13 سؤالا وجوابا عن الصيام

نص الاستشارة :

بعض الناس طبيعة عملهم السفر، كأصحاب الحافلات ونحوها فهل لهم الإفطار أم لا؟

ما حكم من صام في بلد ثم سافر إلى بلد آخر فوجد أن أهله قد صاموا بعد صيام أهل بلده؟

ما حكم صيام المريض؟ ومتى تثبت له الرخصة؟

هل يجوز للمرأة تذوق الطام في حال الصيام؟

هل يجوز للصائم أن يذوق شيئاً يريد شراءه؟

نقل الدم إلى الصائم هل يفسد الصوم؟

هل حقنة الأنسولين أو غيرها تفطر الصائم؟

ما حكم استعمال التحاميل في نهار رمضان إذا كان الصائم مريضاً؟

بلع الريق هل يفطر الصائم؟

ما حكم الإكثار من الوضوء في رمضان؟

هل يجوز للمرأة أن تستعمل حبوب منع الدورة الشهرية أو تأخيرها لأجل الصيام؟

هل يجب قضاء رمضان لمن أفطر بغير عذر؟

ما حكم الصَّلاة إذا كان الإمام يصلي التراويح مثلاً والمؤتم يصلي فريضة أداء أو قضاء؟

الاجابة

بعض الناس طبيعة عملهم السفر، كأصحاب الحافلات ونحوها فهل لهم الإفطار أم لا؟

ج: ليست العبرة بكون الإنسان كثير الأسفار أو لا، ولا بكونه صاحب حافلة أو سائق سيارة أم لا، إنما العبرة بكونه مسافراً، فالعلَّة في الفطر في رمضان هي السفر.

وهذا الإنسان المعتاد على السفر لا يخرج عن وصفه مسافراً، فتبقى له الرخصة على الراجح ما دام أن سفره يزيد عن مسافة 81كم، وهي مقدَّرة عند الجمهور بناء على فعل ابن عباس رضي الله عنهما فقد كان يقصر الصَّلاة في ستة عشر فرسخاً.

ويبقى أن يقال: إن هذا الإنسان إن كان لا يُجهده السفر والصوم فيه، فالصوم أولى، والله أعلم.

فإذا أفطر لتعب ومشقة فله أن يوزع القضاء في أيام السنة في إجازته، أو في الأيام القصيرة من السنة، والله أعلم.

ما حكم من صام في بلد ثم سافر إلى بلد آخر فوجد أن أهله قد صاموا بعد صيام أهل بلده؟

الجواب: هذه من القضايا التي تُشكل على كثير من الناس، وتختلف فيها الاجتهادات. وهي قضية مرتبطة بمسألة أخرى وهي قضية اختلاف المطالع، والمعلوم أن جمهور الفقهاء على عدم اعتبار اختلاف المطالع في الصيام بمعنى أنه إذا ثبتت الرؤية في بلد مسلم فيجب الصيام على جميع المسلمين.

ولكن واقع الحال أن البلاد الإسلامية تختلف في بدء الصيام ونهايته، ولذلك فإني أفتي في هاتين المسألتين وحتى لا يؤدي الأمر إلى فتنة أو إشكال، أُفتي هذا المسافر أن يتابع أهل البلد الذي وصل إليه سواء تقدَّموا على أهل بلده أو تأخروا، ثم ينظر فإن كان صيامه قد نقص لتأخر أهل بلده يقضي يوماً، وإن كان زاد فالزيادة تحسب له نافلة، والله أعلم.

ما حكم صيام المريض؟ ومتى تثبت له الرخصة؟

ج: صيام المريض عزيمة وفطره رخصة إذا وُجد المرض المعتبر عند الفقهاء.

وقد دلت الآية الكريمة على أن المرض عذر معتبر للفطر، حيث قال الله تعالى:[ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] {البقرة:184} .

فدل هذا على أن للمريض أن يفطر ثم يقضي بعد ذلك...

ولكن ما هو المرض المعتبر للفطر؟

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المرض المعتبر للفطر هو المرض الذي يشق معه الصوم مشقة شديدة، أو يخاف الهلاك منه إن صام، أو يخاف بالصوم زيادة المرض، أو تأخر الشفاء، فإن لم يتضرر بالصوم لم يبح له الفطر.

ويعرف ذلك إما بالتجربة، أو بإخبار الطبيب الثقة، أو بغلبة الظن.

وإذا تحمَّل المريض مشقة الصوم وصام صحَّ صومه، لكن لا ينبغي له أن يصوم إذا خشي على نفسه الهلاك.

هل يجوز للمرأة تذوق الطام في حال الصيام؟

ج: ذكر الفقهاء من مكروهات الصيام تذوق الطعام بشرط أن لا يصل إلى الحلق ثم الجوف، فإن وصل فهو مفسد للصيام وعليها القضاء.

