هل تعدي الأمراض بطبعها؟

نص الاستشارة :

ما الحكم في من ظن أن الأمراض تعدي بطبعها بإذن الله تعالى بمعنى أن الله تعالى جعل من عادتها الانتقال؟ أعلم أن الجاهليين اعتقدوا أن العدوى تحدث بطبعها دون إذن الله عز وجل، ولكن سؤالي عن اعتقاد أنها تنتقل بطبعها ولكن بأمر الله تعالى أي أن الله تعالى جعل من عادتها الانتقال؟

الاجابة

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

خلق الله تعالى الأسباب، ولكنّه لم يخلق فيها القدرة على التأثير الذاتيّ، ولذا فقد ضلّ قوم اعتقدوا أن الأسباب مؤثرة بذاتها بإجماع علماء أهل السنة

وفي السؤال نوع تناقضٍ، إذ لا يُتصوّر أن تكون معدية بطبعها، ثمّ يُقال: بإذن الله تعالى، فالأصل أن تكون الأمراض إما معدية بأمر الله أو بطبعها، أما أن تكون معدية بالطبع ثم نضيف إليه قيد (بإذن الله) فهذا نوع تناقضٍ.

وقد يقال إنّ كلّ ما يجري في هذا الكون فهو بأمر الله تعالى، فكلّ طبعٍ هو بإذن الله أيضًا، فنقول: إنّ الله ما جعل الأمراض معديةً بطبعها، بمعنى أنّها تعدي دائما، فكم من صحيح مخالطٍ لمريضٍ مرضًا معديًا، ولم تصبه عدوى، ولا مرِضَ؟ فهي إذا معدية بإذنه وإرادته لا بطبعها.

وهذا القول

وهذا القول يشبه قول المعتزلة في هذه المسألة فقد ذهبوا إلى القول بأنّ الأسباب فيها قوّةٌ مودعةٌ فيها، فهي تؤثّر بالقوّة التي أودعها الله تعالى فيها، ولا يصحّ هذا الفهم، وقد قال العلماء في رصد المذاهب غير مذهب أهل السنة:

ومن يقل بالطبع أو بالعلةِ    فذاك كفرٌ عند أهل الملةِ

ومن يقل بالقوّةِ المودعةِ      فذاك بدعيٌّ فلا تلتفتِ !

 ويكفي دليلا على بطلان أنّ الله خلق في الأشياء قوة أودعها فيها أنّها قد لا تؤثّر أحيانا كما في إحراق النار لسيدنا إبراهيم وغير ذلك من المواضع، وأن الأمراض قد لا تعدي، وهو كثيرٌ، وفي هذا التصور توجيه إلى الاعتماد على الأسباب، وإبعادٌ عن التوكل على الله مسبّبها، وتعطيل لمعنى طلب الحول والقوة من الله تعالى، وإنكار لمفهوم قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: "لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة" ولم يعد هناك حاجة للاستعانة بالله على الشبع والشفاء غيرها من المطالب، بل يكفي أن نسأل الأشياء ذلك كله ! ، بل نشكر الأسباب التي أورثتنا الشبع، وشفتنا! وفي هذا القول من البطلان ما لا يخفى

والله أعلم

.


التعليقات