إجهاض المغتصبة

نص الاستشارة :

اغتصبت امرأة متزوجة وحملت وزوجها مغترب وإذا علم أهلها سيقتلونها، علمًا بأنّ لها 3 أطفال، وطلبت مني كتابة دواء مجهض لها وقد مرّ شهرين على الحمل، هل يجوز أن أكتب لها الدواء أم لا؟

الاجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، أمّا بعد

الجنين في رحم أمّه حملٌ متخلّقٌ أو آيلٌ إلى التخلّق، وقد حفظت الشريعة الإسلاميّة للجنين حقّ الحمل والولادة والحياة، وهي حقوقٌ للأطفال الأجنّة لا يعرفها العالم الغربيّ الذي يقتل في كل عام ملايين الأطفال الذين تحمل بهم أمّهاتهم سفاحًا لأجل شهوة عابرة، فتقتل نفسٌ كان أولى أن تكون في خدمة البشرية، وهي تستحقّ الحياة الكريمة السويّة بين أبوين، يجتهدُ كلٌّ منهما في أداء واجبه تجاهها.

والعالم الذي لم يحافظ على هذه النطفة، وقتل بتشريعه جواز الإجهاض في أكثر مراحل الحمل ملايين الأطفال في السنوات الأخيرة لا يرعى حقوق الإنسان الجنين ولا يهتمّ بها.

ولذا فقد حرّمت الشريعة الإجهاض ومنعت منه، واختلف الفقهاء في الوقت الذي يحرم فيه الإجهاض: أهو من أوّل لحظات الحمل؟ أم هو بعد أربعين يومًا، وهو القدر الذي ورد في الحديث أنّه يتخلّق بعده؟ أم هو بعد مائة وعشرين يومًا، وهو القدر الذي بلغنا أنّ الروح تنفخ عنده؟ فلا خلاف في حرمة الإجهاض بعد مائة وعشرين يومًا، وقول الجماهير حرمة الإجهاض بعد أربعين يومًا، وهو الذي يفتى به، فلا يجوز الإجهاض بعد الأربعين إلا لعذر طارئ شديد؛ كالخوف على الأم أو الخشية من الضرر الشديد للأحياء بسبب هذا الجنين، وذلك يُعرف بالطبّ.

لكنّ كثيرًا من العلماء المعاصرين نظروا في حال المغتصبة الحامل نظرًا مختلفًا عن النظر في أصل إجهاض الجنين رفقًا بمشاعرها واهتمامًا بإنقاذها من ألم الاغتصاب الذي سيجول بخاطرها كلّما رأت هذا الطفل، وأفتت بعض المجالس والمجمّعات الفقهيّة ودور الإفتاء بجواز الإجهاض للمغتصبة في خلال المائة وعشرين يومًا.

وينبغي لك أن تتأكّد من أنّها مغتصبةٌ، وهذا لا يتحقّق عادة إلا بقضاء القاضي لا بعمل الطبيب، فإنّ سؤال المرأة وإخبارها أنها اغتصبت ليس إثباتًا، ولذا فلا يجوز أن تبني الحكم بناء عليه، فإن تيقّنت من كونها مغتصبة فيجوز الإسقاط في هذا الوقت.

والستر على العاصي التائب مطلوب شرعًا، لكنّ الستر على العاصي غير التائب من المشاركة في الإثم، فإن كان في هذا الإجهاض مساعدة لها على الاستمرار في الزنا والعياذ بالله تعالى فتكون شريكها في إثمه، لذا وجب عليك أن تتيقّن من أنّها مغتصبة تائبة لا تنوي الرجوع إلى الزنا إن أجهضت، حتى لا تشاركها الإثم بسبب فعلك هذا.

والله أعلم.


التعليقات