: أَصَبْتَ. وَهَذَا الَّذِي نَطَقَ بِهِ بَعْضُ السَّلَفِ حَيْثُ قَالُوا: مَنْ كَذَّبَ بِكَرَامَةٍ لَمْ يَنَلْهَا. والآن حان أوان تقرير أن من عقيدة أهل السنة والجماعة: الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، وأنّه إما حفرة من حفر النار، أو روضة من رياض الجنة.

وقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تدلّ على إثبات نعيم القبر للمؤمنين، وعذابه للعاصين والكافرين، أعاذنا الله من عذابه، وجعل قبورنا وقبور إخواننا المسلمين روضة من رياض الجنة، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. إلى هؤلاء الذين يهرفون بما لا يعرفون هذا حديث القرآن الكريم عن نعيم القبر وعذابه.

أما أدلة الكتاب: فمنها: فى النعيم – نسأل الله تعالى -

1 -قوله تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} . [النحل، 32]

2-وقوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} . [إبراهيم، 27]

3-وقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} . [الفجر، 27-29]

 4-وقوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} . [البقرة، 154]

ومن أدلة الكتاب العزيز : فى العذاب – نستجير بالله تعالى:

1-قوله تعالى :" وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" التوبة :(101)

2-وقوله تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)

2 – وقوله تعالى عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوَّاً وَعَشِيَاً وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَاب}غافر، الآية 46.

3-وقوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} . [السجدة، 21]

4-وقوله تعالى عن قوم نوح: {مِمَّا[خَطَايَاهُمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارَاً}نوح:25

هذا وبالله التوفيق ، وللحديث صلة بحول الله وقوته ، ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل

 


التعليقات