الأخذ بالفتوى الأيسر

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أريد ان اسألكم جزاكم الله خيرا هل يجوز لي اتباع فتوى والانتقال عند الفتوى الأيسر عند الحاجة، مثلا إن كان بي سلس والفقهاء منهم من يقول إنه يجب الوضوء لكل صلاة ومنهم من يقول إنه يجوز له الصلاة بوضوء واحد ما لم يحدث حدثا غير السلس، وأنا أعمل بالفتوى الأولى، لكن هل لي الانتقال إلى الفتوى الثانية عند الحاجة أثناء السفر مثلا.

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الأصل في المسلم أن يلتزم مذهبا يأخذ بأقوال أئمّته ويتقيّد بها، وهذا دليل على أنّه لا يتّبع هواه، إذ لكلّ مذهبٍ أدلّة مقبولة وأخرى غير مقبولة، ولكل مذهب قواعد في الاستنباط، ولكلّ مذهب قواعد في الترجيح عند الاختلاف، ولكلّ مذهب أصول في التعامل مع الآراء، فهذه الأصول والقواعد هي التي تضبط الفهم وتمنع اتّباع الهوى، ومن ترك التقيّد بالقواعد فيغلب أن يكون متّبعًا لهواه، والعياذ بالله تعالى.

أمّا في حالة الحاجة إلى ذلك كوجود حالة طارئة كحالة السفر الذي لا يتكرر كثيرًا في العادة أو حالة المرض الطارئ أو العذر المتعلّق ببعض الأحكام فلا بأس بالخروج إلى معتمد مذهب آخر، وليس الخروج إلى الهوى، أو إلى أسهل الفتاوى.

فإنّ بعض الناس يبحثون في مواقع الانترنت عن أقرب الأقوال إلى نفوسهم وأسهلها في العمل عليهم فيفتون أنفسهم بها، وهذا من تضييع الدين والعياذ بالله، فالتزم قول إمام من الأئمّة الأربعة تسلم إن شاء الله تعالى. وفي مواقع الانترنت ما لا يخفى من الإجابات التي تضيّع الدين، يتبنّاها العلمانيون والحداثيّون والتاريخيّون والليبراليّون من المنتسبين للإسلام، ويروّج لها أعداء الإسلام بحجّة التيسير على المكلّفين، وتحت ذريعة أن الدين يسرٌ، وصدق الله ورسوله، فــ(إنّ الدين يسرٌ) لا ريب، ومن شادّ الدين فإنّ الدين يغلبه، لكنّ معنى هذه العبارة أنّ الدين بأحكامه وشرائعه التي أنزلها الله تعالى على نبيّه هو اليسر، والدين بأصوله وضوابطه هو اليسر، وليس معنى هذا الحديث أنّ ما تهواه أنفسهم فاجعلوه دينا، وعدّوه شريعة!! فهذا مما لا يقول به من يعي معاني النصوص ويدرك مدلولاتها.

وبخصوص ما سألت فيجوز الأخذ بقول الحنفيّة الذين يقولون يكفي أصحاب الأعذار وضوء واحد في الوقت يصلّون به ما شاؤوا من الصلوات ما لم يحدث لهم حدثٌ آخر ناقض للوضوء غير عذرهم، فأمّا عذرهم فلا ينقض الوضوء في الوقت. واجتهد أن تلتزم بأقوال الحنفية في سائر أحكام الطهارة والصلاة في هذه الحالة فهذا أسلم وأبرأ لذمّتك.

والله أعلم.


التعليقات