حكم أخذ مواد لا يجرؤ اصحابها على بيعها خشية من النظام وتعويض صاحبها بمثل ثمنها‎

نص الاستشارة :

هناك مواد يحتاجها الثوار ولا يجرؤ أصحابها على بيعها لهم خشية من النظام فهل يجوز أخذها وتعويض صاحبها بمثل ثمنها المعروف في السوق؟

الاجابة

أفتت الهيئة الشرعية:

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين المجاهدين في سبيل الله وإعلاء كلمة الدين …

أما بعد:

اتفق الفقهاء أنه من كان عنده شيء من الأمور الضرورية لنفسه أو لعياله واضطر إليه أحد غيره كان عليه بذله له إن لم يكن محتاجاً إليه حالاً؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر .

ويأثم بإمساكه عنه مع استغنائه، وإن كانوا قد اختلفوا هل يبذله له بالقيمة أو بدونها؟ ودليل وجوب البذل لصاحب الحاجة:

من السنة ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له “

وإذا اضطر إنسان ولم يجد إلا طعاماً لغيره نظر :

 فإن كان صاحبه مضطراً إليه فهو أحق به ، ولم يجز لأحد أخذه منه ، لأنه ساواه في الضرورة وانفرد بالملك ، فأشبه غير حال الضرورة ، وإن أخذه منه فمات لزمه ضمانه ، لأنه قتله بغير حق .

وإن لم يكن صاحبه مضطراً إليه لزم صاحبه بذله للمضطر ، لأنه يتعلق به إحياء نفس آدمي معصوم فلزمه بذلك ، كما يلزمه بذل منافعه وإنجاؤه من الغرق والحريق ، لأن الامتناع عن بذله إعانة على قتل المضطر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله “.

فمن ها هنا يستدل على جواز أخذ ما يحتاجه الثوار من بضائع وحاجيات وخاصة مما تحتاجه الثورة إليه لأن الفائدة التي تجنيها الثورة أعم من الفائدة العائدة على هذا التاجر ودائماً المنفعة العامة مقدمة على المنفعة الخاصة.

ولكن لابد لنا من النظر في فقه الواقع ووضع الضوابط التي تجعل مال الناس معصوماً محترماً ونكبر في ذهن الثوار الكرام الخشية من انتهاك حرمة أموال الناس فالفتوى في هذا منضبطة بما يلي:

1ـ الحاجة الماسة للمادة المرادة وعدم وجود البديل.

2ـ محاولة التراضي مع صاحب المادة على أخذها.

3ـ محاولة إيجاد الموارد المالية لتأمين المواد الهامة من غير حاجة إلى غصبها.

4ـ إن اضطر الثوار لأخذ شيء من غير رضى صاحب المال فيجب عليهم محاولة التعويض عند إمكان ذلك صوناً لسمعة الثورة.

فإن اضطروا لمادة وكانت مفقودة غير موجودة إلا عند واحد ورفض البيع أو لا يستطيع الثوار شرائها لارتفاع ثمنها أو غير ذلك ولا يعلمون من أنفسهم القدرة على التعويض وكانت هامة لدرجة الضرورة ( وهي مقدرة بقدرها ) : فلهم الأخذ إن شاء الله ولا إثم عليهم مع مراعاة الضوابط.

والله أعلم .


التعليقات