العمل الإضافي غير الرسمي

نص الاستشارة :

فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لدى صديق يعيش ويحمل جنسية إحدى البلاد فى أوربا. وهو متزوج ولديه أطفال ويعمل في عمل حر (سائق تاكسى) والدولة لا تستطيع أن تثبت كم يتقاضى شهريًا من هذا العمل. والمتعارف عليه في نظام تلك البلد أنه يجب على كل فرد أن يعمل ٤٠ ساعة أسبوعيا كحد أدنى، ولا يلزم أن يعمل أى وقت إضافي فوق الحد الأدنى من هذه الساعات. وبما أن راتبه الشهري (من الحد الأدنى من الساعات) أقل من الحد الأدنى من مستوى المعيشة (النفقات)، فالدولة ملزمة أن تكمل له المبلغ الذى ينبغي ان يتقاضاه كل شهر. فعلى سبيل المثال، إذا كان الحد الأدنى من المعيشة ١٠٠٠ دولار ودخل الفرد ٧٠٠ دولار فقط، فالدولة تكمل له وتعطيه ٣٠٠ دولار شهريا ليتساوى دخله الشهري مع الحد الأدنى من مستوى المعيشة. والآن فضيلة الشيخ صديقى يعمل وقت إضافي فوق الحد الأدنى من الساعات المطلوبة، ولأنه غير ملزم أن يعمل وقتاً إضافياً هو لا يصرح للدولة عن الدخل الذى يتقاضاه من هذا العمل الإضافي، علمًا أنه يجب أن يصرح للدولة عن كل دخله، هو يدعى أن هذا الدخل الذى يجنيه من هذا العمل الإضافي ليس للدولة حقٌّ فيه لأنه من وقته وجهده الخاص. وهو يدعى أيضًا أن ليس من العدل أن يعمل ويبذل وقتًا وجهدًا إضافيا ويتساوى مع الاخرين الذين لا يعملون إلا الحد الأدنى من الساعات. السؤال: ما هو حكم الاموال التي يجنيها صديقنا من هذا العمل الإضافي؟ وإن كانت هذه الأموال باطلة، فكيف يعيدها للدولة وقد اختلط هذا المال الباطل بماله وجزاكم الله خيرا.

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شرع الإسلام العمل طريقا للكسب، ورغّب الناس في العمل، فقال تعالى: (فاستجاب لهم ربّهم أنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى)، وحثّ عليه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: (لأَن يأخذ أحدكم أُحبُلَهُ ثم يأتي الجبل، فيأتي بِحُزْمَة من حطب على ظهره فيبيعها، فَيَكُفَّ الله بها وجهه، خيرٌ له من أن يسأل الناس، أعْطَوه أو مَنَعُوه). فالعمل في نظر الشريعة شرفٌ للعامل، وباب لمرضاة الله تعالى، وطريق لكسب المال الذي به تتأدّى الواجبات الدينية من النفقة على النفس والزوجة والأولاد، ومن الزكاة والصدقات، وهو كذلك إعمارٌ للأرض التي أمر الله بإعمارها.
وأمّا العمل على خلاف القوانين الغربيّة (العمل بالأسود) في بلاد الغرب فإنّه لا يجوز لغلبة المفسدة فيه، ولكونه يعارض الوفاء بالعهد.
فالمسألة تندرج في قاعدة تحقيق المصلحة ودفع المفسدة، ودفع المفسدة أولى بلا خلاف، وحرمان المسلم من فضول الأعمال والأموال خير من الوقوع في الإساءة لصورة المسلمين، وهو ما يغلب عند اكتشاف ذلك من قبل الدولة، والتشهير بالمسلم في الصحف والجرائد كما يخبر بذلك من يعيش في تلك الدول.
وحكم المسألة يبنى على أنّ الاستئمان عقدٌ بين المسلم وأهل تلك الديار؛ فلا يجوز لمسلم دخل تلك الديار بعقد الأمان مع أهلها ألا يفِيَ بعهدِه، وحرمةُ نقض العهد مشهورة معروفة في كتاب الله تعالى. صحيح أنّهم ينقضون عهودهم معنا في بلادنا ولكنهم يلتزمون بأكثرها في بلادهم! والمسلم أولى بالالتزام بالعهد والوعد منهم.

فالغالب حين اكتشاف الدولة لهذا العمل ترتّب الأذى على نفس العامل، أو تعميم الإساءة على المسلمين والإسلام كلّه بأنّ أتباعه يتحايلون على القوانين.

وعليه: فإمّا أن يعمل ويخبر الدولة أنّه يعمل، وإمّا أن يدع هذا العمل ويكتفي براتب الدولة، ولا يخون الأمانة والعهد، ولا يجلب الضرر للمسلمين.
والله أعلم


التعليقات