الدعاء والقضاء والقدر

نص الاستشارة :

دعوت الله بأن يصلح لي مشكلة لي في الدنيا كنت السبب في وقوعها بسبب بعض المشاكل النفسية و لم تحل المشكلة، مع العلم أنني ألححت في الدعاء و اتخذت الاسباب لحلها. فهل من الخير لي ان لا تحل؟وهل هي من قضاء الله و قدره؟

الاجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

أخبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ الله تعالى يستجيب دعاء المؤمن؛ لكنّ ممّا لا يعلمه المؤمن كيفيّة استجابة دعائه، فقد يكون الله استجاب الدعاء بأن صرف عنك من السوء بقدره، وقد يكون استجابه بأن ادّخر لك ثوابه وما فيه من الأجر إلى الآخرة، وفي ذلك من الثواب أضعاف ما في هذه الدنيا، وقد يكون استجابه بأن حققه فعلا كما طلب الداعي، وهذه أقلّ أحوال الإجابة، ولا ينبغي للمسلم أن يحسبها أتمّ أحوال الإجابة وأكملها.

وقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم في الحديث المتّفق عليه: (يُستجابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ: يقُولُ قَد دَعوتُ رَبِّي، فَلم يسْتَجبْ لِي). متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: (لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ).

وقد قال ﷺ: (مَا عَلى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّه تَعالى بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّه إِيَّاهَا، أَوْ صَرَف عنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَم يدْعُ بإِثْم، أَوْ قَطِيعَة رحِم، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللَّه أَكْثَرُ)؛ أي: الله أكثر استجابة وأكثر كرما وجودًا وأكثر فضلا وعطاء مما تطلبون مهما ظننتم أنّكم أكثرتم.

وليعلم المسلم أن اختيار الله تعالى له خير من اختياره لنفسه فعليه بالرضا بقضاء الله تعالى وقدره، واليقين أنّ الخير كلّ الخير فيما تحقق له، وليصبر فيما يحسبه شرًّا وسوءا، وليشكر على ما يحسبه خيرًا ومكسبًا، فذلك كلّه امتحان وابتلاء.

والله أعلم 


التعليقات