كيف تقع المعاصي في رمضان مع تصفيد الشياطين فيه ؟‎

نص الاستشارة :

في رمضان تصفد الشياطين ومع ذلك ترتكب الكثير من المعاصي هل يعني أن الإنسان هو أيضا مصدر شر من غير وسوسة الشيطان؟

الاجابة


فإن وقوع المعصية من بني آدم قد يرجع لأسباب عديدة، منها: الشيطان والهوى والنفس الأمّارة بالسوء، فعلى القول بتصفيد عموم الشياطين في رمضان، فإنَّ المعصية قد تقع بسبب تسويل النفس لصاحبها.

قال السندي في حاشيته على سنن النسائي عند قوله صلى الله عليه وسلم: "وصفدت الشياطين ": ولا ينافيه وقوع المعاصي، إذ يكفي وجود المعاصي شرارة النفس وخبائثها، ولا يلزم أن تكون كل معصية بواسطة شيطان، وإلا لكان لكل شيطان شيطان ويتسلسل، وأيضاً معلوم أنه ما سبق إبليس شيطان آخر، فمعصيته ما كانت إلا من قبل نفسه، والله تعالى أعلم. انتهى.
وهناك توجيهات أخرى للحديث ذكرها الباجي في شرح الموطأ، حيث يقول: قوله:" وصفدت الشياطين" يحتمل أن يريد به أنها تصفد حقيقة، فتمتنع من بعض الأفعال التي لا تطيقها إلا مع الانطلاق، وليس في ذلك دليل على امتناع تصرفها جملة، لأن المصفّد هو المغلول العنق إلى اليد يتصرف بالكلام والرأي وكثير من السعي، ويحتمل أن هذا الشهر لبركته وثواب الأعمال فيه وغفران الذنوب تكون الشياطين فيه كالمصفدة، لأن سعيها لا يؤثر، وإغواءها لا يضر... ويحتمل أن يريد صنفاً من الشياطين يمنعون التصرف جملة، والله أعلم وأحكم. انتهى.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الذين يصفدون من الشياطين مردتهم، فعلى هذا فقد تقع المعصية بوسوسة من لم يصفد من الشياطين. وقال الأستاذ عبد الرحمن أبو ذكري :

لو كانت شياطين الإنس تُسلسل هي الأخرى في رمضان، لانتفى التكليف عنهم، وسقط عمن يتبعهم. لكنها إرادة الله. وقد من علينا سبحانه فحجب عنا شياطين الجن في رمضان، وتركنا لنواجه أنفسنا ... شياطين الإنس!
في داخل كل منا شيطان كامن، والسعيد من أدرك رمضان فروَّض شيطانه بمعصية هواه وطاعة ربه. فغمرته سكينة الركون إلى ربه والتحقق بمعرفته والإذعان له.
بلغنا الله وإياكم ما يحب ويرضى.

 


التعليقات