وإنما قالوا بالكراهة لأنه يخشى أن يسبق ذلك إلى الجوف فيفسد الصوم ويترتَّب القضاء.

وقيد بعض الفقهاء هذه الكراهة بعدم الحاجة إلى ذوق الطعام فإن وجدت الحاجة فلا كراهة، وبشرط الاحتياط والحذر، فمن صور الحاجة: أن تخاف المرأة سوء خلق زوجها، أو فساد طعامها، وليس في البيت مفطر أو مفطرة لعذر، ومن الصور، أن تحتاج أن تذوق الطعام أو تمضغه لصبيها الصغير، والله أعلم.

هل يجوز للصائم أن يذوق شيئاً يريد شراءه؟

ج: تبعاً لما ذكرنا في السؤال السابق نقول هنا بالكراهة، لأن هذه مقدمة يُخشى أن تؤدي إلى إفساد الصيام، ومع هذا فقد نقل عن بعض الفقهاء الجواز بلا كراهة، ويبدو أنهم قدروا الحاجة إلى معرفة الجيد من الرديء مما يشتري، كي لا يُغبن فيه، ونقل ذلك عن الحسن البصري رحمه الله تعالى، والله أعلم.

نقل الدم إلى الصائم هل يفسد الصوم؟

ج: هذا السؤال نظري وليس واقعياً ، لأنه لا يتصور أن يصل الإنسان إلى مرحلة يحتاج فيها إلى وحدات دم ثم يبقى صائماً ، فهذا يعني أن المرض قد بلغ منه مبلغاً، فهذا يباح له الفطر للعذر، ولكن لو تصورنا أن إنساناً احتاج إلى دم، وكان ناوياً للصيام وأُعطي هذا الدم وبقي ممسكاً فما حكمه؟

الجواب: هذه المسألة في نظري تخرج على مسألة الإبرة أو الحقنة، والراجح عندي: أنه لا فرق بين الإبرة الوريدية أو العضلية طالما كانت الإبرة دوائية، لأن ما يدخل إلى البدن في هذه الحالة لا يدخل من منفذ مفتوح، ولكني وجدت بعض العلماء يفرق بين الإبرة الدوائية والإبرة المغذية(الجلوكوز) على اعتبار أن هذه تقوم مقام الغذاء لهذا المريض، فهذه ينبغي أن تكون مفطرة، والله أعلم ويبقى السؤال هنا: هل وحدة الدم أقرب إلى الدواء أم إلى الغذاء؟

أنا أرى إلحاقها بالإبرة المغذية واعتبارها مفسدة للصيام خصوصاً وأن هذا الإنسان مريض شديد المرض ، وله رخصة في الفطر وهو معذور فليعد مفطراً، والله أعلم.

هل حقنة الأنسولين أو غيرها تفطر الصائم؟

ج: الذي يترجح عندي أن هذه الحقنة وأمثالها من الحقن الدوائية لا تفطر الصائم لأنها لا تدخل من منفذ مفتوح، وليست أكلاً أو شرباً ولا تقوم مقام الغذاء أو الشراب كما هو الحال في الإبر المغذية، فيبقى أن نقول: إن هذه الحقن الدوائية أشبهت ما يضعه الصائم على ظاهر بدنه من مراهم وأدهان فيمتصها الجلد ولم يرد المنع من مثل هذا ، والله أعلم.

ما حكم استعمال التحاميل في نهار رمضان إذا كان الصائم مريضاً؟

ج: لعل أقرب ما تقاس عليه التحميلة هو الحقنة الشرجية، وبناء على قول جمهور الفقهاء في الحقنة الشرجية، ينبغي اعتبار التحميلة مفسدة للصيام لأنها تدخل من منفذ مفتوح خلقة، ولكني أميل إلى قول بعض الفقهاء المعاصرين وعدم اعتبارها مفطرة، لأنها وإن دخلت فإنها لا تصل إلى المعدة، وليست أكلاً أو شرباً، غاية ما هنالك أنها وسيلة لامتصاص الدواء بسرعة فأشبهت الدواء أو الدهن تمتصه مسام الجلد، فلا حرج فيها عند الحاجة، والله أعلم.

بلع الريق هل يفطر الصائم؟

ج: الريق بحد ذاته لا يفسد الصيام ولا أعلم خلافاً في ذلك، لأنه إفراز طبيعي ومستمر في داخل الفم، ولا شك أن تكليف الإنسان بإخراج اللعاب وبصقه فيه حرج كبير وسبب للعطش الشديد ولم نكلف بهذا.

