الاستدانة من الحربيين وعدم السداد

نص الاستشارة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد .. نحن نعيش في القدس تحت حكم اليهود، والبنوك جميعها ربوية، والشركات التي توفر القروض وتدعو لها كثيرة جداً، وأعلم أن الربا من أكبر الكبائر، وقد توعَّد الله المرابي ما لم يتوعد غيره، ونعوذ بالله من الربا ومن كل ما يؤدي إليه ولكن في وضعنا هناك عدة اعتبارات تؤخذ بالحسبان، وفي سؤالي اعتبارات أخرى تحتاج لسؤال أهل العلم. لنفرض اني أردت أن آخذ قرضاً "هو ربوي بطبيعة الحال" وهذا ما سأُوقع عليه، ولكن على أن تكون نيتي أن لا أعيد إلا المبلغ نفسه بدون الفائدة الربوية، طبعا هذا سيجر علي بعض المشاكل التي يُسَهِّلُ القانون هنا حلها، أو أن تكون نيتي مثلا عدم السداد من أصله، أو سداد شيء يسير من أصل الدين، على اعتبار انهم احتلال: (ليسوا كتابيين مسالمين) ومضرتهم متاحه بكل الطرق والسبل. أرجو من سماحتكم الانتباه أن القرض أو الدين لا آخذه من شخص معين، بل من بنك تابع للدولة أو الكيان". أشكركم على وقتكم وجهدكم في الإجابة.

الاجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أما بعد فقد ذكر بعض الفقهاء جواز أخذ مال الحربي برضا نفس منه وإن لم يكن الطريق مشروعًا في نظر الشريعة الإسلامية، وذلك حرصًا على إضعافهم عن قتالنا، ورغبة في إفقارهم وزيادة حاجتهم إلينا، ولا ريب أنّ الدولة العبرية الغاصبة دولة محاربة، والقائمون عليها والداعمون لها محاربون لله ورسوله ودينه، وبناء على هذا القول فيجوز أخذ أموال المحتلين الغاصبين بكلّ طريق يأذنون به، بشرط ألا تؤذي مسلمًا، وألا يكون في هذا الفعل أذى أكبر من الفائدة المرجوّة.

والإضرار بالمحتلّ الغاصب مطلوب، لكنّ نيّة نفع الناس هي الأصل، وليس نية المنفعة الشخصية، فيجوز فعل مثل هذا الأمر بشرط أن تعود الأرباح من هذه العملية لنفع عموم المسلمين وخاصة المرابطين في هذه البلاد في وجه الغاصبين.

ولمّا كان يغلب على الظن وقوع إشكالات قانونية على المتعاقد في مثل هذه المعاملة فلا نرى أن يتّخذها المرء سبيلا لكسب المال ولا سبيلا لتحصيل حقوق الفقراء والمحتاجين.

ومن المعلوم أنّ هذه العمليات لن تؤثّر في الحالة المالية للعدوّ الغاصب لا دولة ولا أفرادا فلا يرتجى منها إضعافه ولا هزيمته بسبب مثل هذه الأموال، فلا نجد أن الداعي الذي ذكره الفقهاء للإباحة يتصوّر في مثل هذه الحالة. 

فلا نرى جواز هذا الفعل إلا للمصلحة العامة للأمة، ويقدّرها جماعة معتبرة من المسلمين لا الفرد الواحد.

والله أعلم


التعليقات