تغير العملة الفاحش وأثره في الثمن المؤجّل

نص الاستشارة :

خمسة إخوة رجال في عام ١٩٨٧ رغبوا بشراء قطعة أرض زراعية ٢٩ قيراطا بقيمة ١٤ ألف جنيه. وكان لا بد من شراء الأرض لانهم كانوا يستأجرونها من قبل، وكانت ستضيع عليهم لو لم يشتروها.

وكان أربعة منهم لا يملكون مالا لشرائها وقام الخامس وهو أخوهم الأكبر توفيق بإنقاذهم واشترى الأرض كاملة ودفع قيمتها كاملة بدلا عنهم، وكتب عقد الشراء بكرم أخلاق منه باسمهم الخمسة، ودفع اثنان منهم قيمة أنصبتهم لتوفيق في حينها عقب شراء الأرض وبقي اثنان لم يدفعوا لانهم كانوا فقراء فصبر عليهم أخوهم..

واستغلوا خير الأرض طوال تلك السنوات ولم يعطوا لأخيهم الذي تكلَّف قيمة تلك الأرض إيجارا للأرض ولا شيء من ريعها ولا نتاجها ولا ثمارها حتى الآن.

ورغم تيسر حالهم من سنوات وأنهم أصبحوا من الأغنياء ويمتلكون الكثير من الأراضي. وأصبح توفيق الأخ الأكبر في عوز وعليه ديون كثيرة إلا أنهم لم يسددوا له قيمة الارض. ولما قام بمطالبتهم بسداد قيمة الأرض بقيمتها الحالية حيث إن سعر القيراط الآن بلغ ٥٠ ألف جنيه رفضوا في بداية الأمر، وقالوا: ليس لك عندنا شيء، ثم قالوا إنهم يريدون دفع القيمة بنفس سعر شرائها. فما الحكم في ذلك؟.

الاجابة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد،

فإنّ الله تعالى أوصى أن يكون جزاء الإحسان إحسانًا، فقال: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)؟ وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: (من صَنَع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإنْ لم تَجِدوا ما تكافِئونَه فادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه)

فالأصل ألا يقصّر الإخوة الذين تأخّروا في الدفع عمّا يرونه أحقّ بأداء شكر من تفضّل بالصبر على تأخّرهم وانتفاعهم بهذه الأرض، وأن يكافئوه بكلّ ما يقدرون عليه من المكافأة، ومن ذلك أن يدفعوا له قيمة مقبولة في الأرض

إلا أنّ الفقهاء ينصّون أنّ الأصل في الثمن أن يدفع كما هو، وأنّ التأخير في الأداء لا يجوز أن يزيد بسببه الثمن المستحقّ، ولا يزاد فوقه شيء.

لكنّ ينبغي أن يراعى التغيّر الفاحش في قيم العملات، فهذه العملات ليست أصول الأثمان، بل أصول الأثمان الذهب أو الفضة، فيرى بعض الفقهاء أنّ الأصل هو تقدير ثمن المبيع المتأخّر بحسب قيمة الفضة أو الذهب منه عند البيع، ويرى آخرون أنّ الصلح هو الأفضل في مثل هذه الحالات، وهو ما نراه في هذه الصورة المذكورة، فينبغي أن تتصالحوا على شيء بينكم يراعي قيمة الأرض عند البيع، والتغيّر في قيمة العملة، والانتفاع الذي حصل بالأرض كلّ هذه السنين، وقد يكون من الأفضل أن تجدوا حكمًا منصفًا تعرضون الأمر عليه وترضون بحكمه، يبارك الله لكم إن شاء الله تعالى.

وللمزيد انظروا فتوى المجلس الإسلاميّ المتعلّقة بأداء الديون عند تغيّر قيمة العملة في هذا الرابط:

https://sy-sic.com/?p=5390

وكذلك هذه الفتوى:

https://islamsyria.com/site/show_consult/4627

والله أعلم.

 

 

 


التعليقات