حكم النكث بعهد الأمان

نص الاستشارة :

بعد حصار المجاهدين لعنصر من عناصر النظام في مكان يتيقنون أنه لن يخرج منه حياً، عرض عليه بعضهم أن يسلم نفسه ووعده أنهم لن يمسوه بأذى أبداً، ثم بعد أن سلم نفسه لهم وجدوا في هاتفه من مقاطع الفيديو ما يظهره وهو يرمي بقاذف(ب 10) بشكل جنوني وهو يتعمد قتل أكبر عدد من المجاهدين الذين استشهد بعضهم فعلاً في ذلك المكان، فما حكم هذا العهد من بعضهم؟ وهل يحق لقائدهم أو غيره أن يقتله؟

الاجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه، وبعد:

إن ما أعطي للجندي المحاصر هو أمان، يحقن بموجبه دمه، ويحرم على جميع المسلمين النيل منه، أو التعرض له بسوء، ويجب الوفاء بأمانه، لقوله تعالى: ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) [الإسراء:34]، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ ولا عَدْلٌ» رواه البخاري ومسلم.

وليس من شأن المسلم الإخلال بالعهد ولا الغدر بعد الوعد، بل هذا شأن المنافق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» متفق عليه.

إلا أنه كان ينبغي عدم التعجل بإعطاء الأمان إلا لضرورة يقدرها أهل الجهاد، فإن اضطروا لمثل ذلك فليكن الأمان المعطى مشروطاً بأن لا يثبت عليه قتل أو جريمة بحق المدنين أو غير ذلك.

فإن ترتب على الأمان ضرر كبير فإن الأمان يكون باطلا غير لازم.

ولكن لا يجوز استئناف قتال من أعطي له هذا الأمان الباطل إلا بعد إعلامهم بذلك؛ لوجود شبهة الأمان، ونفياً للغدر والخيانة، كما قال تعالى:(وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين)[الأنفال:58]، أي: أعلمهم بنقض أمانهم حتى تصير أنت وهم سواء في العلم بنقضه. والله أعلم.


التعليقات