إنما حصل الخلاف في جمع الريق والنخامة في الفم ثم ابتلاعهما فقال بعض الفقهاء بالكراهة دون الفساد، وذهب بعضهم إلى أن بلع النخامة ـ إذا صارت في الفم ـ يفسد الصيام قياساً على القيء.

والراجح في هذه المسألة: عدم الفساد لأن النخامة أقرب إلى الريق منها إلى القيء والقيء ورد به النص ولم يرد بها، ثم إن تكليفه بإلقاء النخامة باستمرار فيه حرج والحرج مرفوع في الشريعة والله أعلم.

ما حكم الإكثار من الوضوء في رمضان؟

ج: لعل المقصود السؤال عن التبرد بالماء في رمضان بسبب شدة الحر سواء كان ذلك بالوضوء أو بصب الماء على الرأس أو البدن، وقد كره بعض العلماء ذلك، والراجح عدم الكراهة لماثبت فيما روى أبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم صبَّ على رأسه الماء وهو صائم من العطش أي: من شدة الحر، وكان ابن عمر يبل الثوب ويلفه عليه وهو صائم.

وينبغي أن يُحمل قول من قال بالكراهة على حالة التضجُّر، وهذا ما يدل عليه تعليلهم للكراهة، والله أعلم.

هل يجوز للمرأة أن تستعمل حبوب منع الدورة الشهرية أو تأخيرها لأجل الصيام؟

تحرص بعض النساء على أن تصوم مع العامة في رمضان، وتلجأ في سبيل ذلك، إلى تأخير الدورة الشهرية ، وقد أفتى بعض العلماء المعاصرين بالجواز بشرط ألا يؤدي ذلك إلى ضرر أو مضاعفات ، وهذا يُرجح في تقديره إلى أهل الاختصاص الثقات.

والذي أراه أن هذا يُكره لها لغير سبب كالحج والعمرة ، ذلك أنها في الحج أو العمرة قد لا تستطيع أن تتأخر أو تؤخر القافلة ويلزمها الطواف، والشرع يمنعها من الطواف في حالة الحيض، فلها أن تلجأ إلى هذا، أما في حالة الصيام فإن الله تعالى قد رخَّص لها الفطر للعذر، وتقضي بعد ذلك ، ولجوؤها إلى مثل هذه الحبوب قد يشعر بالإعراض عن الرخصة أو كراهة الأمر الذي قدره الله تعالى عليها في الدورة الشهرية، فإذا ما أضيف إلى هذا أن هذه الحبوب تؤدي إلى اضطرابات في الدورة تظهر فيما بعد فإن الكراهة تترجح هنا، والله أعلم.

هل يجب قضاء رمضان لمن أفطر بغير عذر؟

ج: ذكرت آيات الصيام وجوب القضاء لمن أفطر بعذر إن كان من أهل الصيام، ولم تذكر من أفطر بغير عذر، فهل يعني هذا أن المفطر بغير عذر ليس له قضاء؟

ذهب بعض الفقهاء إلى ذلك، وتمسك بعضهم بالحديث:« من أفطر يوماً في رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صوم الدهر كله وإن صامه». رواه البخاري تعليقاً بصيغة التمريض، ورواه أبو داود والترمذي.

ولكن الراجح عندي ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وهو أن هذا الإنسان مطالب بالتوبة والقضاء لعموم قوله عليه الصَّلاة والسلام :« دَيْن الله أحقُّ بالقضاء».رواه البخاري، وهذا واجب تعلق بذمته.

ويُحمل الحديث الأول على الترهيب والتنفير من الفطر في رمضان، والله أعلم.

ما حكم الصَّلاة إذا كان الإمام يصلي التراويح مثلاً والمؤتم يصلي فريضة أداء أو قضاء؟

ج: منع بعض الفقهاء اقتداء المفترض بالمتنفل بناء على قاعدة مستقرأة، وهي أنه لا يجوز اقتداء الأقوى بالأضعف إلا حيث ورد الدليل كإمامة المتيمم للمتوضئ والماسح للغاسل.

ولكن الراجح هو جواز اقتداء المفترض بالمتنفل لثبوت ذلك في قصة إمامة معاذ بن جبل رضي الله عنه بقومه بعد أن يصلي العشاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا شك أن صلاته الثانية نافلة، والله أعلم.

ولذا نقول: لو جاء متأخر إلى المسجد والناس في صلاة التراويح، ويريد أن يصلي العشاء فله أن يقتدي بإمام التراويح وينوي هو العشاء، فإذا سلم الإمام يتم صلاته.

وهذا خير من أن تقام جماعة أخرى في المسجد وتؤدي إلى التشويش على الإمام والجماعة، والله أعلم.

* * *

 

 


التعليقات