ضابط جواز الإكراه على العلاقة

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله ما هو ضابط جواز الاكراه على الجماع. فقد تناقل الناس حصول حالات كثيرة من الإكراه على العلاقة أدت إلى أضرار نفسية وقد تصل إلى محاولات الانتحار سؤالي هو حول ضابط جواز الاكراه على العلاقة إذا أدت إلى ضرر نفسي أو جسدي.. وهل الضرر النفسي معتبر في الفقه وعند العلماء أيضا كالضرر الجسدي؟ ومتى يعتب الأذى النفسي ضررا؟ وهل العلاقة مع الإماء في زماننا كالعلاقة مع الزوجات؟  دمتم بحفظ الله

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله
الإكراه لا يجوز في دين الله تعالى حتى بين الزوجين، فالمرأة قد تنشز وتمتنع عن زوجها، ولا يجوز للزوج شرعًا أن يكرهها على الجماع، لما في ذلك من الضرر والأذى، ولما فيه من مخالفة مبدأ المسؤولية الفرديّة، فكل نفس بما كسبت رهينة، ولا يؤاخذ الله نفسا إلا بما كسبت، وارتباط الدنيا بالآخرة يمنع الإكراه الدنيويّ، فمن لم يقبل من الزوجين أن يؤدّي ما عليه من الحقوق فيأثم وينال جزاءه عند الله في الآخرة، لكن لا يجوز إكراهه في هذه الدنيا.

وإذا كان الحال كذلك بين الزوجين فبين غيرهما أولى.

وقد اعتبرت الشريعة الأذى النفسيّ اعتبارا كبيرًا، وما حدّ القذف إلا لردّ الأذى النفسيّ عن المقذوف، وجعلته حقًّا من الحقوق المعتبرة في عدد من المسائل، فلا يجوز الأذى النفسيّ، كما لا يجوز الأذى الجسديّ في نظر الشرع، وقد رغّبت الشريعة في إصلاح ذات البين دفعًا للأذى النفسيّ عن المتخاصمين، ودلّت على عظم أجر من جبر خواطر الناس وأحسن إليهم، وجعلت الكلمة الطيّبة صدقة والتبسّم في الوجه عبادةً، وكلّ ذلك مراعاة لنفسيّات الناس، ورغبة في تحسين علاقاتهم ببعضهم.

وعمومًا فإنّ الأمَةَ في حكم الإجبار كالزوجة.

 ولا ريب أنّ الإماء غير موجودين في زماننا، فالسؤال عنه من باب الترف الفقهيّ، ولا داعي له، ومن يزعم وجود الإماء في زماننا فجملتهم حداثيّون متهوّرون أو خوارج متنطّعون، ولا يقبل وصف النساء الأسيرات في زماننا بهذا الوصف، فإنّ طريق الاسترقاق مغلق إلا بالإمام العادل الذي يحكم الأمّة كلّها والذي جاء عن شورى من أهل الحل والعقد فيها، لا بمتغلّب على منطقة فيظنّ نفسه مؤهّلاً لاسترقاق الأحرار، فالحريّة أصليّة في الإنسان، والعبوديّة طارئة عارضة، ولها أسبابها وموجباتها الشرعية التي من أهمّها: وجود الحاكم الشرعيّ للأمّة، والمعاملة بالمثل، فإن انتقى الأمران فلا يجوز الاسترقاق، فهو غير مقصود في الشرع بذاته، بل تحرير الناس هو المقصود.

 والله أعلم


التعليقات