حول الدعاء المشهور: يا خفيَّ الألطاف

نص الاستشارة :

حول الدعاء المشهور: (اللهمَّ يا خفيَّ الألطاف نَجِّنا مما نخاف) اعتُرض عليه بعضهم بأننا لا نخاف إلا الله فكيف نطلب النجاة منه؟

الاجابة

معنى هذا الدعاء الطلب من الله ذي اللطف الخفي أن ينجينا من كل ما نخافه فإنا نخاف الله، نخاف غضبه ومكره وعذابه، ونخاف سوءَ المصير، ونخاف القوم الظالمين، ونخاف من شرِّ ما خلق الله، ونخاف من شرِّ الوسواس الخناس، ونخاف من الشرور عامة، ونطلب من الله تعالى أن ينجينا منها، ونستعيذ به تعالى من كل ذلك.

نعم ينبغي أن لا نخاف على الحقيقة إلا من الله تعالى، ومع ذلك فإننا نلتجئ إليه لينجينا من الشرور.

ونحن نعلم أنَّ الأنبياء أشدُّ الناس خشيةً لله، وأفهم الناس لأوامر الله، ومع ذلك خافوا أموراً كثيرة، وطلبوا النجاة من أمور كثيرة، ولم يروا ذلك منافياً لما أمرهم الله به، وممَّا ورد في القرآن الكريم من طلب النجاة:

قول نوح: [فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ] {الشعراء:118}.

وقول لوط: [رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ] {الشعراء:169}.

وقول موسى: [قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ] {القصص:21}.

ومما ورد من الخوف:

قول نوح لقومه: [إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ] {الأعراف:59}.

وقول إبراهيم: [يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ] {مريم:45}.

وقول يعقوب: [وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ] {يوسف:13}.

وقول زكريا: [وَإِنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي] {مريم:5}.

وقول موسى:[وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ] {الشعراء:14}.

وقول هارون: [إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ] {طه:94}.

وقول الله لنبيِّه: [وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ] {الأنفال:58}.

وفي مشروعيَّة صلاة الخوف قال للنبي وأصحابه:[فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا] {البقرة:239}. وقال لهم: [تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ] {الأنفال:26}.

أما قول المعترض: إنا لا نخاف إلا الله فكيف نطلب النجاة منه ؟

فنقول: نعم إنا نخاف الله ونطلب النجاة من غضبه، ويصحُّ لنا أن نقول: نعوذ بك منك أي: نعوذ بك من سخطك وغضبك ومكرك وعقابك.

 وفي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: (اللهمَّ إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت  كما أثنيت على نفسك).

مجلة التربية الإسلامية بغداد ـ العدد 7 من السنة 22: (1400-1979)


التعليقات